مسرح الأعضاء في ديوان “أشياء ليس لها كلمات” للشاعر جرجس شكري
خاص- الجسرة
القاهرة- يوسف وهيب
في أمسية ثقافية تميزت بتنوع الرؤى و الثراء النقدي، تمت مناقشة المجموعة الشعرية للشاعر جرجس شكري ” أشياء ليست لها كلمات” عن دار آفاق للنشر والتوزيع، وهي تمثل العمل السادس. أدار الأمسية التي عقدت في أتيليه القاهرة، الروائي والمترجم مدحت طه.
وفي تناوله للتجربة قال الناقد الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة الأسبق؛ إن وراء ديوان “أشياء ليس لها كلمات” ثقافة مرتبطة بالمسرح، لافتًا إلى ضرورة اكتشاف وبحث تلك الثقافة، أو بعض من محاورها ومفرداتها لفهم الديوان.
وأشار د. شاكر، إلى أن هناك فلسفة ثقافية فى الديوان، تشي بقدر ما من التأثر بأفكار كثيرة فى المسرح، فضلًا عن الكتابات الحدثية، مضيفًا أن شكري، كأنه من خلال هذا الديوان يقوم بدور المخرج فى المسرح التجريبي الحديث، وذلك بتقديم بديل للكلمات من خلال الحركات والوقفات، وصور بصرية واضحة، تشكل معاً مشهدية مسرحية عمادها الشعر، وكل نص يمكن أن يكون مشهداً في ذاته، أو عدة مشاهد متضافرة في آنٍ.
واستنبط الدكتور شاكر عبد الحميد مصطلحاً فيه من الجدة قدر مافيه من الاكتشاف، وهو “مسرح الأعضاء” أو لملمة أوصال أورفيوس المتقطعة في إشارة إلى الأسطورة المعروفة.
وفي مداخلته قال القاص سعيد الكفراوي، إنه قرأ للشاعر جرجس شكري ديوانين من قبل.
وأشار إلى أنه قرأ قصيدتين من ديوانه الجديد “أشياء ليس لها كلمات” قبل طباعته، فرأى أن الشاعر منشغلٌ بتعبيره الفرضي عن أشياء للوصول إلى التعبير عن جماعة، فالقصائد من خلال تلك الأشياء تسعى لإحداث معنى ما يبلور هموم هذه الجماعة.
وفي مداخلته النقدية قال الناقد عمر شهريار، إن كتابات جرجس شكري إشكالية طوال الوقت، ولدى الشاعر مهارة فى صناعة عناوين تثير جدلًا كبيرًا.
وأخذًا بما طرحه الدكتور شاكر عبد الحميد حول حضور المسرح في شعر شكري، أكد شهريار أن المسرح حاضر طوال الوقت أيضا فى معظم دواوين “شكري” منذ كتاباته الأولى.
وأضاف شهريار أن الديوان أيضًا به محاورة من ذات الشاعر مع نماذجه التى يتناولها أو – إن جاز لنا التعبير – أن نقول المشعور بهم، من خلال الإمساك بكلمات معينة لأشياء، لافتًا إلى أن من أهم إشكاليات “شكري” فى الديوان كانت إشكالية الإنسان مع الزمن، فلا توجد قصيدة فى الديوان لا يوجد بها ما يعبر عن الزمن، لافتًا إلى أن عنوان الديوان ملفت للانتباه، بمعنى أن تكون الأشياء بدون تسمية وحتى لو كانت العلاقة بينهما اعتباطية، فهنا أصبح شيئًا مبهمًا وهائمًا.
بقي أن هذا الديوان هو السادس للشاعر جرجس شكري، بعد خمسة دواوين، أولها؛ “بلا مقابل أسقط أسفل حذائي” 1996، الذي بدا من خلاله صوتًا مغايرًا وممتلكًا لخصوصيته الشعرية لغة وتركيبًا، ومن خلال مجموعات شعرية تالية لشكري مثل، “رجل طيب يكلم نفسه” 1998، “ضرورة الكلب في المسرحية” 2000، و”الأيدي عطلة رسمية” 2004، و”تفاحة لا تفهم شيئا” 2012، تأكدت هذه الخصوصية عبر الدواوين الستة.
ومن أجواء ديوانه الأخير ” أشياء ليس لها كلمات” نقتبس بعض المقاطع:
( في بلاد بعيدة
أمر على مقبرة المدينة
المسيح مصلوب فوق بيوت الموتى
والموتى يسألون المارة
عن صاحبة الحانة
التي تعيش هنا إلى جوارنا )
و
(وأنا أقرأ أشعاري يخاف جسدي
كأنه يؤدي مشهدا مسرحيًا
يلعب فيه كل الأدوار
روحي تطل من عيوني خائفة
ولساني يلهث كأنه يعبر شارعًا معتمًا)
…
( سلم عليه كثيرًا، وأبلغه أننا لسنا بخير
قل له إن البيوت سقطت من نوافذها
فصرنا حفاةً إلا من الخوف
ننام مبكرًا ونموت مبكرًا
فلا تذهب بعيدًا)
…
( فزرعنا عزلتنا
حول الأبواب والنوافذ
وصلينا للجنون
ثم متنا غرقًا في دموعنا
دون شفقة
نحن الذين ذبحتهم وقتلتهم
وأشفقت عليهم
في كلمة واحدة)