عرب نوبل
ملكون ملكون
عندما تتجول في ستوكهولم القديمة ستُستفز ذاكرتك بلا استئذان بصور حارات الشام العتيقة والقاهرة القديمة، الحارات والأزقة الضيقة المرصوفة بالحجر، والمحلات التجارية التي تبيع الألبسة والهدايا والتحف التذكارية البسيطة عن السويد وتراثها.
وعلى الجانبين تبدو الأبنية قريبة وتكاد تتلاصق بشرفات صغيرة وضيقة كأنها صمّمت لتمتد الأيدي منها وتتبادل التحية وقهوة الصباح بكثير من الحرارة والألفة التي تبدد برد الشتاء وثلوجه.
ومع نهاية الأزقة هذه تنداح الصورة على ساحة عتيقة يتصدرها متحف نوبل الذي تم اختيار موقعه بعناية ودقة ليرتبط بالعراقة ويتكئ على جدران القصر الملكي الواقع خلف المتحف. وللعرب حصتهم في متحف نوبل ومكانتهم المميزة التي توثق انجازاتهم وإبداعاتهم.
زويل
ما حققه العالم المصري أحمد زويل كان سابقة في حكاية العرب مع نوبل وجوائزه، لأن زويل هو العربي الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل في مجال الكيمياء عام 1999 تقديراً لأبحاثه الرائدة في مجال كيمياء الفيمتو.
زاوية خاصة خصصت لزويل في المتحف تتضمن المعدات والأدوات التي عمل بها ليصل إلى اكتشافه المذهل، إضافة إلى ورقة بخط يده من مسودات العمل تضج بأرقام وكلمات ورموز علمية، وإذا أردت أن تشاهد الفيمتو فما عليك إلا الضغط على زر في أسفل الخزانة المخصصة لزويل لتتحرك الأجهزة وتضيء الأزرار وتنتقل ألوان الطيف بسرعة كبيرة.
محفوظ
كما كان زويل أول العرب الحائزين على نوبل في مجال الكيمياء، فقد سبقه مواطنه الروائي الكبير نجيب محفوظ إلى الفوز بجائزة نوبل للآداب عام 1988 وكانت هذه نوبل الأولى في تاريخ الأدب العربي. لكن غياب محفوظ عن حفل تسلّم الجائزة وتكليفه ابنتيه فاطمة وأم كلثوم باستلام الجائزة بدلاً عنه لم يترك مجالاً لمنظمي المتحف ليقتنصوا منه شيئاً يعبر عن بعض التفاصيل الصغيرة في طريق فوزه بالجائزة.
على أن السويديين لا يعرفون اليأس لذا فقد عرضوا في مخزن بيع التذكارات في المتحف أوراقا لنص كلمة محفوظ في حفل تسلم الجائزة والتي ألقاها بالنيابة عنه محمد سلماوي.
كرمان
السلاح الذي كانت تمتشقه الصحفية اليمنية توكل كرمان في دفاعها عن نضالها السلمي لحماية المرأة وحقها في المشاركة في صنع السلام، مكبر الصوت اليدوي انتقل من فضاءات اليمن إلى خزانة تحفظه للتاريخ في متحف نوبل بستوكهولم.
توكل كرمان هي أول امرأة عربية تفوز بجائزة نوبل، وقد حصلت على نوبل للسلام عام 2011، وذلك بالاشتراك مع الرئيسة الليبيرية إلين جونسون، والناشطة الليبيرية ليما جوبوي.
الرباعي التونسي
أخر العرب الفائزين بجائزة نوبل كان الرباعي الراعي للحوار في تونس بعد الفوز بجائزة نوبل للسلام عام 2013، وتكوّن هذا الرباعي من الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين.
من هذا الرباعي يُبرز متحف نوبل الوثيقة التي أسست لعمل رباعي الحوار التونسي بتوقيع الجهات الأربع المكونة لهذا التحالف السلمي وذي الأهداف النبيلة.
جوائز أخرى
يبقى ثلاثة من الفائزين بجائزة نوبل من العرب وهم الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات الذي نال كأول سياسي عربي جائزة نوبل للسلام عام 1978 والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عام 1994، والرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية المصري محمد البرادعي الذي نال جائزة نوبل للسلام عام 2005.
لكن لا يوجد في متحف نوبل ما يشير إلى هؤلاء الثلاثة مما أثار تساؤلاتنا التي توجهنا بها إلى المسؤولة الإعلامية في المتحف هيلينا فاليمو التي أوضحت قائلة “لا يمكن للمتحف أن يضمّ التفاصيل المهمة في حياة الفائزين جميعهم وفي مختلف مجالات الجائزة، لذلك تجد أننا، في مجال جائزة نوبل للسلام خصوصاً نركز فيها على الإنجازات المتفردة واللافتة للانتباه كما حدث مع اليمنية توكل كرمان والباكستانية ملالا والرباعي التونسي للحوار. بالطبع هذا الأمر لا يقلل من قيمة وأهمية باقي الفائزين بالجائزة لكن الأمر متعلق بالأولويات والنهج الذي يتبعه القائمون على متحف نوبل.
(العرب)