الكاتب الإسباني ماركوس أوردونييث يرثو صمويل بيكيت: لم يكن عبثياً

الجسرة الثقافية الالكترونية

أحمد ضيف *
المصدر / ثقافة 24

بمناسبة مرو 25 عاماً على رحيل الروائي والمسرحي الشهير الحائز على نوبل صمويل بيكيت، كتب الكاتب الإسباني ماركوس أوردونييث مقالاً بجريدة الباييس الإسبانية.

النص الكامل:
إعجابي بصمويل بيكيت، الذي نحتفل اليوم بالذكرى الخامسة والعشرين على رحيله، يزداد كلما غطست مجدداً في عالمه. أعود لقراءته وأفكر في طائر كبير، بأجنحة بطريق ومنقار نسر، يحلق فوق الموضوعات التي يسكبها في أعماله. هل كان بيكيت عدمياً؟ هذا ما كان يقال في مرات كثيرة ولا زلت لا أصدقه. أفكر في أن بيكيت كان واقعياً، كان محارباً، أفكر في بيكيت المتفائل. دائماً ما لفتت انتباهي عبارة له، كتبها خلال الاحتلال: “أفضّل أن أعيش في فرنسا وقت الحرب على أن أعيش في إيرلندا المحايدة”.

بيكيت المحارب: قليلون من يعرفون أنه انضم إلى المقاومة، وكمكافأة لأدائه حصل على وسام “صليب الحرب”. عدو الإنسان العظيم كان أيضاً، بكلمات من عرفوه، رجلاً “شديد اللطف والطيبة”. يحكي هارولد بينتر متأثراً حكاية عاشها معه في بدايات الستينيات: في بيته، ليلة أول لقاء بينهما، نهض بيكيت وجال على عدة صيدليات بباريس في الخامسة صباحاً ليحصل على قليل من البيكربونات ليهدئ ألم الإمساك الذي أصيب به ضيفه.

في عمله “الحب الأول”، القصة التي كتبها عام 46، والتي كانت إرهاصاً بالكوميديا السوداء التي ستظهر بعد ذلك في “مولوي” “مالون يموت” “اللا مسمى”، يعالج جروح الإنسان الداخلية العميقة.

بيكيت الواقعي: يقول بوتسو:”النساء تلد فوق مقبرة، والنهار يبرق لحظة ثم يحل الليل”.

بيكيت المتفائل: قال جورجيو ستريهلر عندما أخرج “أيام سعيدة”: “ويني لم تنتحر لكن يمكن أن تفعل ذلك”، ويضيف: “في الفصل الأول تظهر بمسدس في يدها، لكن لم ينتحر أحد أبداً في أعمال بيكيت”. ويني، أخت موللي بلووم، تفيض بالفكاهة، فكاهة براغماتية كشكل من أشكال المقاومة. يرن الجرس، وهذه المرأة المدفونة حتى رقبتها تفتح عينيها كممثلة استدعوها للمشهد: “غني يا ويني”، “غني أغنيتك”.
وفي “انتظار جودو” يجعلنا نفكر في مجموعة من الكوميديين المجبرين على تمثيل عمل، دون أن يعرفوا لماذا، على خشبة مسرح مهجور. وفي “نهاية اللعبة” يستحضر صورة الملكين اللذين بقيا وحيدين ويختاران القيام بحركات بسيطة.

في عمق اللا شيء دائماً ما يوجد شيء، “شيء يواصل فتح طريق في اتجاه ما، سمه سوسة، كلمة أو سرد. ثمة اتجاه طبيعي نحو السرد في شخصياته، نحو السخرية الفعلية والفانتازية، نحو القدرة على معرفة حقائق الحياة وتجاوز الرعب والجمال.

على الرغم من ذلك، يبدو بيكيت كمن يقترح برعماً غير منتظر من شجرة جافة: يجب أن نتحرك حتى لو لم نصل إلى اي مكان، يجب أن نواصل اللعب حتى لو أظهر الجميع أوراقه. من إيماءة لإيماءة، من كلمة لكلمة، يرسم أبطال أعماله اسماً سرياً بالرمل: النجاة، هنا والآن. لا أرى عبثاً عند بيكيت. يحدثنا عن الاحتياجات الأساسية: الأكل، النوم، البحث عن صحبة، والبحث عن طريقة لقضاء الليل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى