‘الهيبة’.. نجاح درامي سوري لبناني يستدعي المزيد من الحلقات

ناهد خزام
يبدو أن قرار انسحاب النجمة اللبنانية نادين نسيب نجيم من استكمال مشوارها في المسلسل اللبناني الناجح “الهيبة”، يعد قرارا صعبا بالفعل لم تعرف أسبابه بعد، خاصة بعد ما حققه الجزء الأول من المسلسل من نجاح جماهيري ونسبة مشاهدة عالية عند عرضه خلال الموسم الرمضاني، إضافة إلى تميز دور نجيم ولفته لأنظار المشاهدين والنقاد على حد السواء. ولم توضح الفنانة أسباب انسحابها من المسلسل، غير أن شائعات ترددت حول خلافات بينها وبين طاقم العمل في المسلسل وعلى رأسه تيم حسن أدت في النهاية إلى انسحابها من العمل.
وترددت أخبار عن ترشيح الفنانة ستيفاني صليبا للقيام بالدور الذي بدأته نجيم في الجزء الأول، رغم عدم تأكيد الشركة المنتجة ومخرج العمل لذلك الأمر، إذ لم تصدر عنهما حتى اليوم أي تفاصيل حول هذا الجزء المنتظر، خاصة في ما يتعلق بالنجوم المشاركين فيه، غير أن الخبر المؤكد هو أننا بانتظار تكملة لا تقل تشويقا عن أحداث الجزء السابق من المسلسل.
وتدور أحداث الجزء الأول من مسلسل الهيبة الذي يعاد عرضه حاليا على قناة “أو إس إن” الإماراتية في إطار من التشويق والإثارة، حول “عليا” وتؤدي دورها نادين نجيم التي تعيش مع زوجها وابنهما في كندا، وبعد وفاة زوجها المفاجئة تعود إلى لبنان لدفنه في مسقط رأسه “الهيبة”، وهي بلدة صغيرة واقعة على الحدود بين لبنان وسوريا.
وتفاجأ عليا بأن عائلة زوجها تقرر استبقاء ولدها، ولكي تستطيع البقاء معه عليها أن تتزوج من شقيق زوجها “جبل” زعيم العشيرة الذي يقوم بدوره تيم حسن، وتقبل عليا بذلك الأمر مرغمة، لكنها تصدم حين تكتشف أن شقيق زوجها وأفراد عائلته يتاجرون بالسلاح والمخدرات.
تتوالى الأحداث بعد اختيار عليا البقاء إلى جوار ابنها والقبول بشروط العشيرة وعاداتها وطبائعها، لنجد أنفسنا أمام مجموعة من العلاقات المتشابكة والصراعات التي تراوح في حدتها بين اللين والقسوة، وفي أجواء مثيرة وشيقة ساهمت في نجاح العمل، إضافة إلى قدرة المخرج السوري سامر برقاوي على الحفاظ على وتيرة التصاعد والمفاجأة، هذا رغم الانتقادات التي وجهت إليه، كعدم إتقان بعض أبطاله للهجة اللبنانية البقاعية.
ويذكر أن مسلسل “الهيبة” هو العمل الثالث الذي يجمع نجميه نادين نسيب وتيم حسن مع المخرج سامر برقاوي بعد لقائهم السابق في مسلسلي “تشيلو” و”نص يوم”.
ويغلب على الحلقات الأولى من المسلسل بطء الإيقاع، غير أن وتيرة هذا الإيقاع تتصاعد خلال النصف الآخر منه، خاصة بعد زواج جبل من عليا. ويحسب للمسلسل عدم اعتماده بشكل مطلق على نجومية تيم ونسيب، والتوظيف الجيد لقدرات الممثلين الآخرين، كالدور الذي أداه الفنان أويس مخللاتي ودور روزينا اللاذقاني، وكذلك دور الفنانة المخضرمة منى واصف التي قامت بدور والدة جبل، واستطاعت التعبير عن هذه الشخصية التي تتمتع بالقوة والصرامة.
أما عن هذه التشابهات بين شخصية جبل وشخصيات أخرى من الواقع اللبناني أو غيره، فهي أمر لا يضر العمل وفي الكثير من الأحيان لا يعدو أن يكون سوى مجرد تكهنات، ولكن يؤخذ عليه فقط ذلك التمجيد الزائد لشخصية من المفترض أنها خارجة عن القانون، ومع ذلك تظل شخصية جبل واحدة من الشخصيات التي ستضاف إلى رصيد الفنان تيم حسن الذي ألفه الجمهور العربي في أداء الأدوار الرومانسية.
وشخصية جبل تحمل الكثير من نقاط الثراء الأدائي لأي ممثل، فهي شخصية قيادية تتمتع بالنفوذ والقوة، وتواجهها خيارات صعبة عليها أن تحسم أمرها حيالها بسرعة ودون تردد، وهي شخصية تجمع بين الحسم واللين أحيانا في علاقتها بالعشيرة.
واستطاع تيم حسن لعب الدور على نحو جيد، غير أن رواسب أدواره السابقة في ذاكرة المشاهد قد تقف عائقا أمام تقييم أدائه على نحو سليم، لكننا إذا ما نظرنا إلى طبيعة الدور الذي أداه سنجد أنه من أفضل الأدوار التي لعبها منذ سنوات، وهو دور يختلف عن أدواره السابقة التي تعاون فيها مع المخرج سامر برقاوي وخاصة في عمليه السابقين “تشيلو” و”نص يوم”.
أما عليا (نادين نسيب) فهي شخصية تتعرض للكثير من التحولات العاطفية منذ الحلقة الأولى من المسلسل، من الحزن على وفاة زوجها، إلى صدمتها بعد احتجاز عائلته لابنها، وحيرتها تجاه البقاء بصحبته أو مغادرة القرية، ثم شعورها تجاه جبل نفسه الذي تحول من الغضب والرفض إلى الحب والعشق في النهاية. دور مليء بمساحات من التألق والإبداع استطاعت الفنانة نادين نسيب، وهي نجمة لها جمهورها العريض، أن تؤديه ببراعة بصرف النظر عن بعض الهفوات الإخراجية كعدم إتقانها الإنكليزية التي تتحدث بها من وقت لآخر.
والمسلسل من نوعية الأعمال المشتركة، يجمع نجوما من سوريا ولبنان، إضافة إلى مخرج وكاتب العمل السوريين، وعادة ما تلجأ غالبية الأعمال المشتركة إلى البحث عن تكييف درامي لهذا المزج بين الهويات واللهجات، وقد يبدو هذا المزج مقحما في أعمال، أو طبيعيا في أعمال أخرى ومنسجما مع السياق الدرامي.
و”الهيبة” تدور أحداثه على الحدود اللبنانية السورية، ومن المنطقي وجود مزج من هذا النوع في مثل هذه المناطق الحدودية، فالعشيرة لبنانية لكن هناك علاقات نسب ومصاهرة بينها وبين عائلات سورية على الجانب الآخر من الحدود، فأم جبل سورية، لذا يدعوه أفراد عشيرته بابن الشامية، ولأنها امرأة قوية الشخصية فقد تأثر بها ابنها، حتى أنه التقط لهجتها دون لهجة عشيرته، فتعدد اللهجات هنا يبدو منطقيا وليس خطأ جسيما، كما حاول البعض أن يصوره.
(العرب)