“بركات.. زعيم المحافظين في السينما المصرية “في كتاب جديد

الجسرة اثلقافية الالكترونية

محمد هاشم عبد السلام #
صدر للناقد السينمائي والصحافي المصري مجدي الطيب كتاب بعنوان “بركات: زعيم المحافظين في السينما المصرية”، عن المخرج القدير هنري بركات، صاحب مجموعة من أشهر وأهم أفلام السينما المصرية في عصرها الذهبي، “الحرام”، “دعاء الكروان”، “في بيتنا رجل”، “الباب المفتوح”، “أمير الدهاء”، “أمير الانتقام”، “أفواه وأرانب”، “الخيط الرفيع” وغيرها الكثير من الكلاسيكيات.

وقد جاء الكتاب، الصادر ضمن مطبوعات مهرجان القاهرة السينمائي لعام 2014، والذي يبلغ حجمه مائة وثلاثين صفحة تقريباً، في سبعة فصول متفاوتة المساحة، إلى جانب ملحق صغير للصور.

كان لقب “زعيم المحافظين” قد أطلقه مؤلف الكتاب على المخرج بركات نظراً، كما يقول في مقدمته، للبيئة المحافظت التي نشأ فيها والتي تركت دون شك بصمتها الواضحة على شخصيته وأفلامه وكانت سبباً في اتجاهه الكلاسيكي. وقد جاءت عناوين الفصول السبع على النحو التالي: مصري من شبرا، سينما تراها فتقع في غرامها، السيرة العطرة، الزاهد يغادر صومعته، في مدرسة السينما، فيلموجرافيا، رسائل ماجستير وجوائز وتكريمات.

في الفصل الأول “مصري من شبرا” يدقق المؤلف ويصحح المعلومة الكاذبة التي عرفت وتداولت طويلاً عن بركات بوصفه لبناني الجنسية، والصحيح أنه سليل عائلة شامية هربت إلى مصر بسبب الاضطهاد الديني للمسيحيين من جانب الاحتلال العثماني. وفي مصر درس والده الطب وارتقى في السلم الوظيفي الحكومي، وتزوج وأنجب خمسة أولاد ذكور، كان آخرهم مخرجنا الذي ولد في حي شبرا بالقاهرة في الحادي عشر من يونيو عام 1914.

يتتبع الفصل مراحل بركات العمرية حتى تخرجه في كلية الحقوق، ويرصد حبه للفنون بصفة عامة لا سيما الموسيقا والسينما بصفة خاصة، ثم قراره بالسفر إلى فرنسا، بعد تركه لمهنة المحاماة، لزيارة شقيقه الذي كان يدرس ويقيم هناك، والفترة التي قضاها هناك، ثم عودته إلى مصر بسبب اقتراب الحرب. وبعد ذلك اختياره للعمل كمساعد للمخرج أحمد كامل مرسي واستيفان روستي، وبداية تمرسه في صناعة السينما وممارسته لكافة المهن بها حتى الديكور والاكسسوارات. ثم ننتقل بعد ذلك للتعرف على بركات الزوج، تزوج وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، ثم بركات الأب، أنجب ابنتين “راندا” و”جيهان”، ونقترب هنا أكثر من النطاق العائلي للمخرج ونتلمس علاقته بزوجته وابنتيه. وتحت عنوان فرعي “الطقوس المقدسة” يطلعنا الكاتب على بعض الطقوس المجهولة للمخرج مثل جلوسه مختليًا بنفسه في مكان منزو بدار العرض عندما كانت تعرض أفلامه كي ينصت لتعليقات الجمهور ويستكشف انطباعاتهم عن قرب.

وتحت عنوان آخر فرعي “المتواضع… الإنسان”، يطلعنا على ذلك الجانب النبيل في شخصية بركات وكيف كان تعامله مع من عرفوه من أهل المهنة سواء كانوا فنانين أو فنيين. ثم ينتقل بنا لعنوان فرعي آخر “الأديب في داخله”، ويبين لنا علاقة بركات بالأدب والنصوص الأدبية التي كان يقرأها باللغتين الإنجليزية والفرنسية، وكذلك علاقاته بكتاب وأدباء مصر الذين تعامل معهم واستلهم أعمالهم. وبعد ذلك يطلعنا المؤلف تحت عنوان فرعي “فاتن في حياته” على علاقة المخرج بالممثلين الذين عملوا تحت إدارته، وبصفة خاصة فاتن حمامة التي كانت بالنسبة له جوهرة ثمينة على حد وصفه. ويختتم الفصل الأول بعنوان فرعي أخير “أحلام لم تر النور” عن الأعمال التي قيل إنه بصدد إخراجها أو التفكير في تقديمها. ويختتم سطور ذلك الفصل بتلك القصة المحزنة لبركات مع جائزة الدولة التقديرية في الفنون.

