حديث المجالس (2)
- حديث المجالس (5) - 2024-11-13
- حديث المجالس (4) - 2024-10-29
- حديث المجالس (3) - 2024-10-22
من أبرز رواد المجلس «أبو محمد»، هو زادنا الحقيقي في إطار الثقافة والفكر، وهو كنز معرفي.. وثروة قومية في إطار المأثور الشعبي من الحكايات، والأمثال، والألغاز، فإذا أردت تاريخ الفلكلور الشعبي.. أو تاريخ ما يرتبط بالميثولوجيا؛ فليس أمامك سوى «أبو محمد»، فأنت قد تسمع عشرات المرات الأمثال الشعبية، ولكن لا تفرق متى؟ وأين؟ ولماذا؟ قيلت هذه الأمثال، وعند «أبو محمد» الخبر اليقين.
الثقافة قد يربطها البعض – مع الأسف – بالدراسة أو الشهادات الجامعية، ولكن كما قال «إبراهيم» في المجلس: «الثقافة كم تراكمي»، ذلك أن تجارب «أبو محمد» تجارب من حياة عبر سنوات، وزاد معرفي، والأهم.. ذاكرة تحتفظ بكل هذا.
نحن مثلا لا نتوقف أمام الكثير من الأشياء! ولكن أمثاله يغوصون في تفاصيل الأشياء، ولديه فكرة شمولية عن أدق الأشياء منها، مثلا ما طرحه علينا:
هل تعرف المدة التي كان يغوص فيها الغواص بحثا عن المحار؟
ما اسم حصان خالد بن الوليد في معركة القادسية؟
هل تزوج عنترة بن شداد ابنة عمه عبلة أم لا؟
أين الكوع؟ وأين البوع؟ وأين الأنكل والأكب؟
أيهما أسرع الفيل أم الخرتيت؟
ولدى «أبو محمد» العديد من الأسئلة.. فهو ذاكرة حقيقية لا يمل مجلسه، ذلك أنه نموذج متفرد، وإذا غاب عن مجلس «أبو علي» شعرنا جميعا بأن تواجده أمر ضروري، فما يقدمه يخلق إطارا تكامليا لنا في الأدب والشعر والفكر، كان حديثه -مثلا عن واقعة المعري الشريف الرضي، أو واقعة ولادة بنت المستكفي، أو ما جرى بين أولاد هارون الرشيد المأمون والأمين،- حديث عالم.
وأما رأيه في قصيدة النثر.. فقد كان مثيرا للدهشة!! وهو يتحدث عن أنسي الحاج، وغيره، وتحدث عن طرفة بن العبد، والمتنبي، ودعبل الخزاعي، والأعشى الهمداني، وعلي بن الجهم وهؤلاء كوكبة من الشعراء قتلهم شعرهم في عدة أزمنة، ذكرهم «أبو محمد» وشرح باستفاضة سبب قتلهم، مثل أبي الطيب وطرفة والذي قتل شابا صغيرا.
حقا إن أمثال «أبو محمد» شمعة تنير المجالس بفكره وثقافته، ووعيه، وعلمه.
**المصدر: جريدة”الشرق”