«بيبي ذات الجوارب الطويلة» تحفة الأدب الإسكندنافي

الجسرة الثقافية الالكترونية – البيان

من روائع الأدب الإسكندنافي الخالد قصة «بيبي ذات الجوارب الطويلة» للكاتبة السويدية استريد ليندجرين (1907 ـ 2002)، والتي تركت صدى واسعاً في الآدب العالمية، وعرفت الكاتبة بغزارة إنتاجها في مجال كتابة قصص الأطفال.

أصل القصة

لهذه القصة حكاية طريفة، فحين كانت ابنة استريد مريضة بالتهاب الرئة، كانت أمها ترعاها، فطلبت ابنتها كارين منها أن تحكي لها قصة فسألتها أمها: وأي القصص تريدين؟ أجابت الفتاة ذات السبعة أعوام مخترعة الاسم «قصة بيبي ذات الجوارب الطويلة» فاختلقت استريد هذه الشخصية المقاربة لابنتها في العمر لتسليتها، ولكنها في النهاية أصبحت سلسلة متعددة القصص، ولهذا قالت عنها استريد: «بدأت بسرد القصة، ولأن الاسم غريب فقد سردت قصة غريبة أيضاً، بعد وقت أحبت ابنتي هذه القصة وأحبها أصدقاؤها، وبقيت لسنوات أحكي لهم قصص بيبي».

صوت الطفولة

كما قالت: «أنا لم أبدع قصصي من خيال أطفالي، أنا بسهولة كتبت عن طفولتي، وأنا لا أصغي إلا إلى صوت الطفل الذي في داخلي، أنا أكتب عن الطفلة التي كنتها يوماً، عن الطفلة الفلاحة والبسيطة والفقيرة، كل حكاياتي تدور في الحقل والريف الذي عشت فيه».

فبيبي ذات الجوارب الطويلة ماتت أمها وهي رضيعة، وحين بلغت التاسعة كانت مقتنعة بأن أمها تراقبها من ثقب في السماء ولهذا كانت بيبي تلوّح للسماء وتخاطب أمها قائلة: «لا تقلقي بشأني سأصل إلى القمة»، أما والد بيبي فكان قبطاناً يجوب البحار والمحيطات، رافقته بيبي في بعض رحلاته، وفي آخر رحلاته تعرضت سفينته إلى عاصفة وغرقت، ولكن بيبي كانت متأكدة بأنه سيعود يوماً، لأنها تعتقد أنه سبح حتى وصل إلى جزيرة آكلي لحوم البشر وأصبح ملكاً عليهم، وأنه سيصنع قارباً ويأتي ليحملها فيه إلى هناك.

استقلالية وتفاؤل

وبيبي فتاة ذكية وجريئة، تعيش وحيدة في البيت المسمى «فيلا فيلاكولا» مع حصانها وقردها نيلسون، وتعتمد على نفسها خلال سفر أبيها، صديقاها في البيت المجاور لبيتها هما تومي وأنيكا وهما يشاركانها مغامراتها ويعتمدان عليها نظراً لمعرفتها بالعالم وشعوبه، اللذان تعرفت عليهما خلال سفراتها مع أبيها، وهي لهذا لا تشارك الأطفال الآخرين الذهاب إلى المدارس.

وتكتسب خبراتها من أبيها وتدعو الفتيات إلى الثقة بالنفس، ولهذا أيضاً لم تنجُ استريد من النقد واعتبرها البعض محرضة للصغار على سلطة الكبار. وشخصية بيبي قوية تمتاز بالاستقلالية والتفاؤل وتحسن الظن بالجميع..

كما تحسن التصرف وعندها من القوة ما يكفي لحمل حصانها بيد واحدة، حتى إنها تحدت مرة أقوى رجل في العالم حين شارك في سيرك مرّ بقريتها وغلبته بعد أن حملته هو وأثقاله بإصبع واحد وهي تردد: «إن كان هو أقوى رجل في العالم فأنا أقوى فتاة في العالم»، وهو ما أصبح لازمة لها ترددها الفتيات.

80 كتاباً

ألّفت أستريد أكثر من 80 كتاباً، بعضها للكبار ومنها مسرحيات ونصوص سينمائية ولكنها تربعت على عرش أشهر كاتبة للأطفال في العالم وتـُرجمت أعمالها إلى أكثر من 80 لغة وترجمت دار المنى السويدية العديد من كتبها إلى اللغة العربية، وبيع من كتبها أكثر من 145 مليون نسخة، منها 7 ملايين نسخة من قصص بيبي.

وأثرت استريد في جيل كامل في السويد، فالجيل الذي اطلع على قصصها في الأربعينات صار يقرأ تلك القصص لأولاده ثم لأحفاده، خصوصاً قصص بيبي المشوقة حتى لقبت استريد بمعلمة الأجيال. قال عنها ملك السويد كارل جوستاف: «لقد عنت استريد ليندجرين الكثير لنا عبر كتاباتها المتفردة، صغاراً وكباراً ليس في السويد وحدها وإنما في العالم بأسره، فقد كان لحكاياتها أن تسحر وتذهل كل حواس قرّاءها.

عوالم قصصها مليئة ببيئات وأناس يختلفون تماماً عن ما هو موجود في السياق اليومي العادي والمتوقع غالباً، بالنسبة لي ولعائلتي مع استريد ليندجرين وكذلك في عالم حكاياتها يكون لحظة احتفالية، فجميعنا نود أن نشكر استريد ليندجرين على أعمالها الشاملة والقيمة».

عالم الأطفال

لاستريد مجموعة سلاسل من قصص الأطفال كتبتها على مدى سنوات على الرغم من أنها بدأت الكتابة للأطفال وعمرها 37 سنة حين كتبت أولى قصصها «اليتيمة المتمردة»، وكان أشهرها سلسلة قصص «بيبي ذات الجوارب الطويلة»، ومنها أيضاً سلاسل «أطفال بوليربي الستة» و«كارلسون على السقف» و«بيل بيرقسون».

قالت استريد: «كل ما كنت أسعى له من قصصي هو منح الأطفال لحظة من السعادة تشبه تلك التي شعرت فيها حين قرأت لي أمي أول قصة مكتوبة أهداها لي أبي في عيد ميلادي الرابع إسعاد الأطفال هي أمنيتي الوحيدة ولا شيء عندي سواها».

سحر وإلهام

هام السويديون بتفاصيل حياة استريد ليندجرين ولقبوا مدينة فيمربي التي ولدت فيها بمدينة استريد ليندجرين. وتمتاز هذه المدينة اليوم بوجود ساحة كبيرة قريبة من منزل استريد يلتقي فيها محبو استريد بشخصيات أبطال قصصها وهم بملابسهم كما وصفتها قصص استريد.

ومدينة فيمربي تابعة لمقاطعة سمولاند وسط السويد والتي أنجبت مجموعة من كبار الكتـّاب السويديين أمثال بار لاجركفيست الحائز على جائزة «نوبل» في الأدب وفيلهلم موبرغ أحد أشهر الروائيين السويديين.

كما سمّي باسمها أكبر مستشفى للأطفال في السويد وهو مصمم لكي يلهب خيال الأطفال من خلال صور قصصها التي يتعايش معها ويعشقها الأطفال. كما تم تأسيس منظمة «بريس»، انطلاقاً من فكرتها لضمان حقوق الأطفال التي امتازت بها السويد اليوم. كما أسهمت في إنشاء أول مكتبة عالمية كبيرة في أوروبا تحتوي على أكثر من مليون كتاب وبمختلف لغات العالم الحيّة ومنها اللغة العربية.

جوائز

حازت مبدعة «بيبي ذات الجوارب الطويلة» الكاتبة السويدية استريد ليندجرين على عدة جوائز أهمها جائزة «هانس كريستيان أندرسن». وخصصت السويد جائزة تحمل اسم «استريد ليندجرين لأدب الأطفال» تمنح للكتـّاب والرسامين والروائيين ولغيرهم يشرف عليها مجلس للفنون وتبلغ جوائزها 5 ملايين كرون سويدي وهو ما يعادل 750 ألف دولار وتعتبر أكبر جوائز أدب الأطفال.

1959

مثلت الممثلة انجر نيلسون المولودة سنة 1959 شخصية بيبي وهي صغيرة بقصة شعرها القصيرة والمتميزة بوجود خصلتين بارزتين ومربوطتين على شكل قرنين، وكانت أهم الأدوار التي مثلتها في حياتها الفنية. وهي الشخصية التي حاكتها بشكل متوازٍ الأعمال الكارتونية للشخصية نفسها.

1969

أعيد إنتاج فيلم بيبي ذات الجوارب الطويلة 1969، وقامت الفنانة إيلون ويكلاند، المولودة في استونيا سنة 1930 فقامت بالرسوم التوضيحية لقصص استريد ليندجرين.

2015

أصدرت السويد عدة طوابع تحمل صورة استريد ليندجرين. ومن المرجح وضع صورتها على أصغر عملة ورقية سويدية من فئة العشرين كرونا سنة 2015 والتي تعادل نحو 3 دولارات، والتي تحمل حالياً صورة الروائية السويدية الحائزة على جائزة نوبل في الأدب سلمى لاجرلوف، ولتكون صورتها قريبة من تناول أيادي الأطفال الذين أحبتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى