فيض الخاطر …. الزميل الذي آلمنا مصابه

في هذه الأيام يرقدُ على السرير الأبيض في حالةٍ صحيةٍ حرجةٍ بمستشفى حمد العام، الأستاذ الدكتور مراد عبدالرحمن مبروك، عضو هيئة التدريس بجامعة قطر، وهو واحدٌ من النقّاد البارزين الذين أضافوا للنقد العربي الحديث ملامحَ جديدةً من خلال تأصيل القيم النقدية الرائدة في النقد الأدبي والنقد الثقافي، معتمدًا على ثقافةٍ نقديةٍ موسوعيةٍ مكنته من الخوضِ في هذا المَيدان كواحد من روّاده المعاصرين، وقد ساعده تواجده في جامعة قطر على تناول بعض الأعمال الأدبية والسردية والشعرية في قطر، من منظار نقدي موضوعي ونزيه يعكس إخلاصه للنقد، وسعة أفقه في طرح نظرياتٍ نقديةٍ جديدةٍ أثرت الحَراكَ النقديَ العربي الحديث، وأتاح له عمله الأكاديمي في أكثر من بلد عربي، الممارسة التطبيقية لنظرياته النقدية الجديدة من خلال المنتج الإبداعي في تلك البلاد، وأسهم في مطبوعاتها الثقافية بجهدٍ وافرٍ، وهو الذي كتب كثيرًا في النقد، وألف العديدَ من الكتب في هذا المجال، كما شارك في العديد من الفعاليات الثقافية على امتداد الوطن العربي، ونشر العديدَ من أبحاثه المحكمة في الدوريات المختصة.
وفي مقابلةٍ صحفيةٍ أجراها معه جمال فتحي عام 2020 قال الدكتور مراد مبروك: (لقد قدمت العديد من الدراسات النقدية في مجالات نقد الشعر ونقد الرواية ونقد القصة القصيرة، وفي نقد النظرية النقدية والأدبية وفي الأعمال الببليوجرافية الإبداعية في أكثر من خمسة وعشرين مؤلفًا نقديًا، فضلًا عن عشرات الدراسات النقدية المحكمة في دوريات دولية، وأغلبها عني بالنقد التطبيقي، لأنه النقد القادر على فض مغاليق النص الأدبي أو الثقافي وكشف أسراره، فضلًا عن كونه الكاشفَ لقدرات الناقد من حيث فَهمه لكتاباته النقدية من عدمه، لأن كثيرًا من النقاد يعتمدون على الترجمات الرديئة ولا يحسنون صياغة فقرةٍ نقديةٍ ذات معنى، بل يعجزون أحيانًا عن تفسير وفَهم ما كتبوه في مؤلفاتهم. والعبرة ليست بنوع الجنس الأدبي، ولكن بماهية النص وطريقة معالجته وفنيته وحبكته ورؤيته الفكرية والإبداعية، لذلك لا أفضل جنسًا أدبيًا على آخر إلا من خلال الجودة الفنية والرؤية الإبداعية والفكرية الواعية التي يحملها النص الأدبي).
كثيرون مرّوا على حياتنا الثقافية من خلال عملهم في بعض المؤسسات التعليمية أو الإعلامية أو الثقافية، لكن قلة منهم من عني بثقافتنا المحلية، وقلة أولئك الذين تفاعلوا معها وأسهموا في تقويم مسارها، ومنحوها حقها من الدراسة والنقد، ومن هؤلاء القلة د. مراد مبروك، شفاه الله وعافاه، ليعود إلى زملائه وطلابه ومعارفه الذين منحوه المحبة والتقدير، وآلمهم ما أصابه من داء، نسأل الله جميعًا أن يُنقذَه ويشملَه بشفائه، اللهم إنا نسألك بأسمائك الحُسنى وبصفاتك العلا وبرحمتك التي وسعت كل شيء، أن تمنَّ عليه بالشفاء، وأن تلبسَه ثوب الصحة والعافية، عاجلًا غير آجل، وأنت أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، آمين يارب العالمين.

alkawarik@gmail.com

** المصدر: جريدة”الراية”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى