النقاد العرب في مواجهة مع ‘البوكر’ بالعدد الجديد من ‘الجسرة الثقافية’

مصطفى عبدالله
مع مطلع إبريل/ نيسان 2017 يصدر العدد الجديد من مجلة “الجسرة الثقافية” عن نادي الجسرة الثقافي بالدوحة، وأيقونة هذا العدد، الفيلسوف ابن رشد الذي تتصدر صورته غلاف المجلة وهي تشهد طفرة تحريرية تتناغم معها قفزة في تصميم الصفحات والإخراج الفني الذي يتولاه المصمم الهولندي، المنحدر من أصول عراقية، محمد حياوي.

وتفسح “الجسرة الثقافية” صفحاتها لمد جسور التواصل مع الآخر، وتسعى للتعرف على علاقة المبدع العربي بالأمكنة التي يحيا فيها، مختارًا أو مجبرًا.

في افتتاحية هذا العدد كتب إبراهيم خليل الجيدة، رئيس مجلس إدارة نادي الجسرة: “لم أتوقع، قط، كل هذه الحفاوة من القارئ العربي، من الماء إلى الماء، بـالجسرة الثقافية، بمجرد صدورها مع مطلع العام الجديد في ثوب لفت إليها العيون بعد هذا التحديث الذي شمل قطع المجلة وشكلها ومضمونها الذي أصبح يعنى، في المقام الأول، بمحاولة فهم الآخر ومد الجسور نحوه كي نفهمه ويفهمنا، في الوقت ذاته الذي نتأمل فيه الواقع من حولنا لرصد أحواله ومتغيراته وتأثيره في الإبداع والمبدعين، والأخذ بيد القارئ لارتياد آفاق العلوم،، في ذات الوقت الذي نقدم له فيه متعة العقل، وزاد الوجدان عبر الاستمتاع بتجليات الفنون المختلفة، دون نسيان أهمية الرحلة لتوضيح علاقة المبدع بالمكان الذي يعيش فيه، برضائه، أو رغمًا عنه.

وفي هذا العدد، الذي بين أيدينا، يكتب الدكتور شريف مليكة، الروائي والطبيب العربي المقيم في أميركا منذ نحو ثلاثين عامًا عن تجربته مع الانتخابات الأميركية بمناسبة فوز دونالد ترامب في أشرس معركة لدخول البيت الإبيض.

ومن لندن يكتب الدكتور عبدالرشيد الصادق محمودي، صاحب رواية “بعد القهوة” الفائزة بجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب، دراسة عن غربة الفلسفة الإسلامية، تحت عنوان “قصة أندلسية أوروبية”، متسائلًا عن فلاسفة الأندلس الثلاثة ولماذا كانوا يتفلسفون وظهورهم إلى الجدار؟ وكيف خطرت مثل هذه الأفكار عن رعاية البيئة لفيلسوف عربي عاش في القرن الثاني عشر؟ ولماذا وجد الأوروبيون في شرح ابن رشد على أرسطو ما يبرر اتهامه بالكفر؟ وهل صحيح أن ابن رشد أيقظ في نفوس الأوروبيين مخاوف وكوابيس كانت كامنة، فعدوه شيطانًا رجيمًا؟

واحتفالاً باليوم العالمي للّغة العربية نطير مع الدكتور أحمد درويش إلى أندلس المشرق، وفردوس القوقاز، لقضاء سبعة أيام في أذربيجان لندرك كيف تتنفس الأمم هويتها وهي تستعيد حضارتها، في الوقت ذاته الذي يفتح فيه محمد حياوي نافذة على النحات الآذري الأشهر عمر ألداروف صاحب نصب ابن سينا الذي يرتفع في قلب العاصمة باكو، ويعتبر ظاهرة فنية في آسيا.

ومن باكو إلى مراكش.. المدينة الخضراء التي يسميها المغاربة “الحاضرة البستان” نتجول بصحبة ابنها الروائي ياسين عدنان الذي يستهل الرحلة بقوله: “مثلما هنالك أطفال يولدون وفي أفواههم ملاعق من ذهب، هناك مدن تُبنى لتتوّج عواصم في المهد. كذلك حال مراكش. فالمرابطون اختطّوا المدينة سنة 1062 ليحكموا منها ليس المغرب وحده، بل بلاد الغرب الإسلامي كلها. فمراكش كانت عاصمة لإمبراطورية مترامية الأطراف تمتد من وسط شبه الجزيرة الإيبيرية حتى نهر السنغال، أو بلُغةِ ذلك الزمان، من الأندلس حتى بلاد السودان.

وننبه على صفحات هذا العدد إلى أن العام 2017 يشهد حلول مئوية ميلاد البشير خريف أبي الرواية التونسية، وذلك من خلال نشر مقال بقلم الناقد التونسي البارز الدكتور محمد آيت ميهوب، يشير فيه إلى أنّ هذه المناسبة ستتّخذ في تونس بعدًا وطنيًا احتفاليًا وستشحذ همم الباحثين الأكاديميّين والنقاد ومؤرّخي الأدب للعودة إلى تراث الرجل في الرواية والقصة القصيرة والمسرح.

ومع خضير فليح الزيدي نطرق “الأبواب” لندرك أن ثمة أبوابا كثيرة نعرفها؛ باب يفتح مرة واحدة في العمر ليستقبل الولادات الوافدة يسمى “باب الحياة”، ومثله “باب القبر” يواري الجثة المغادرة لمرة واحدة فقط،، وباب يفتح أول المساء هو باب بائعة الهوى/ باب الملهى، وباب يفتح فجرًا هو باب فرن العيش، والباب الذي لا يغلق على مدار الساعة هو باب المطار، أو محطة القطار/ مستشفى الطوارئ/ مركز الشرطة/ باب الفندق، بينما ثمة أبواب تفتح في المناسبات كأبواب المتنزهات، وباب السجن المركزي. والباب الهائل الأخير الذي يُفتح مزمجرًا ليستقبل سجينًا، أو يودع سجينًا قضى نحبه في المحاجر الباردة!

وإذا كان الناقد المعروف الدكتور حسين حمودة يتساءل في مقاله عن سر غيبة النقد فإن “الجسرة الثقافية” تحاور شيخ النقاد الدكتور محمد عبدالمطلب، الفائز بجائزة الملك فيصل العالمية في دورتها الأخيرة، وهو يجزم بأن “البنيوية” حولت النص الأدبي إلى نص لقيط، وأن “الأسلوبية” عند “الجُرجاني” أدق من الأسلوبية الوافدة، وأن كتاب “المسدي” عن الأسلوبية ليس أكثر من ترجمة، وأن “أدونيس” ارتكب أكبر جناية على الثقافة المصرية، وفي هذا الحوار، الذي أجراه باحث الدكتوراه محمد عبدالرحيم الخطيب، يعترف عبدالمطلب بأننا نبدأ مراحل النقد عندنا بعد موت نظرياتها في الغرب.

ويقدم الكاتب أحمد رجب شلتوت متابعة لأحدث مؤتمر دولي يطرح السؤال: الإستشراق.. وسيلة حوار.. أم رأس حربة في المواجهة بين الشرق والغرب؟ منبهًا إلى أن لدينا تيارًا يرفض الاستشراق، جملة وتفصيلًا، ويُدِينُ أعمال المستشرقين وكِتاباتهم ويصفها بأنها كرست النَّزْعَةَ الاستعمارية في الغرب.

وتفرد “الجسرة الثقافية” ساحة النقاش في هذا العدد لتقييم تجربة جائزة البوكر للرواية العربية لمعرفة أسباب خلاف الكثيرين من الروائيين والنقاد العرب مع ما تصدره من أحكام.

وترصد الدكتورة مسعودة لعريط التجارب الروائية النسوية في الجزائر موضحة أنها تراوحت بين الجسد والتمرّد من جهة.. والوطن وحلم التغيير من جهة اخرى.

ولأننا نؤمن بأهمية التسلح بالعلم في التطلع إلى المستقبل خصصنا باب “أدبيات العلوم”، نتعرف من خلاله، في هذا العدد، على مخاطر العبث بالمناخ.

ويكتب لنا الروائي السوري نبيل سليمان عن البداوة في الرواية، ومن فرنسا يتتبع الروائي التونسي البارز أبو بكر العيادي تاريخ جائزة الجونكور من وثائقها وكواليسها، فيما يتناول الروائي المصري إبراهيم عبدالمجيد أحوال جوائز الدولة في مصر.

وتحرص “الجسرة” على تقديم غذاء ممتع للعقل من خلال تأمل مربعات الكلمات المتقاطعة التي تقتصر على المعلومات الأدبية والفنية، كما تصحبه في جولة لاكتشاف مواقع ثقافية فريدة وممتعة على شبكة الإنترنت.

ويقدم الشاعر أحمد فضل شبلول تقريرًا عن تهميش الأديب يحيى الطاهر عبدالله في ليلة تكريمه بمؤتمر المنيا.

وفي مناسبة مرور120 عامًا على ميلاد موسيقار الأجيال ننشر دراسة للكاتب ناصر عراق حول محمد عبدالوهاب وكيف تألق الشعر على أوتار عوده.

ويكتب الأديب حميد الربيعي عن المرأة .. حير الكتابة، ويتوقف الدكتور حسن رشيد، مدير التحرير، أمام الشارقة.. المدينة التي لا تنام.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى