«مكتب نعيمة ينزف» … ورشة لتوظيف الفوتوغرافيا فنياً
ياسر سلطان
تتنوع النشاطات التي تنظمها مؤسسة «مدرار للفنون المعاصرة» في القاهرة، بين العروض الفنية والمسابقات وورش العمل. وتنظم المؤسسة ورشتين، واحدة للفيديو وتقام سنوياً تحت عنوان «ديستوبيا» للتعريف بفن الفيديو ولغة الصورة والممارسات المختلفة لاستخدام الكاميرا، كالصور المتحركة والعالم الافتراضي وألعاب الفيديو والغرافيك. والأخرى مخصصة للتصوير والكولاج، وانتهت فعاليات دورتها الثالثة أخيراً، ويعرض نتاجها حالياً في مقر المؤسسة.
تحمل ورشة التصوير والكولاج عنواناً لافتاً وهو «مكتب نعيمة ينزف»، وهو عنوان غير مألوف، لكنه يحمل شيئاً من طبيعة الورشة وروح العمل فيها والمعتمدة في الغالب على طريقة الكولاج، أو القص واللصق من طريق التوليف بين الخامات والوسائط المختلفة. اسم الورشة تم صوغه بطريقة التوليف بين الكلمات كما يقول الفنان هاني راشد، حين انسكب لون أحمر على صورة فوتوغرافية للراحلة نعيمة عاكف أثناء الإعداد للورشة داخل مكتب الإدارة.
هكذا خرج الاسم بصورة عفوية، كما يقول راشد، ليكون عنواناً لتلك الورشة التي لا يفتقر نشاط المشاركين فيها إلى الدهشة. هنا يتعلم المشاركون كيف يقومون ببناء المساحة، بعيداً مِن الأساليب النمطية في تشكيل اللوحة، كما أن هذا التعاون الجماعي والأجواء الحماسية يمكنها إلهام الكثيرين منهم أساليب جديدة في توظيف الصورة.
لا يستثنى من ذلك مشرف الورشة نفسه، فكما يعلمهم أساليب البناء والتوليف بين الصور والعناصر يتعلم منهم أيضاً. وكثيراً ما استفاد راشد من أساليب المشاركين واكتشافاتهم كما يقول في تطوير أسلوبه في التدريس والممارسة الفنية.
في اليوم الأخير من الورشة بدا المشهد مشحوناً وفوضوياً إلى حد ما، مجموعة كبيرة من المشاركين يتحلقون حول مناضد خشبية رصت عليها الكثير من الخامات وبعض الألوان. بعضهم يضع اللمسات الأخيرة على اللوحات بينما يبدأ البعض في تهيئة المساحة الصغيرة وتشذيب الأوراق والصور لوضعها في مكانها على سطح المساحة من أجل العمل عليها في ما بعد، أما نتاج الأعمال السابقة فقد وضع في حجرة منفصلة لفرزه وتقييمه في النهاية.
يعتمد المشاركون هنا اعتماداً كبيراً على الصورة الفوتوغرافية، صور كثيرة جلبت من المجلات والصحف أو عبر شبكة الإنترنت، أو أي محتوى آخر يمكن الاستعانة به. وتتبنى الورشة كما يقول راشد أساليب عدة مختلفة كالرسم أو الكولاج فقط، أو المزج بينهما.
أما الثيمات التي تتم معالجتها فتختلف من عام الى آخر، فقد سبق أن ناقشت الورشة مواضيع عدة مثل تأثير الميديا بأنواعها والإنترنت في الفنون. وهذا العام يتطرق المشاركون إلى مواضيع أخرى ذات صلة أكبر بالإنسان وحياته اليومية. كأجزاء الجسد وعلاقة الإنسان بالنبات أو الطعام. وهي مواضيع مشتركة يتم العمل عليها بصورة جماعية خلال الأيام الأولى للورشة، أما في الأيام الأخيرة فتتخذ الورشة طابعاً حراً بعض الشيء، ويمكن المشارك فيها أن يختار بين أساليب وموضوعات مختلفة أو يمزج في ما بينها.
لا يفضل راشد الاعتماد على المواد المصورة المجلوبة من المجلات والصحف، وينصح المشاركين بتنويع مصادرهم أو الاعتماد على صورهم الخاصة التي يلتقطونها بأنفسهم، فالصور المجلوبة من الصحف تنحصر عادة في مواد بذاتها كالرياضة والسياسة والموضة، وهو ما يخلق نوعاً من التشابه بين المعالجات، وهو ما لا يريده راشد من الورشة، فكل ما يهمه أن يبحث كل واحد من المشاركين عن هويته الخاصة حتى لا تنقطع علاقته بالفن بانتهاء الورشة، لذا لا تنقطع علاقة هاني راشد بالمشاركين في تلك الورش بانتهائها، بل يظل التواصل قائماً في ما بينهم، وهو دور يحب أن يؤديه كما يقول.
(الحياة)