‘إيريس’ فيلم عن عشيقة تخدع من حولها وتنجو من العقاب

عمار المامون

تعرض صالات السينما الفرنسية فيلم “إيريس”، إخراج وبطولة الفرنسي من أصول جزائرية جاليل ليسبير الذي شارك في كتابة الفيلم إلى جانب أندرو بوفيل، ويحكي عن جريمة اختطاف إيريس، زوجة مدير البنك أنتوان دوريو، لنكتشف أثناء الفيلم مؤامرة قام بها أنتوان مع عشيقته من أجل التخلص من زوجته وإلصاق التهمة بصاحب “كراج” (مرأب للسيارات) غارق في الديون، لتنقلب المؤامرة لاحقا ضد أنتوان حين يكتشف صاحب المرأب ما يحدث ويقرر الانتقام ممن يحاول الإيقاع به.

ويبدأ الفيلم بمشهد في مطعم باريسي، أنتوان يتناول الغداء مع إيريس التي ما تلبث أن تختفي من أمام المطعم فجأة، دون أي أثر، لنكتشف لاحقاً أنها اتفقت مع صاحب المرأب على أن يخطفها مقابل بدل مادي.

الحبكة البوليسية في الفيلم مبنية على أساس المفارقات بين ما نظن أنه حدث وبين حقيقة ما تقوم به الشخصيات، فكل مشهد يكشف لنا عن دوافع مختلفة عن تلك التي نظن أننا نعرفها، فنحن أمام غرباء كلّ واحد منهم يخبّئ سرا ويظن أن خلاصه سيكون بالنقود.

وما يميز هذه الشخصيات أن كلا منها يمثلّ قطاعا اجتماعيا، ما يتيح لنا رصد ردود الأفعال المختلفة حول الضحية، فالمال والجنس والسلطة تتصارع في ما بينها، وكل منها يحاول معرفة حقيقة الجثة التي وجدها صاحب المرأب عوضا عن المرأة التي اختطفها، والتي نكتشف أنها ليست زوجة أنتوان، بل عشيقته التي بالاتفاق معه وضعت جثة زوجته الحقيقية في الشقة لتلصق بصاحب المرأب جريمة قتل إيريس التي لا نعرف كيف فارقت الحياة، فنحن أمام ضحية لا نعرف عنها الكثير، جثة تحضر فجأة مسببة خللا في نظام العلاقات بين القطاعات السابقة.

ونكتشف في الفيلم أن أنتوان مازوخي له فانتازمات شبقيّة، ونتيجة رفض زوجته لهذه الممارسات يلجأ إلى عشيقة ساديّة تقوم بجلده وتلبية رغباته، لتتحول العشيقة إلى كائن فيتيشي، إذ يَطلب مِنها أن تتقمص دور إيريس، أن تحفظ حركاتها وطريقة مشيها وكلامها لتكون تجسيدا لرغباته السريّة، لتستبدل زوجته التي لا تماثل المتخيّل الذي يُريد، فعشيقته غرض قابل للنحت بما يوافق تصوّره، كما أنها المسؤولة عن قتل زوجته، فإيريس اكتشفت زوجها وعشيقته في إحدى جلساتهما السرية، وبعد عراك بينهما ينتهي الأمر بإيريس ميتة تنزف أمام جسد أنتوان المنهار من آثار التعذيب السادي، فالغرض الفيتشي/العشيقة تزداد قدسية بعين أنتوان، كونها رسمت طريق خلاصه من زوجته، أصبح بإمكانه أن يخضع كليا لها، أما الهيمنة الجنسية والخصاء الرمزي الذي تمارسه العشيقة فيعوضهما أنتوان بإذلال من هم أدنى منه، فهو يتلاعب بصاحب المرأب ليحمّله مسؤولية الجريمة وعدم كشف الحقيقة.

وينتهي الفيلم بمفاجأة لم تكن متوقعة، فالشرطة تكتشف جثة إيريس وجثة أنتوان الذي انتحر إلى جانبها، لكنّنا نكتشف لاحقا وعبر جملة واحدة يقولها صاحب المرأب آخر الفيلم، أن جريمة القتل بحد ذاتها كانت مؤامرة للإيقاع بأنتوان، فحضور العشيقة كفيتيش يتجاوز استخدام الجنس من أجل السيطرة، فهي قادرة على أخذ وضعيات مختلفة، هي تهيمن سواء كانت ذات قوة أم لا، ورد الفعل تجاهها سواء كان كراهية أم حبا يضمن لها السيطرة، وهذا ما يضمن نجاتها في النهاية، هي عكس الزوجة التي تموت منذ البداية، بل حتى قبل بدء الحبكة، هي تحضر في الذاكرة فقط، وكأن موتها كان محتوما لأنّها لم ترتق إلى المتخيل الشبقيّ لزوجها.

(العرب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى