مبادرات إماراتية نوعية لحفظ الإرث الثقافي في اليمن
في إطار فهمها العميق لدور المؤسسات الثقافية في حفظ ذاكرة المجتمعات وصون موروثها الفكري وتنشيط الحراك الثقافي فيها، قامت دولة الإمارات بتبني مشاريع كاملة لتأهيل مرافق ثقافية في اليمن طالتها يد الحرب بالدمار والخراب.
ومن أهم المبادرات الثقافية التي أطلقتها الإمارات لبث الحياة في المنابر الثقافية اليمنية خطتها السريعة والمتواصلة في ترميم مبنى المكتبة الوطنية في مدينة عدن الذي يعد صرحا ثقافيا مهما في اليمن لحقه التدمير خلال الحرب التي شنها المتمردون الحوثيون والمخلوع علي عبدالله صالح على عدن وأدت إلى إغلاق المكتبة بشكل كامل.
وكانت خطوات المبادرة التي أطلقتها في ابريل/نيسان الماضي الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة تتمثل في ترميم المبنى نفسه من الناحية الإنشائية وإعداده من الداخل بتجهيزات مكتبية وفنية والأهم من هذا دراسة مدى الضرر الذي لحق بالمادة الثقافية والتأريخية التي كانت بحوزة المكتبة وما إذا كانت تضررت جراء الحرب.
وتعد هذه الخطوة الأهم حيث سيتم حصر المراجع والوثائق والكتب والمؤلفات من أجل معرفة الخسائر التي لحقت بها.
وتقع مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لترميم أبرز المكتبات في اليمن ضمن مبادرة إنسانية شاملة تتضمن جملة من المشاريع الرامية إلى تأهيل المرافق الحيوية والبنية التحتية في اليمن ودعم عملية التنمية وتجاوز الظروف الراهنة.
ويعد المشروع الذي قامت به الإمارات لخدمة الثقافة بإعادة الروح لإحدى أقدم المكتبات في اليمن إنقاذا لشاهد ثقافي على ثقافة عدن، إذ تقع المكتبة التي بنيت في عام 1980 في قلب مدينة كريتر القديمة وتطل على أحد أهم الشوارع الرئيسية التي تتميز بأبنيتها القديمة والتاريخية وبفنها المعماري الأصيل.
فترميم الصرح الثقافي الأبرز في عدن يساهم في إحداث نهضة ثقافية في اليمن حيث تعد المدارس والمعاهد والكليات والمؤسسات المعرفية والإبداعية والفكرية الأخرى مختبرات للحراك الفكري وبيئة ملائمة للحفاظ على التراث وتلبية احتياجات الباحثين والدارسين من مختلفة الأعمار والمعارف.
ويترجم هذا المشروع النوعي مشاعر الإمارات الإنسانية تجاه اليمن ورؤيتها الثقافية لدور المكتبة الوطنية في صون الموروث العلمي والأدبي والإبداعي للشعب اليمني، إضافة إلى كون المكتبة مؤسسة وطنية تعكس الثقافة اليمنية بعمقها الحضاري وانفتاحها على العالم، وكونها أيضا وعاء لحفظ ذاكرة الدولة وتنشيط العمل الثقافي.
وتضيف مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك بعدا آخر لجهود الإمارات في مساندة الشعب اليمني في ظروفه الصعبة وإعادة الاهتمام بصرح تنويري في المجتمع اليمني الذي يتطلع للسلام والاستقرار وإنهاء الصراعات.
وكانت المكتبة قد أطلقت قبل الحرب مشروعا ثقافيا مدته خمس سنوات تحت شعار “معا لنقرأ من أجل أن نبني المستقبل” من أجل التشجيع على القراءة وغرس مفهومها في نفوس المواطنين لكن الحرب أوقفت المشروع، ويأمل القائمون على المكتبة أن تستأنف خطتها بعد الترميم والتأهيل.
ويذكر أن المكتبة استعادت نشاطاتها في استقبال القراء والمراجعين والباحثين منذ نهاية العام الماضي بعد انتهاء عمليات الترميم والتأهيل، وأضاءت من جديد خطواتها في بث الحياة الثقافية في عدن بجهود الإمارات ومبادراتها الإنسانية العميقة.
وثمن العديد من مثقفي اليمن مبادرة الإمارات في ترميم المكتبة، لافتين إلى أن الإمارات تعمل على إصلاح ما خربته القوى الهمجية من البنية التحتية لمدينة عدن، منوهين بالعلاقات الأخوية المميزة بين الشعبين الإماراتي واليمني.
وعبر كتاب يمنيون عن افتخارهم بإعادة تأهيل المكتبة الوطنية التي تعد الرئة النابضة للمثقفين في عدن ورمزا تاريخيا من رموز المدينة.
ويعد مشروع الترميم الذي قامت به الإمارات رسالة حضارية تصوغ الكثير من معاني المسؤولية الإنسانية والثقافية تجاه موروث الشعوب العربية وإشارة قوية إلى أن الثقافة هي السد المنيع في وجه القوى الهادمة والتخريبية.
(ميدل ايست اونلاين)