احتفائية أدبية بتجربة الناقد المغربي محمد برادة

أشاد نقاد وباحثون مغاربة بالتجربة الأدبية والنقدية للأديب المغربي محمد برادة، الفائزة بجائزة “كتارا” للرواية العربية عن العام الجاري، معتبرين أنه لا يمكن تجاهل اسمه عند التأريخ للأدب والثقافة المغربيين.

وفاز برادة (78 عاماً) في 12 أكتوبر/تشرين أول الجاري بجائزة مهرجان “كتارا” في الدوحة عن روايته المنشورة “موت مختلف”.

وخلال ندوة احتفائية في المكتبة الوطنية بالعاصمة الرباط تحت بعنوان “محمد برادة بأصوات متعددة”، قال الناقد نجيب العوفي إن برادة يمثل “علامة على أجمل سنوات وعقود الثقافة المغربية”.

وتابع: “إنه رائد النقد الأدبي الحديث، وهو ليس قابلاً للتكرار والنسخ، حيث تستعصي بصمته الأدبية والإبداعية على لعبة النسيان”.

واعتبر أن “برادة هو صانع الأجيال الأدبية والنقدية الحديثة في المغرب غداة الاستقلال عن فرنسا عام 1956، لكن حداثته مغموسة في المياه الجوفية القديمة، فمن لا قديم له لا جديد له”.

ومضى قائلاً إن برادة لم يدخل مجال الإبداع الأدبي إلا وهو “عالم بأسرار النصوص، وفقيه بأسرار الصنعة، حيث أتى الإبداع على ريث وتمهل، بعد صولات وجولات في النقد والتنظير الأدبي والترجمات”.

وتابع بقوله إن برادة “آثر وفق خطة مدروسة أن يقلب التربة نظرياً وفكرياً ونقدياً أولاً، ويرسم خارطة الطريق للإبداع المغربي الحديث، الذي كان يفرك عينيه للنور”.

فيما اعتبر الناقد سعيد يقطين أن المدخل للحديث عن برادة هو وصف “الريادة الأدبية”، لأنه يمثل “جيلا بأكمله، حيث عايش ما قبل الاستقلال ثم ما بعده إلى الآن”.

وتابع أن “كل الأجيال الجديدة من الكتاب خرجت من معطف برادة من خلال كتابتهم في جريدة المحرر، التي أشرف عليها خلال سنوات سابقة”.

ونبه يقطين الأجيال الجديدة إلى عدم التعامل مع الرواد وفق عقدة “قتل الأب”، داعياً إلى ضرورة استمرار الأجيال الجديدة في علاقة بالأب.

لكن برادة وفي كلمة له خلال الندوة، رفض أن يكون ممثلاً لجيل كامل، مكتفيا بالقول إنه ينتمي إلى جيل من الرواد.

وتابع: “هناك أصدقاء أسهموا في وضع اللبنات الأولى في النقد والأدب المغربي”.

وأضاف أن الثقافة المغربية تشكلت من خلال ذاكرتين اثنتين، “الأولى مثلها جيل ما قبل استقلال المغرب، وهي التي شكلت نوعاً من الإجماع الوطني حول كثير من القيم، وانعكست أدبياً في الالتزام بالقضايا الوطنية”.

أما المرحلة الثانية “فكانت عقب الاستقلال، عندما بدأت الصراعات تنمو وتأخذ منحى المطالبة بتغيير القيم والعلاقات بين الفرد والسلطة، وهو ما أنتج متخيلاً أدبياً جديداً”، وفق برادة.

وتم خلال الندوة عرض كتاب جماعي عن تجربة برادة بعنوان “البحث عن الذات بين جيلين”.

ويدخل الكتاب وفق محمد الداهي، الأستاذ بجامعة محمد الخامس في الرباط والذي أشرف على تحريره ضمن “مشروع للتعريف بالكتاب المغاربة، الذين تركوا بصمات في الثقافة المغربية”.

وأضاف الداهي أن “برادة ساهم في استنبات بذور النقد التنويري في العالم العربي، ونجح في أن يطوع القضايا النقدية، ويجعلها في خدمة القضايا الآنية والطارئة”.

كما أنه “حول النقد إلى صناعة إبداعية عبر إيجاد مصالحة بين المؤسسة الأكاديمية والنقد الثقافي، أي المزاوجة بين الأدب والتاريخ والمجتمع”، وفق الداهي.

ودرس برادة الأدب في جامعة القاهرة، ثم حصل على ماجستير في الفلسفة من جامعة محمد الخامس، عام 1960، وبعدها الدكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا، عام 1973، ثم اشتغل أستاذاً للأدب بجامعة محمد الخامس، وهو من المؤسسين لاتحاد كتاب المغرب.

وصدرت له عشرات من المجموعات القصصية والروايات والدراسات النقدية، منها: “بعيداً من الضوضاء، قريباً من السكات” (2014)، “حيوات متجاورة” (2009)، و”امرأة النسيان” (2002)، و”الضوء الهارب” (1994).

 

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى