صرخات الأنثى المقهورة في رواية “رجل واحد لا يكفي”
![](/wp-content/uploads/داليا-سامي.jpg)
خاص (الجسرة)
السيد الزرقاني
– ” الحياة لا تقف على أحد …..العادات والتقاليد والمجتمع والناس وكلمة عيب تقتل بداخلنا الكثير من الصرخات”
– لقد جاءت رواية ” رجل واحد لا يكفي ” للكاتبة المصرية “داليا سامي” الصادرة عن دار الجمل للطبع والنشر في حوالي 184 صفحة لتؤكد أن هناك لونا آخر من الإبداع النسائي برعت فيه الكاتبة هو أسلوب الكتابة في صيغة الحوار الدائم بين شخصين وإن كان أحديهما في كل الحوارات هي البطلة “مريم ” التي استخدمتها الكاتبة أحسن استخدام في التعبير عن قضية من أخطر القضايا في حياة كل إمرأة متزوجة وتحمل داخلها صرخات مكبوتة خوفا من الأعراف والعادات والتقاليد التي توارثها الأجيال عبر المجتمع الشرقي الذي فرض مجموعة من المحاذير علي كل أنثى مهما كانت ثقافتها أو حتى درجة تعليمها ،ظهرت براعة الكاتبة في تحريك البطلة أمام الكاميرا في إعداد جيد لمسرح الحوار والظروف المحيطة به ،اعتمدت الكاتبة على استخدام اللغة العامية وكانت تدرك أن ذالك أبسط الأمور للوصول الي فهم كل الطبقات داخل المجتمع ولم تلجأ إلى استخدام اللغة الفصحى إلا قليلا جدا مما أضاف إلى الرواية تميزا من حيث اختيار اللغة العادية المتداولة بين الجميع ، من العتبة الأولي التي استخدمتها الكاتبة كانت نقطة الانطلاق إلى جوهر القضية التي نجحت في سرها بشكل بسيط أضاف اليها ولم يقلل من تلك الطاقة الإبداعية لدي الكاتبة التي حملت علي نفسها في أن تكون متميزة في هذا اللون من الكتابة بين العديد من الكتاب والروائيين ، رغم أن كثيرا من المدارس النقدية لا تعطي هذا اللون العامي من الكتابة سواء شعر أو قصص أو رواية إي نوع من الاهتمام ، رغم ان الأدب والتراث الشعبي العربي عامة والمصري خاصة يحمل لنا الكثير من هذا اللون الإبداعي وكان له الفضل في الحفاظ علي كثير من التراث الحضاري الأدبي العربي ، ولذلك أؤكد أن تلك الرواية هي رسم إبداعي لواقع مرير تعيش فيه المرأة العربية في كل المجتمعات من المحيط الي الخليج وأن الكاتبة كانت بما تملك من براعة في ربط وتطور الأحداث حاضرة بحسها الأدبي رغم عامية اللغة في البداية كانت الانطلاقة الأولي من البيت ، أي أن كل أسرار المرأة خلف تلك الأبواب المغلقة كان الحوار آسر بين البطل والبطلة مثل أي بيت حتى تضعنا أمام تلك العلاقات المتعددة التي تؤدي حتما إلى إفساد تلك العلاقة المقدسة بين الرجل والمرأة حيث هذا الحوار المرتبك الذي يزرع الشك بينهما ص 14 “في الطريق رن تلفون فريد أكثر من مرة وهو مش عاوز يرد لغاية ما الموقف استفز مريم
-مريم باستغراب شديد جد”ايه يا فريد مش عاوز ترد ليه علي التلفون
– فريد ( يرد بارتباك وكلام مش مرتب )عادي ياروحي دا رقم غريب وممكن يطلع كمين من الشغل وحد ويستهبل عشان ارد
– مريم واية المشكلة ما يمكن حاجة مهمة في الشغل ……….هات وأنا ارد ……….اخدت التلفون الو
– المتصل (صوت نسائي مايع ) فيري حبيب قلبي صباح الفل ”
– وتطور الاحداث بين البطلة والشخصيات العابرة في الرواية وأن كانت كل شخصية قد أضافت بعدا اجتماعيا مؤثر في تشابك الأحداث وتطورها بالشكل الذي أدى إلى إضافة قيمة ابداعية عند الكاتبة حيث نجد المدير ونظراته الدائمة إلى مريم في العمل وحديثه الناعم إليها في لحظات الخلوة بينهما ، وتلك العلاقة المتشعبة بين زميلاتها رهام وعمر ايضا تضيف إلينا البعد الاجتماعي في قضايا الارتباط والزواج والتكافؤ ، العلاقة غير السوية بينها وبين زوجها فريد التي كانت لها قيمة في بداية الزواج ثم تحولت الي مجرد عادة ارضائية فقط دون متعة أو استمتاع منهما ، لعدم الإنجاب ومرور الزمن بينهما وضياع حلم الامومه بالنسبة لها والأبوة بالنسبة له ، مما خلق الصرخة الأولى في قلبها الضعيف وأحست أن أنوثتها في الطريق إلى الاندثار في هذا الصمت المريب في علاقتها مع يوسف ،حاولت الخروج من هذا الكبت الاجتماعي مرة في النادي مرة في حفلات الزواح للأصدقاء مرة أخرى في الحفلات الموسيقية وفي كل مرة تأتي إلينا الكاتبة بشخصية جديدة تضيف بعدا سرديا في الرواية فنجد “فادي ” ذلك الشاب الذي حاول التقرب من مريم ولو بمجرد أنها صديقة في العمل وهي تراوده على أنه طفل صغير تحاول أن تمارس معه دور الأمومة في اختيار الملابس والخروج معه في رحلات خارجية أو حتى السهر معه في أماكن عامة ، حتى والد صديقتها الذي حاول التقرب اليها لمجرد أنه لمح أنها غير سعيدة في حياتها وطلب منها ألا تناديه بكلمة “اونكل ” والتجرد من إي فارق للسن بينهما لمجرد حدوث تلك الحالة من الفراغ في حياته بعد وفاة زوجته أم ” ريهام ” حتي تصل إلى تلك الشخصية التي تضغط علي الحرج الأنثوي بداخلها ويفجر فيها تلك الصرخة المداوية وهو “فهد ” الذي أخذها عارية تماما وضغط علي مكامن الوجع فاستسلمت له تماما في مشهد هو الأكثر تاثيرا في إحداث الرواية ص105 ( طبعا فهد ما قدرش يسيب مريم إلا بعد ما أثبت لها أنها كاتمة مشاعر أنوثة جواها وكمان قدر يفك كل عضلة في جسمها وهي كمان من شدة تعبها استسلمت للمسات ايديه اللي كانت محتاجة تحس الإحساس دا ومفتقداه جدا وكان واحدة صايمة في صحراء وجلها واحد معاه ميه واكل وللحظات كانت ما بين المقاومة والاستسلام وحاولت تقاوم مرة واثنين بس مقدر تش وخصوصا الطريقة الاحترافية اللي اتعامل بيها فهد مع مريم لحد ما استسلمت ……..ومش بس كدا ، دي عملت معاه لدرجة انها عملت كل حاجة كان نفسها تعملها مع فريد سواء بالكلام أو بالفعل لحد ما وصلت لقمة المتعة معاه اللي عمرها ما وصلتلها اصلا مع فريد لدرجة انها استغربت المشاعر اللي اول مرة تحس بيها ) ص107 حوار صارخ بينها وبين فهد حيث قال لها (بس اقوللك انتي لو مصلحتيش علاقتك الجنسية مع جوزك هاتيجي تاني وتالت
– مريم (مستجيل اجاي تاني )
-فهد (ح تيجي يا مريم …عارفة لية عشان انت ارتاحتي لانك دوقتيها هنا معي )
– كانت الصرخة داخلية أصبحت علانية في حياة مريم وكانت الكاتبة عبقرية حين ربطت الأحداث الدرامية في عمق الرواية بتلك الخيانة الزوجية من جانب فريد واكتشافها من جانب مريم وكانت الصرخة مدوية من جانب مريم أنها قررت الخيانة العلنية مع فهد في شقته برغبتها هي وهنا يأتي صوت العقل من الشخصية الأخرى “فهمي حين أحس بتلك النظرة التأنيبية من جانبها فيما أقدمت عليه وحدثها عن صوت العقل قبل طلب الطلاق أن تتحدث مع زوجها بصوت عال وتحاول أن تأتي به إلى مربعا “بيتها ” ، ويحسب للكاتبة أنها تجيد فن السر والحكاء ببراعة في أسلوب اعتمد علي البساطة والمباشرة وإن كانت تفتقد إلى روح المبالغة اللغوية وعبقريتها .