معرض تشكيلي مشترك بين السوداني حسّان علي والمصري سعيد العدوي
الجسرة الثقافية الالكترونية
*صلاح الدين مصطفى
المصدر / القدس العربي
إبداعات بين الأمس واليوم» هو العنوتن الذي تم اختياره لمعرض تشكيلي في القاهرة جمع بين الفنان التشكيلي السوداني حسان علي أحمد والتشكيلي المصري الراحل سعيدالعدوي، وذلك بغاليري غرانت الذي سبق له استضافة العديد من معارض الفنانين السودانيين.
السمة الأساسية في هذا المعرض هي اللونان الأبيض والأسود لجميع اللوحات المعروضة، وهذا ما جعل فادية غرانت، منظمة المعرض، تنحاز لاختيار هذين الفنانين، حيث ترى وجود العديد من الملامح المشتركة بين حسان وسعيد، وتضيف أن الفنان السوداني حسان أحمد معجب جدا بسعيد العدوي وبأفكاره واتجاهاته الفنية، لذلك اختارته ليشارك لوحاته في هذا المعرض.
وتقول فادية إن سعيد العدوي توفي قبل أربعين عاما وكان سابقا لعصره وأعماله غير مقلدة ومواكبة تماما لهذا العصر، وترى أن المعرض فرصة سانحة لاستعادة ذكراه العطرة وذاكرته الجمالية.
الفنان حسان مستقر في القاهرة منذ عام 1992، وكانت لديه تجارب في العرض بالعاصمة المصرية منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي. ويقول عن ذلك: «القاهرة مدينة جميلة أعجبت بها وأقمت فيها قرابة الأربعين معرضا، نصفها جماعي والنصف الآخر فردي، أما اشتراكي مع لوحات الفنان المصري الراحل سعيد العدوي فهو أمر أسعدني كثيرا، لأنه من الفنانين المميزين جدا وقد كان استاذا بكلية الفنون بالإسكندرية، ومؤسسا لجماعة الفن التجريبي مع محمد عبد الله ومصطفى عبد المعطي ويتميز بالخطوط الناعمة».
وهو يرى أن مثل هذه المعارض مهمة رغم عدم تقييم وتقدير هذا الفن بشكل كبير، ويقول إن القاهرة لا تختلف عن الخرطوم كثيرا من حيث ضعف تقدير الفن التشكيلي وعدم ارتياد المعارض لعامة الناس، على الرغم من تاريخها الطويل في هذا المجال منذ «الطليان والأغاريق»، ويعتقد أن العدد الذي حضر الافتتاح لن يتكرر مرة أخرى وسيتناقص حتى تنتهي أيام المعرض، ويصف الذين حرصوا على حضور افتتاح المعرض بأنهم إما فنانون تشكيليون أو دارسون لهذا الفن. ويضيف: «يندر أن يحضر مثل هذا النوع من الفعاليات الثقافية عامة الناس».
ورغم هذا الرأي، يقر حسان بأن الإعلام المصري يولي هذا الفن كثيرا من الاهتمام، وذلك من خلال التغطية الصحافية والتلفزيونية، ويقول بأن «قناة النيل الثقافية» أنتجت عنه فيلما تسجيليا، وبخصوص التواصل مع الجمهور السوداني يقول، إن ذلك يتم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة الفيسبوك، حيث يضع الفنانون أعمالهم على صفحاتهم الشخصية والمجموعات ذات الصلة بالفن التشكيلي ومن ثم يدار نقاش وحوار. إضافة لذلك يقول حسان إن بعض التشكيليين السودانيين يقيمون معارض في القاهرة بين الحين والآخر، ويدور نقاش حول هذه المعارض، وهنالك من يكتبون عن هذا الفن مثل علاء الدين الجزولي وحسن موسى، وحول إمكانية إقامة معرض له في الخرطوم بعد هذا الغياب الطويل يقول، إن هذا الأمر وارد جدا وربما يعود بصفة نهائية للسودان، خاصة أن الأوضاع لم تعد كما كانت في القاهرة.
عبد الله بشير فنان تشكيلي شاب موجود في القاهرة وكان حريصا على حضور هذا المعرض وقال لـ»القدس العربي»، إن هذا المعرض يتميز بخصائص فنية قوية، من خلال لوحات الفنانين حسان وسعيد، ووصف سعيد العدوي بالتمكن من استخدام الخطوط والتفاصيل والرموز، بينما قال إن ّ حسان يتميز بالتعامل المتقن مع المساحة اللونية والخط.
وهو يرى أن قوة الدلالات وإمكانيات التعامل مع «الأبيض والأسود» سمات بارزة في هذا المعرض المشترك الذي تجاوز الزمان والمكان وجمع بين فنانين من بلدين وزمانين مختلفين، ويقول إن مثل هذه المعارض تحدث حراكا ثقافيا وتجعل الفنانين ومتذوقي الفن في تواصل مستمر، ويشير إلى أن القاهرة تتميز بوجود معارض يومية، الأمر الذي يخلق مناخا للتنافس والإبداع ويقول، إن هذا التنافس يؤدي- حتما – لزيادة المعرفة ويقوّي الذاكرة البصرية ويحفزها لمزيد من العطاء.
وعن عرض أعمال لفنانين سودانيين في «غاليري غرانت تقول مديرة الغاليري فادية غرانت، إن الفنان التشكيلي السوداني- عموما – يتميز بسعة الأفق والثقافة واحترام الفن، يضاف لذلك الخصوصية التي تميز المبدع السوداني واحترامه لفنه، وتضيف بأنّ كل ذلك يجعلها حريصة على أن تتيح فرصة العرض للفنانين المقيمين في القاهرة، أو الذين يأتون من السودان للعرض والتواصل مع جمهور مختلف أو مع زملائهم السودانيين أو الفنانين المصريين.