الدكتور حسن النعمة: “الجسرة الثقافية” في حُلّتها الجديدة تَبثُّ ثقافةً ثراؤها وافرٌ للإنسان العربي

عبّر سعادة الدكتور حسن علي حسين النعمة عن إعجابه بأحدث أعداد مجلة “الجسرة الثقافية” الذي يحمل الرقم 57، وتقديره للمستوى الرفيع الذي ظهرت به النسخة الجديدة من المجلة.
كما أعرب عن تقديره لجهود نادي الجسرة الذي يُصدر هذه المجلة تحت رئاسة الأستاذ إبراهيم خليل الجيدة.
وقد حرص سعادة الدكتور حسن النعمة على تسجيل انطباعاته حول هذا العدد بصوته، ويُسعدنا أن ننشر ما قاله، كما نُتيح لزوار الموقع ومتابعيه هذا التسجيل الصوتي له.
ومن الجدير بالذكر أن الأديب والدبلوماسي الدكتور حسن بن علي النعمة هو ثالث قطري يحصل على شهادة الدكتوراه في الأدب الأندلسي من جامعة كامبريدج سنة ١٩٧٥م.

 

وإليكم نص كلمة الدكتور حسن النعمة

 

يُطل علينا هذا العدد الجديد من “الجسرة الثقافية” بحُلّته الجديدة ليشمل حقولًا متنوعةً من حقول الثقافة العربية، حتى لنراها في شمولها هذا تَبثُّ ثقافةً ثراؤها وافرٌ بغنى الإنسان العربي الذي يمد في كل حينٍ جسورًا جديدةً تُضاف إلى ما تقدم منها للعبور بنا إلى استشراف مستقبلٍ ثقافيٍ عربيٍ منشودٍ غنيٍ في التجارب، يتخطى في عبوره أُطرًا ثقافيةً ونماذج أدبيةً لِنراها مشرقةً بما يُضيف إليها من كنوزٍ خبيئةٍ من خبايا الفكر والأدب والفن، وليُسقط عليها الجديد من التجارب لتغدو حقولًا لا تنضب، غنيةً بالموروث المتجدد أصالةً في الإبداع وثراءً في المخزون الثقافي الذي تُكتشف آثاره باستمرار ليغدو منهلًا متدفقًا بالمعرفة التي تنمو حباتها لتغدو سنابل مثقلةً بالجنى والعطاء حيةً لا تموت، تمد العقول بغذاء ثريٍ رضيٍّ لتبلغ به ذُرى ثقافة لا تُحد انطلاقاتها، فهي ماضية شطر ما هو أفضل وأكثر إشراقًا في ظلال هذه الذرى الممتدة لتغدو أروع وأجمل وأندى. ونحن نعلم علم اليقين أن بناء ثقافةٍ على ما هو مأمول ومُرتجى من التكامل يُشكل أمام بُناة الثقافة تحديًا ثقافيًا يستوجب منا تلبية مقتضياته ومتطلباته ببذل المزيد من الجهد والإسهام اللذين يُشكلان أساس الأولويات البناء الثقافي المنشود، أو بتعبيرٍ آخر بناء ثقافة التكامل هذه، وتعزيزها وترسيخها في العقول والأذهان.

سيجد القارئ بين دفّتي هذا العدد من “الجسرة الثقافية” مقالات شتى لنخبة من الكتاب والمثقفين العرب شملت عددًا من حقول الثقافة، وإننا لنطمح أن تتسع مجالات هذه الحقول للمزيد من الأقلام المبدعة والرصينة التي تزخر بهم بيئات الثقافة العربية على امتداد عالمنا العربي الكبير مما سيُسهم في إثراء طروحات مجلة “الجسرة الثقافية” بالمزيد من الأقلام المبدعة والمتنوعة في شمولها وآفاقها النيّرة.

إننا نرنو لـ”جسرة ثقافية” يشمل مداها عالمنا العربي، متخطية بذلك إطارها الجغرافي المحليّ، ومستلهمة في ذلك دورها الثقافي العربي القومي والإنساني الأوسع. ونحن نُدرك في رُنوّنا هذا القواسم المشتركة بين بيئات ثقافاتنا العربية وبيئات الثقافة الإنسانية، مما يُشكّل إرثًا حضاريًا وإنسانيًا مشتركًا. وعلى الرغم مما يعانيه عالمنا العربي اليوم من إحباطاتٍ ومآسٍ فإننا لمؤمنون بقدرات عالمنا العربي على تخطي هذه العقبات والمآسي وصولًا لغدٍ أفضل تضطلع الثقافة فيه بدور أساسي في بناء مستقبلٍ ثقافيٍ عربيٍ لا لبانة لنا فيه سوى النزوع إلى الخير والفكر والعدل والفن والجمال، مستقبل تتلألأ على جنباته إرادات الخلق والإبداع، نُلملم فيه أشتات الأمل، ونبذل فيه جهدنا الخيِّر في سبيل بنيان ثقافي عربي أغنى نبذر في جنباته بذور الخير، لنراها سنابل مثقلةً بالزاد الثقافي المنشود، وليصبح الجمال بها أجمل، وليحدو ركب الثقافة بالفكر النيّر، وليمضي في سُراه ويفتّق دجنات الليل، وليمضي صوب صيرورته دنيا مشرقة بالفكر والثقافة ينسدل على الوجود، ويحرك فيه سوانح المعرفة، ويكبّ الشذى في العقول.

بارك الله في جسرتنا الثقافية، أملًا ممدودًا وجهدًا محمودًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى