صوفيا لا أحد.. كتابٌ على صفحتيّ (فولسكاب) / عبدالله الزيود ( كاتب فلسطيني مقيم في الإمارات)
الجسرة الثقافية لالكترونية – خاص –
قبل أسبوعٍ من الآن قرأتُ “صوفيا لا أحد” وهو الكتاب الثاني الذي يصدره يامن النوباني بعد ذاكرة اللوز..
أقول: كمُّ العاطفة الذي يريد الكاتب أن يُجبرَ لغته على حملهافوق كتفيها كثير، إذ لا تستطيع لغةٌ فقيرةٌ كتلك أن تحمل ما يشتهيه، وقد تستطيع الدّموع.
وفي أماكن عدّة من الكتاب تجد ركاكةً لغويةً تتساءل بعدها عن غياب النّقد وازدياد عدد الشعراء على القرّاء، والصمت، الصمتُ الذي جعل الكثيرين يتجرّؤون على النشر؛ لأنَّه ما من عقوبةٍ للركاكة، أو حتى مُساءَلة، فيقول:
“لا بحور على الأرض، كلّ الماء (عينيك)” والأصل فيها: عيناك كلّ الماءِ
وفي مكان آخر يذكّر المؤنّث فيقول: “ريحٌ أًرسِلُهُ إلى الكون”
أو يأتي بتشبيه بعيد مثل: “قلبي من خشب، المسيه ليتفجّر الماء” لتسأل ذاتك هل يقصد من حجر؟ ثمة ارتباط بين الماء والحجر، أما الخشب؟! لماذا الخشب، ثم ولقلّة معرفتي بالرّموز أجدني مستسلمًا لعدم الفهم، وفي موضع آخر يقول: “أمدّ يدي لشعرك لألتقط السّماوات سماءً سماءً” وهنا أترك التعليق لألوذ بالصّمتْ.
لقد تجرّأ الكثيرون على الأدب،لا أعرف الكاتب شخصيًا ولم نتحدّث قطّ، وكأي قارئٍ شدّتني الآراء وكثرة حضور اسمه أمام عينيّ،ومحبّتي القُطرية الخفيّة لأرى كُتّاب فلسطين والأردنّ على سويّةٍ عالية من الثقافة والنّتاج، وللأمانةِ أقول: ما قرأته كان صادمًا!
الكتاب الذي سُبق بمقدّمة لـ(الشاعرة الفلسطينية) “وفا ربايعة” جاءت أطول منه، والاقتباس في بدايته أكثربلاغةً من معظم النّصوص في جوفِه، ولم تخلُ صفحاته من حيفا وأسطورة الفلسطيني، وذكر بعض الأحداث التي من شأنها أن تدفع القارئ للتعاطف نوعًا ما مع الكاتب، وليس مع الكتاب الذي أضطّرُ آسفًا أنْ أصفه بالفضفضة، وحتى لو كان فضفضةً فهل هذا يعطي الحقّ لصاحبه أن ينثره على ستٍّ وثمانينَ صفحةً، والمكتوبُ نثرٌ كان من الممكن أن تتّسع له ورقتا (فولسكاب)؟
ومن حقّي كقارئ أن أتساءل عن دَورِ دُور النَّشر، أين كانوا عن كلّ هذا؟ وهل من المعقول أن يدفع بالغثّ والسمين في وجوهنا، ألا يستحقّ الكاتب أن يُردع إن أساء وأن يكرَّم إن أبدع؟
لا أضع اللوم كلّه على الكاتب، فهنا؛ أجد أنه من الإنصاف أن نُشرِك القرّاء في هذا، حتى وإن طَفَتْ نظريّة رداءة القرّاء على السطح، وجدليّة التكريس التي باتت شبه طابعٍ لكلّ ما هو فلسطينيّ لكونه فلسطينيًّا وحسب، لا لكونه مبدعًا أو لأنّ طَرْقه يستحقّ الإشادة.
لو هُيّئَ للكُتّابِ الشّبابِ الاستماعُ للنّصائح؛ لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، ولو انعدم التّصفيق في هذا العالم؛ لكانت النّتائج أكثر عمقًا وتأثيرًا، ولو لم أكتب ما أكتبه الآن عن الكِتاب؛ لكنتُ شيطانًا أخرسَ، أما الشيطانُ فأنا كفيلٌ به، وأما السُّكوتُ فخطيئةٌ كُبرى.
هذا الكتاب بنسخته الورقية جريمةٌ بحقّ الأشجار في العالم.