الفصل الثاني “سينما تراها… فتقع في غرامها”، يقدم فيه مجدي الطيب قراءته الخاصة لأربعة أفلام على وجه التحديد، ثلاثة منها وردت ضمن قائمة مكتبة الإسكندرية لأهم مئة فيلم مصري خلال مئة عام، هي على التوالي: “معلش يا زهر” (1950) وعنوان المقال “طبقة متوسطة مسالمة… صاحبة تقاليد صارمة!”، والفيلم الثاني هو “لحن الخلود” (1952)، وعنوان المقال “البحث عن النغمة المفقودة!”، ثم الفيلم الثالث “حسن ونعيمة” (1959) وعنوان المقال “صراع الأفكار والثقافات!”، وأخيرًا الفيلم الرابع “في بيتنا رجل” (1961) وعنوان المقال “الفيلم الوطني في منظور رومانسي!”.

أما الفصل الثالث والذي جاء تحت عنوان “السيرة العطرة”، فهو عبارة عن تجميع لمجموعة من الآراء التي كتبت عن أفلام بركات بقلم حشد من النقاد والفنانين والمخرجين من مصر والعالم والتي نشرت في عدة جرائد ومجلات مصرية وأجنبية. وقد افتتحها المخرج برأي للناقد والمؤرخ الفرنسي المعروف “جورج سادول” عن فيلم “الحرام” الذي مثل مصر في مهرجان “كان” عام 1965 ونشره بجريدة الآداب الفرنسية، وأنهاه برأي المحرر الفني لجريدة لوموند الفرنسية الشهيرة بمناسبة عرض “لحن الخلود” على شاشة القناة الأولى بالتليفزيون الفرنسي عام 1986.

“الزاهد يغادر صومعته” عنوان الفصل الرابع الذي هو عبارة عن تجميع لأربع حوارات أجريت مع بركات ونشرت في فترات زمنية متفاوتة. وقد جاء الحوار الأول تحت عنوان “السينما المصرية تنقصها “الأمخاخ””، والحوار أجراه الكاتب الصحفي: فوميل لبيب ونشر في مجلة “الكواكب المصرية” عام 1959. والحوار الثاني بعنوان “عن الشعر والعاطفة وفاتن حمامة” وأجراه الناقد السينمائي: سمير فريد ونشر في مجلة “السينما” عام 1970. والحوار الثالث بعنوان “أفلامنا القديمة، الزمن يزيدها حلاوة… وفاتن موهبة فريدة” وأجراه الناقد السينمائي صلاح هاشم ونشر في مجلة الشرق الأوسط عام 1994. أما آخر وأطول حوار فقد جاء بعنوان “أفلامي وطنية… وليست سياسية” وقد أجراه مؤلف الكتاب ونشر في مجلة “فن” اللبنانية عام 1996.

الفصل الخامس، الذي حمل عنوان “مدرسة السينما”، عبارة عن تفريغ لحلقة بحث غاية في الأهمية والعمق، تحدث فيها بركات عن كل ما يتعلق بفنيات الإخراج والمونتاج، وذلك في حضور طلبة المدرسة العربية للسينما والتليفزيون التابعة لوزارة الثقافة المصرية والتي تعمل على تدريس فنون السينما والتليفزيون مجانًا على شبكة الإنترنت، وقد أدارت تلك الحلقة البحثية الكتورة منى الصبان مدير المدرسة.

الفصل السادس هو “فيلموجرافيا” تسرد على نحو تسلسلي دقيق الأفلام التي أخرجها هنري بركات، بداية بفيلمه “الشريد” عام 1942، وانتهاء بآخر أفلامه “تحقيق مع مواطنة” عام 1993. إلى جانب بعض الأفلام القصيرة والسهرات والمسلسلات الدرامية التي أخرجها على مدى مسيرته المهنية الحافلة.

أما الفصل السابع والأخير فقد جاء تحت عنوان “جوائز وتكريمات”، ورصد فيه المؤلف رسائل الماجستير والدكتوراه التي كتبت عن بركات والكتب التي تناولت أعماله، وكذلك الجوائز والتكريمات والأوسمة التي حصل عليها. وكذلك أفلامه التي شاركت في مهرجانات دولية مثل برلين وكان وموسكو، وتلك التي حصدت جوائز بمهرجانات مثل نيودلهي وجاكارتا وفالنسيا، ويختتم الفصل بسرد للتكريمات في باريس، وفالنسيا، ومهرجان الإسكندرية، والتليفزيون العربي الأمريكي بلوس أنجلوس، وبمونبيليه، وأخيرًا مهرجان القاهرة السينمائي عام 1994.

…………

ثقافة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى