مهرجان أصيلة.. ما بدأ بالاحتجاج ينتهي بـ «العرب غداً»
الجسرة الثقافية الالكترونية-السفير
*عبد الرحيم الخصار
منذ ثلاثين عاما وأصيلة تعيش كل صيف مهرجانها الثقافي الذي يحظى بشهرة كبيرة، خصوصا في افريقيا والعالم العربي. لكن هذه السنة بالإضافة إلى الافتتاح الرسمي لمحمد بنعيسى وأحد أمراء البحرين كان هناك افتتاح آخر في الشارع تمثل في الاحتجاج الذي قام به خصوم المهرجان في يومه الأول، ولنقل بالتحديد خصوم بنعيسى الذين يرون أن هذه التظاهرة تكلف البلدية ميزانية ضخمة هي أحوج لها في مجالات أخرى، كالتنمية وتأهيل المدينة وتشغيل الشباب. فمن المفارقة أيضا أن أصيلة المدينة المعروفة دوليا لا تتوفر على مستشفى واحد، وتضم بالمقابل أحياء صفيحية.
يرى المحتجون أيضا أن ما تناقشه الندوات داخل القاعة الكبيرة من ديموقراطية ونزاهة وحقوق الإنسان وحرية الرأي لا يعكسه واقع الحال خارج القاعة، فقد حاصرت قوى الأمن المحتجين وتم اعتقال حوالي عشرين متظاهرا من بينهم سيدتان، أطلق سراحهم لاحقا. لكن هذه الاحتجاجات لم تكن لتمنع الدورة السادسة والثلاثين من 1 إلى 20 آب – من مواصلة نشاطاتها بالشكل المعتاد، إذا استثنينا بعض السهرات الغنائية الخارجية التي ألغيت حدادا على وفاة عمة الملك.
اختارت هذه الدورة أن تكون البحرين هي ضيف الشرف بعد قطر الكويت والإمارات في الدورات الأخيرة، وقد أقيمت بإحدى ساحات المدينة مكتبة خاصة لتقديم المؤلفات البحرينية إضافة إلى معرض للفنون التشكيلية وآخر للفلكلور والأزياء التقليدية بالبلد الضيف. وقد توجهت وزيرة الثقافة البحرينية مي آل خليفة بالشكر لأهل أصيلة لأنهم «يشاركون في صناعة الجمال».
الندوة الأساسية لهذه الدورة كان عنوانها «التّنمية المستدامة والتّغيّر المناخيّ: أيّ دور للمنظّمات متعدّدة الأطراف؟» استمرت لثلاثة أيام من 12 إلى 14 من الشهر الجاري، شارك في جلساتها العديد من الديبلوماسيين، من بينهم ماركوس كيبريانو (وزير الخارجيّة القبرصيّ الأسبق وعضو اللّجنة الاستشاريّة بمركز العلاقات الدّوليّة والتّنمية الاستشاريّة)، بيرستيغ مولير (وزير الخارجيّة الدّانماركيّ الأسبق)، لورد مايكل هوارد (الوزير البريطانيّ الأسبق وعضو حزب المحافظين)، فرانكو فراتيني (وزير الخارجيّة الإيطاليّ الأسبق)، روت غرينسبان بيل (الباحثة الأميركيّة في السّياسة العموميّة بمركز ويلسون الدّولي برنامج التّغيّر والأمن البيئيّ)، سعيد ملين (المدير العامّ بالوكالة الوطنيّة لتنمية الطّاقات المتجدّدة وكفاءة الطّاقة في المغرب)، لويس ألفونسو دي آلبا (رئيس لجنة حقوق الإنسان السّابق والممثّل الدّائم للمكسيك في الأمم المتّحدة) وغيرهم.
الرسالة التي وجهها بان كيمون الأمين العام للأمم المتحدة إلى منتدى أصيلة هذه السنة ونقلها بنعيسى إلى الحاضرين أشارت إلى التهديد المناخي الذي يعرفه العالم، ودعت إلى ضرورة إشراك جميع القوى السياسية والاقتصادية والثقافية في مواجهة هذا الخطر، ولم تكن رسالة بان كيمون لتمر من دون أن تشير إلى ما يعرفه العالم العربي من أوضاع مظطربة خلال الفترة الراهنة: «التطرف الطّائفيّ الخطير جاء ليضرم نيران الصّراع في سوريا، ويدفع بعض أهالي شمال العراق إلى مغادرة أوطانهم التي كانوا يقطنونها منذ غابر العصور»، مؤكدا أنه على الرّغم من أنّ الصّراعات تختلف باختلاف ظروفها، فإنّها تتّسم بقواسم مشتركة كاحتقار حياة الإنسان، وتبنّي الرّأي الخاطئ بأنّ أمن البعض لا يُضمَن إلّا على حساب غيرهم.
خصصت ضمن فعاليات المهرجان لحظة احتفاء بالروائي والسيناريست المغربي يوسف فاضل شارك فيها عدد من الباحثين من بينهم مصطفى العلواني وأحمد المديني وزهور كرام ومحمد الأشعري الذي اعتبر أعمال المحتفى به مرجعا مهما في الرواية المغربية، مشيرا إلى حضور الفنون المشهدية في نصوصه مفسرا ذلك بالاشتغال الطويل للكاتب في حقلي المسرح والسينما.
النداوت الأخرى كانت تستغرق يومين من النقاش أبرزها «الدولة الوطنية والاتحادات الاقليمية في عالم الجنوب» و«الفن التشكيلي العربي المعاصر». وستكون الندوة الختامية بعنوان «العرب غدا، التوقعات والمآل» خلال العشرين والواحد والعشرين من آب.