ثوّار الأدب : بين الفضيلة و العالم الأزرق !!

الجسرة اثلقافية الالكترونية

*سناء الحافي

المصدر / القدس العربي

أصبح امتهان الأدب و خصوصاً الشعر بأجناسه قِبلة للمستشعرين و رواد مواقع التواصل الالكتروني و وسيلة للتعبير و كسر التابوهات التي طالما قيّدتهم عن أداء دورهم كثوار متمردين و ساخطين عن واقعهم الذي بات باهتاً من كل انواع المتعة و الرغبة في خلق غد أفضل ، خاصة و أننا كشعبٍ عربي جمعتنا اللغة باسقاطاتها و وحّدنا الدين بكلّ مذاهبه بعدما أصبحت التفرقة تنخر جسد هويتنا باسم الحرية في فصل ربيعٍ لم ينتهِ بعد من تحقيق مهامه و تطلعات شعوبه …
و من منطلق البحث عن حقيقة الاشياء، اصبحت الكتابة الشعرية ” لقيطة ” يتبنّاها كلّ من هبّ و دبّ، بعيدا عن الدراسة و النقد ، و يستغلّ ” ضعفها ” كلّ من ثار من أجل هدف و غاية، دون مراعاة ان للشعر هيبة كالسلطة ، لا يقترب من عرشها سوى اصحاب الشأن ، و غير ذلك يعدّ تطاولا في حقّها و تعدياً على قوانينها …
لكن .. في عالمنا الازرق الذي فرض أسماء تحت سقف الشعر جعلنا نتساءل عن ماهية الأدب في زمن أصبح الجميع يتاجر بقضية الوطن ، و يقايض بالكلمة وطنية الاخرين…مقابل ان يحضى بلقب شاعر / شاعرة…لينتج عن ذلك شعر لا ينتمي لأية مدرسة و لا يندرج الا في خانة الشكّ عن طبيعته التي تدّعي الثورة و تستدعي منّا الخنوع لسلطة القول.
من هنا نجد أن ظواهرنا تبقى معتمدة على المجتمع المحيط بنا وأشخاص معينين, فكم بقينا حتى ندخل الشعر الحر في مدارسنا وجامعاتنا, إذا كنا حتى هذه اللحظة مختلفين بين أن نسميه الشعر الحر أو شعر التفعيلة, ليغدو الأمر كله متعلق بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية التي ترمي بظلالها على المشهد الشعري دوما, التي تؤخر تطوره ولا يستطيع مواكبة التقدم لان قدرة الشاعر تستنزف بالجدل السياسي والتدجين, لذا نجد اننا غير متفائلين خصوصاً أن الحاضر والمستقبل بات عاجزا عن إنتاج عمالقة في الشعر …
خاصة و ان مشكلات الأديب العربي كفرد ضمن مجتمع كبير كثيرة جدا منها الإنسانية ومنها الأدبية, فالإنسانية منها يمكننا اختزالها في كل ما يتعلق بالخراب الكبير التي خلفتها الحروب وما جاء به من اثنيات وطائفيات وعشائريات وأميات وغيرها, أما الأدبية فملخصها ما يتعلق بوجوده كمبدع وحاجته الماسة إلى دور للنشر وقلة المراكز الثقافية التي تعمل على التعريف به يضاف إلى ذلك غياب النقد النوعي لمواكبة أعماله الإبداعية ،لذلك اصبحت الثقافة العربية قائمة على المتغيرات السائدة التي يعيشها هذا الفرد أو ذاك و تخضع للتسييس وتقنين جميع الفنون الأدبية بما فيها الشعر، ليصبح نتيجة ذلك فاعلا و ليس مفعولا و مؤثراً ، و لا تحكمه أية قواعد تلزم المرء بعدم تجاوزها و كسر هيبة الشعر بهدمها…
فالثوّار في الشعر كما في ساحات الحروب الحالية، الذين ينددون بالفضيلة و يقتتلون بينهم باسم الدين ، الا ان ثوّار الادب سلاحهم كلمة تجول حسب معتركاتهم الفكرية و الثقافية و احيانا كثيرة تكتسي ثوب الطائفية ، و لعل هناك من يرى فيه اداة ادبية للوصف و التعبير و صكّها في ملكية الجميع و يرفض تقنينه و خوصصته ، الا اننا نرى ان النقاد اعتزلوا عن اداء مهامهم حتى تتضح هوية النص وفق النسق الادبي الذي ينوّطه و لا يختلط الحابل بالنابل و اقتصر بعضهم على التهليل و التبجيل و البعض الاخر أحرق ذائقة التلقي لديه حتى لا يعي خطورة الوضع و لا يستشعر غيرته على قيمة الشعر و الشعراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى