خوسيه سانشيز أديب كوستاريكا الأشهر الذي تنكر له بلده

يعتبر خوسيه ليون سانشيز، بالفعل أشهر وأهمّ كاتب في كوستاريكا وأعماله الأوسع انتشارا والأكثر قراءة على مستوى العالم. بيعت من روايته “جزيرة الرجال المنعزلين” ثلاثة ملايين نسخة، وتم تحويلها لسيناريو فيلم سينمائي، ولهذا تعتبر بلاده مدينة له بذيوع صيتها ثقافيا، بينما لم يتلق منها سوى الجحود والنكران.

بالرغم من الجوائز والإشادة التي حصل عليها سانشيز، فإنه لم ينل حتى الآن جائزة ماجون الوطنية للثقافة، أرفع تقدير يمنح للأشخاص الذين يروّجون للتراث الثقافي في كوستاريكا. وهو لا يرى من داع لسؤاله عن أسباب ذلك، إذ يسارع بالإجابة “لن يمنحوا مطلقا جائزة كهذه لوحش كنيسة لوس أنخليس″، يقول بنبرة جادة وواثقة، في إشارة إلى التهمة التي ألصقت به على خلفية حادث سطو على مقتنيات كنيسة عذراء لوس أنخليس، والذي تسبب في مصرع أحد خدام الكنيسة.

يهاجم سانشيز وصمة العار التي لحقت به في الماضي، عندما حكم عليه بالسجن لفترة تصل إلى ثلاثين عاما، حيث تعرض للتعذيب والإذلال في ظل ظروف مشينة قبل تحول كوستاريكا إلى الديمقراطية.

ويؤكد سانشيز براءته من ارتكاب عملية السطو على الكنيسة، والتي وقعت أحداثها عام 1950، ولكن المحكمة لم تعترف بذلك إلا عام 1998، بعد أكثر من أربعين عاما قضاها خلف القضبان.

بعد خروجه للحرية أطلق العام الماضي مجموعة من الكتاب والمفكرين، حملة لترشيح سانشيز لنيل جائزة الثقافة الوطنية، واستعانوا فيها بشبكات التواصل الاجتماعي وفقرات دعائية في كبرى وسائل الإعلام. وبالرغم من ذلك منحت الجائزة في النهاية مناصفة إلى طبيب وعالم مرموقين، وبقي الأديب منتظرا على أبواب الاعتراف المحلي رغم إصداره ما يقرب من 50 عملا روائيا ونثريا، وبلوغه العقد التاسع من العمر.

“لديّ علم بأن لجنة التحكيم وردت إليها توجيهات لكي لا تمنح الجائزة إلى خوسيه ليون. يحاولون تشويهه الآن بسبب ماضيه، دون الالتفات إلى إنجازه الأدبي والثقافي”، تقول السينمائية ماريا لوردس كورتس في تصريح صحافي لها. وتعد كورتس واحدة من أفضل مخرجات كوستاريكا، وكانت صديقة مقربة من أديب نوبل الكولومبي الراحل غابرييل غارسيا ماركيز، وقد انضمت هي وزوجها الكاتب كارلوس كورتس إلى الحملة التي نظمها نشطاء دفاعا عن منح الجائزة إلى “أكبر مدنس” وهو الوصف الذي أطلقته الكنيسة الكاثوليكية في كوستاريكا على الأديب المخضرم.

“خوسيه ليون كاتب ملعون، ملاحق بسبب وصمة العار التي لحقت به في الماضي، وهذه بربرية، لأن من يقومون بذلك لا يلتفتون إلى قيمته الأدبية، ومن ثم ينكرون عليه الحصول على الجائزة لأسباب لا علاقة لها بالثقافة”، يعلق الأديب أوسكار نونيث.

ومن جانبه يرى الكاتب الصحافي خوان رامون روخاس أن “كوستاريكا لا تزال تحت وطأة ظلمها التاريخي”، ويشاركه هذا الرأي الأديب ألبارو روخاس.

تؤكد ماريا لوردس كورتس أن خوسيه ليون سانشيز “لم يطلق على نفسه لقب أديب أو كاتب في يوم من الأيام، بل كان يتعامل على أنه ‘حكاء’، عاش حياته أسير الماضي لارتباط اسمه بحادث الكاتدرائية” موضحة أن أحد أعضاء اللجنة ذكر في إحدى المناسبات أنه: على جثتي لو نال خوسيه ليون الجائزة”.

وبالرغم من ذلك واصل سانشيز إبداعه الأدبي، الذي بدأه من معتقل جزيرة سان لوكاس، أسوأ سجن عرفته كوستاريكا وظلت تستخدمه لعقود من أجل معاقبة عتاة المجرمين. من هذا المكان بدأ الأديب الشهير القراءة والكتابة واستوحى منه أهم أعماله “جزيرة الرجال المنعزلين”، والتي ترجمت إلى عدة لغات وتحولت إلى عمل سينمائي عام 1974، وروايته الأشهر “تينوتشيتيتلان: آخر معارك الآزتيك”، والتي تدور حول تاريخ المكسيك، البلد الذي احتضنه لفترة طويلة بعد حصوله على حريته.

تجدر الإشارة إلى أنه خلال شهر أكتوبر الجاري يفتح باب تقديم الترشيحات للحصول على جائزة “الماجون” لعام 2018، ولم يعرف بعد إذا كان اسم سانشيز ضمن قائمة المرشحين أم لا.

(العرب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى