متحف الخزف الإسلامي.. تاريخ من إبداع الفنان المسلم

جاءت فكرة إنشاء متحف خاص بالخزف الإسلامي في مصر، لحفظ وعرض مجموعات القطع الخزفية المصنوعة على الطراز الإسلامي الموجودة في مصر، لتكون شاهدا على عظمة وإبداعات الفنان المسلم على مر العصور، حيث جمع المتحف بين العديد من الطرازات المعمارية الفريدة، مثل الطراز الأندلسي والعثماني والكلاسيكي الأوروبي، فضلا عن بعض العناصر المتميزة من الطراز المغربي، حتى يكون من أكبر المتاحف الخزفية على مستوى العالم وأعرقها.

يقع متحف الخزف الإسلامي في مركز الجزيرة للفنون بمنطقة الزمالك، ويحتل الطابق الأرضي والأول من قصر بني أوائل القرن العشرين عُرف باسم قصر الأمير “عمرو إبراهيم”، ويوجد في مدخل المتحف بالطابق الأرضي بهو ضخم شيّد على شكل مستطيل، يضمّ قطعا خزفية سورية، تطل عليه أبواب بقية قاعات المتحف، وتتوسطه نافورة من الرخام تأخذ شكلا هندسيا بزخارف مختلفة ذات ألوان متعددة. أما جدران البهو تأخذ أشكالا مستطيلة، تعلوها زخارف معشقة بالجص المصبوب، وتعلو سقفه قبة ضخمة شيّدت على الطراز المملوكي، يحيط بجدرانها دائريا 16 شباكا من الزجاج الملون، بالإضافة إلى 4 مشكاوات من النحاس توجد في جوانبه الأربعة.

يضم المتحف بين جدرانه مجموعة من القاعات الضخمة، التي تتوسطها قاعة رئيسية تحتوي على نافورة مزدانة بالرخام الملون، تعلوها قبة رئيسية فريدة تتسم بالفخامة، زخرفت بأشكال مختلفة من الرسومات النادرة ذات ألوان متعددة، تحيط بجدرانها مجموعة من النوافذ الكبرى المغطاة بزجاج معشق بالجص، مما جعل هذا التصميم من أبرز معالم العمارة الإسلامية، كما أن هناك كتابات محاطة ببعض الرسومات التي تظهر في تشكيلات متداخلة.

وعن قاعات متحف الخزف الإسلامي، فهو يحتوي على قاعة تُسمى بـ “الخزف الفاطمي”، وأطلق عليها هذا الاسم لكونها مخصّصة لعرض القطع الخزفية التي تعود للعصر الفاطمي، لذلك هي من أهم قاعات المتحف، وتوجد على الجانب الأيمن من باب المدخل الرئيسي للمتحف، بُنيت على شكل مستطيل وزودت بمدخل نصف دائري. ازدانت جميع شبابيك وأبواب القاعة بزخارف إسلامية تتخذ أشكالا عدة، أما جدرانها زخرفت حتى المنتصف ببلاطات تركية متعددة الألوان مثل الأبيض والأحمر، تتخلل كل منها رسومات هندسية تحيط بها زهور صغيرة متعددة الألوان، وتضمّ بدءا من نهاية البلاطات التركي وحتى السقف، زخارف نباتية متداخلة يطلق عليها اسم “أرابيسك”، تنتهي بشريط كتابي بداخله آية قرآنية، وتتوسّط سقفها زخارف دائرية الشكل تُسمى “الطبق النجمي”، وهي زخارف تعود للعصر الإسلامي، يتخللها اسم صاحب القصر “عمرو إبراهيم”.

وتحتوي القاعة في المنتصف على منضدة مصنوعة من الرخام، كانت مخصّصة لتناول الطعام يتوسطها مجرى للمياه، ويوجد فوقها بعض المقتنيات الفاطمية الرائعة التي يبلغ عددها 19 قطعة فنية، عدا طبق يعود إلى العصر العباسي في القرن التاسع الميلادي، وتوجد على جانبي القاعة منضدتان مصنوعتان من الرخام، عرض عليهما بعض مقتنيات المتحف من القطع الخزفية، ويوجد مثلهما بالجهة المقابلة يحملان معروضات أخرى، ويبلغ إجمالي القطع الخزفية في القاعة الفاطمية 74 قطعة فنية، تتنوع ما بين أختام وقوارير وقدور، وزخارف عديدة نباتية وهندسية.

• مقتنيات العصر التركي

يوجد أيضا على الجانب الأيسر من باب المتحف قاعة أخرى، أُقيمت بهدف عرض مقتنيات العصر التركي، تحتوي على شباك كبير الحجم في مواجهة بابها من الداخل، وآخر على يسار الداخل من القاعة، مصنوعان من أفخم أنواع الخشب وهو الأرابيسك. جدرانها مزدانة ببلاطات متعددة الألوان، تتخللها زخارف من الجص المصنوع، ويوجد أعلى الجدران وأسفلها شريطان كتابيان زخرفا بزخارف متعددة، كما تحتوي القاعة في الجهة اليمنى على مدفأة صنعت من بلاطات خزفية تركية، وتتخذ شكلا مخروطيا وشكل مربعات يتخلل كل منها لفظ الجلالة واسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم)، مزدانة بزخارف متداخلة.

وتضمّ قاعة الطراز التركي 12 فاترينة ذات أحجام مختلفة، فضلا عن أخرى ضخمة توجد في منتصف القاعة، كما تضمّ 96 قطعة فنية أثرية تعود إلى العصر التركي في القرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر الميلادي. تتنوّع هذه المقتنيات في أشكالها ما بين أباريق وسلاطين وأكواب، بالإضافة إلى بعض القدور والبلاطات الخزفية، يختلف قوام زخارفها ما بين زخارف نباتية ذات أشكال متعددة وزخارف حيوانية.

• قاعة الطراز المصري المملوكي

وبجوار قاعة الطراز التركي مباشرة، توجد قاعة الطراز المصري المملوكي، وهي تحتوي على بعض القطع الأثرية التي صُنعت في مصر وتنسب إلى عدد من الدول الإسلامية، التي حكمتها سواء العصر الأموي أو العثماني أو المملوكي، وزُخرف سقف القاعة بوحدات متكررة من زخارف الطبق النجمي تتوسطها زخارف نباتية وهندسية، ويوجد أعلى وأسفل الجدران صف من البلاطات التركي المزدانة باللون الأزرق، مزخرفة بأشكال نباتية ذات اتجاهات متبادلة للأسفل والأعلى.

وتحوي هذه القاعة 6 فتارين ضخمة، تعرض 39 قطعة فنية تنسب لعصور مصرية قديمة، تتنوّع ما بين مشكاوات وشمعدانات، وتختلف زخارف هذه القطع ما بين كتابية وهندسية، كما تحتوي على بهو به 8 فتارين صغيرة الحجم بها العديد من القطع الأثرية التي تعود إلى العصور التركية والمملوكية، وهي عبارة عن أبارق وزهريات سلطانية تضمّ زخارف ذات أشكال هندسية مختلفة.

ويشير د. أحمد عبدالفتاح، الخبير الأثري، إلى أن الطابق العلوي بالمتحف يضمّ قاعة تُسمى “الأمير” تتكون من حجرتين إحداهما خارجية والأخرى وسطى، تأخذ الأولى شكل المربع ويوجد بأحد أضلاعها دولاب من الخشب المطعم بالصدف، وفي الجهة اليسرى من الحجرة توجد نافورة صغيرة من الرخام المزخرف، وتعرض الغرفة 5 قطع أثرية إحداها من المغرب يعود تاريخها للقرن الثامن عشر الميلادي، وبقية القطع تنسب لمدينة الرقة بسوريا تعود للقرن الثاني عشر الميلادي.

وتابع: الحجرة الثانية من قاعة “الأمير” عبارة عن شكل هندسي مربع، مزودة بعدة فتحات خارجية لإنارتها، تعلوها زخارف على شكل قرص الشمس تنسب للفن الأوروبي، وتوجد في الناحية الشمالية من الغرفة “كنبة” من الخشب، مزدانة بزخارف بارزة ملونة بلون الذهب، يجاورها صندوق من الخشب خُصِّص لحفظ المجوهرات، وهناك سقف يغطي الحجرة من الألواح المذهبة التي انتشرت خلال العصر العثماني.

(ميدل ايست أونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى