قيامة الطين.. خطاب العالم الآخر

د. علي حسون لعيبي
“قيامة الطين” ديوان يجمع بين مقدسات سماوية ووضعية, فبين القيامة والطين مشتركات. (الانسان) البطل الاساسي للوجود.. وربما أراد قاسم وداي الربيعي، العودة بنا للبدايات النقية والتي تسعى لها مختلف الفلسفات الانساينة في العالم وهي غاية الأديان جميعها.

فغند القيامة يبدأ عالم آخر جديد، حيث المراجعات عما فعل. وهنا تكون الوقفة ضرورية باعتبارها تمثل الحتمية التاريخة الالهية. فكلما نتذكرها يتوجب علينا ان نعتصم بحبل المودة والرحمة والتعايش. لذلك علينا أن نمارس ذلك الفعل الوجداني السماوي حتى يقربنا من بعض البعض.

والطين هذه المادة المقدسة التي تحمل كل التأؤيلات، فمنها خُلق الانسان وعليها تعيش المجتمعات. وقيامة الطين اذا تعني الثورة والانقلاب والتحول والانبعاث نحو عالم آخر ليس فيه شائبة.

عندما أقرأ لقاسم الإنسان والشاعر والمثقف والواعي، أرى ذلك التمرد الذي يبحث عن واقع طبقي عادل، لا يُظلم فيه أحد, فهو منحاز شعوريا ولا شعوريا الى من هم يحملون الحب رغم الوجع, والاستمرارية رغم العوز. هؤلاء قافلة الفقراء أحباب الله في كل زمان ومكان.

قاسم وداي الربيعي شاعر متقد يحمل معاني التجدد والإتقان بأسلوب حداثي، لكن بنكهة جنوبية.

فهو يعتمد المفردة المدهشة المتتفردة والحدث المتفرد أيضا، كما في نص “أوراق سومري”.

الى من رافقتني

من زقاق الى مدينة

التهمت معي وجع الفاقة

سكبت أنوثتها في فمي

فأخضر الحقل

صبية وعصافير.

ويستمر في الوصف حتى نراه ممزوجا بين الواقعية والرمز:

كانت أمي لا تجيد الا..

صناعة المحبة وذرف الدموع

حين شيعوها

كان كفنها ثوبا اسود

قد اشبعته رائحة (العجين).

وهنا نلاحظ الانتقالات المشوقة المصحوبة بأمنيات موجعة.

أنا شخصيا أركز على وعي النص، فكلنا نكتب عن الحب والجمال والمحنة.. الخ.، لكن هناك من يجعلك تركب قاربه حتى يحط بك بوعي استقرائي جديد.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى