الأدب التفاعلي كخيار راهن

الجسرة الثقافية الالكترونية

*رضاب فيصل
المصدر / مدل ايست اونلاين

وسط تقاطعات جديدة على واقع الثقافة العالمية الراهنة، صار لا بد من دراسة جادة لتفاعل الثقافات في كل العالم، أبرز العلاقات والتحديات المعطاة، الشيء الذي تطرّقت له الدكتورة بهيجة مصري إدلبي في كتابها “الأدب التفاعلي وحوار الثقافات، الصادر مؤخراً عن دائرة الثقافة والإعلام في إمارة الشارقة، ليناقش مصير الحياة الثقافية في ظل الانفجار المعرفي.

جاء البحث في خمسة فصول، سبقتها مقدمة تمهيدية قالت الكاتبة فيها: “في هذا البحث حاولت أن أبحث في العلاقة بين الأدب والنظام الإعلامي الجديد الذي تحدده ثورة المعلومات، ويحدد نظام العولمة الشامل، وبالتالي كان لا بد من المقدمات النظرية التي تبحث في المفاهيم والمصطلحات للوصول إلى كنه أسرارها وأبعاد تأويلاتها.

أما الفصول فهي، “حوار الثقافات والرؤية الفاعلة”، “الأدب بين العولمة والعالمية”، “مدخل إلى الأدب التفاعلي”، “رواية شات بين المناص الصامت والمناص التفاعلي”، “تباريح رقمية لسيرة بعضها أزرق”.

وخلصت إدلبي إلى ان الحوار هو الوسيلة الوحيدة لدى كافة المجتمعات المعاصرة من أجل الوصول إلى حالة متكاملة من السلام الاجتماعي والاستقرار والأمان، فثمة ما يؤكد وجود تنوع ثقافي في الوقت الحالي، يواجهنا جميعاً كحقيقة كونية شاملة يفترض بنا تقبلها والتكيّف مع مستجداتها ومعطياتها.

وهنا يقف الإبداع في مواجهة حقيقية وشديدة مع التطور التكنولوجي الهائل. والصيغة الحوارية ما بين هذين الطرفين صار لا بد منها، لتفكيك جدار العزلة من جهة، ولترجمة الرؤى الإنسانية من جهة أخرى. وتقول: “من المسّلم به أن هذه الشبكة المعلوماتية قد ألقت بظلالها على العالم كقدر لا راد له، ولا مجال للتحصن من اختراقاته مختلف مجالات الحياة الإنسانية، اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً وإبداعياً. ولا شك انها أصبحت عالماً داخل عالم بما تحمله من إمكانات خارقة غيرت وما زالت مفاهيمنا المختلفة عن ذاتنا ووجودنا ورؤانا وثقافاتنا وعلاقاتنا وإبداعاتنا وسلوكياتنا ومعارفنا”.
وتسأل: كيف لثقافتنا المنطوية على ذاتها، وآلامها، وأطرها المنتهية أن تواجه هذا العصر وهي في حالتها الاستهلاكية البعيدة عن أي إنتاج؟ وكيف لنا أن نتجاوز لا فاعليتنا لنكون فاعلين ونحن نواجه أخطر ظاهرة اجتماعية واجهتها البشرية على امتد العصور؟

وخلال بحثها عن مفهوم النص التفاعلي الذي تميل إلى تسميته بالإبداع التفاعلي ليكون أشمل وأدق وصفاً. تفسّر: “إن التفاعل يتشكل في فضاءين، فضاء النص الذاتي وفضاء النص الموضوعي، ففي الفضاء الداخلي أو الذاتي تتفاعل اللغة في أساليبها المختلفة على مستوى اللفظة والصورة والرؤيا والتعلق النصي…. إلخ. أما في الفضاء الموضوعي فيتفاعل النص مع القارئ، وهذا التفاعل إنما يأخذ ماده ومدّه من خلال التفاعل الذاتي للنص، فكلما كان التفاعل منسجماً بعناصره كانت استجابة القارئ والمتلقي أكثر فاعلية وأكثر تفاعلاً مع معطياته”.

نهايةً، ذهبت الكاتبة في خاتمة البحث، إلى أنه في النهاية لا بد من التأكيد على أن العالم الجديد والنظام العالمي الجديد أفق يصنعه الإنسان، فإما أن يكون أفقاً خصباً، وإما أن يكون أفقاً رمادياً، وبالتالي فالمستقبل رهن بوعي الإنسان وعياً كونياً حضارياً تفاعلياً، وهنا يكمن دور الأدب التفاعلي الذي فتح آفاق النص الأدبي وفتح آفاق الرؤيا الإنسانية من أجل مستقبل أفضل، ومن أجل التبشير بنص أدبي متفاعل بين البشر أينما كانوا، حيث العالم الافتراضي يتشكل فينا ونتشكل فيه، لكنه يبقى عالماً لا وجود له إلا بوجود الإنسان الحقيقي الذي يتمثل بظل الإنسان الافتراضي، وبالتالي يتشكل الوجود من خلال هذا التلاقي بين الافتراضي والحقيقي، لكن النتيجة هي مستقبل الوجود الإنساني على هذا الكوكب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى