«الكلمة كلمتك» في عمّان … فسحة لفنون الشارع على رغم الحروب

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

جمال عياد

 

على رغم الحروب الطاحنة الدائرة شمال الأردن وشرقه (العراق وسورية)، وانتفاضة السكاكين في غربه (فلسطين)، إلا أن هناك فئات تتمسك بتأكيد الذات عبر ممارسة أنواع من الترفيه، والقيام بنشاطات حضارية تدعو إلى الحفاظ على البيئة، وتجميلها وتزيينها لونياً.

وتتواصل حالياً فعاليات مهرجان «الكلمة كلمتك» من أجل تعليم فنون الشارع وإطلاع الناس عليها في أمكنة متعددة في جبل اللويبدة في عمّان، وذلك بإشراف شِرمين صوالحة، مديرة «ملاهي للإنتاج والتوزيع الفني». وتستمر فعاليات المهرجان حتى نهاية العام الحالي.

يتضمن المهرجان الذي انطلق في أوائل تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، حفلات رقص و «بريك دانس» و «هيب هوب»، وفنون التفاعلية، ورياضة التزلج بالعجلات، إلى جانب إنشاء جداريات بواسطة فن الغرافيتي.

ومن الأمكنة التي احتضنت هذه النشاطات، جمعية «دانتي أليغييري» في جبل اللويبدة، حيث ملأت اللوحاتُ وأعمال الغرافيتي جدران ساحتها وزيّنتها بالألوان. فبدت من الجهة اليمنى، رسوم تجريدية للفنان الأردني سهيل بقاعين، وأخرى للغرافيتي بتوقيع الفنانين «ديف» ووسام شديد. وأعقبتها على الجدار نفسه وبالتقنية نفسها، مجموعة «سردين» للفنان مايك دردريان، التي طرحت فكرة أهمية التواصل بين البشر.

وعلى خلفية إحدى البنايات، برزَ رسم غرافيتي لوجه غزال على مساحة 40 متراً مربعاً، قال صاحبه الفنان صهيب عطار لـ «لحياة»، أنه «يرمز الى السلام والهدوء والرقي والتوازن».

وذهبت الفنانة يارا هنداوي، باتجاه البحث عن الروحانيات، من خلال تجسيدها زهرةَ السوسنة السوداء (زهرة الأردن الوطنية) على حائط بخلفية بنفسجية اللون.

وعلى حائط آخر في طلعة «سرفيس جبل اللويبدة»، رسمت فاطمة حمودي لوحة غرافيتي لطيور بمزيج لوني غلب عليه الأحمر والأسود، شاركها في اختيار معانيه وتفاصيله أطفال من ساكني الحيّ.

وفي رسمة جدارية ضخمة على خلفية بناية تجيء في 60 متراً مربعاً، أظهرت لوحة غرافيتي طفلاً من واقع اجتماعي بائس يرنو إلى المستقبل، وقد أنشأتها جهود «هيرا كوت». كما ضمت الساحة المجاورة لمدرسة بلاط الشهداء، والتي تغطي مساحتها نحو 200 متر مربع ، رسوماً أنجزها طلبة هذه المدرسة، غلبت عليها الألوان الزاهية الفاقعة، وضمت أشكالاً من الرسوم التلفزيونية المتحركة، والطيور، و «البلالين»، والورد.

الفنان سهيل بقاعين الذي أشرف على إنشاء هذه اللوحات، قال لـ «الحياة» أن مشاركته في هذا المهرجان تمثلت في العمل مع طلبة المدارس والأهالي، بمشاركة جمعية التصميم الداخلي الأردنية «JIDA» وجماعة «إمشِ وتكلّم»، و «مجموعة لويك».

وأضاف أن اهتمامه انصبّ على «كيفية تعليم الطفل أن يعبّر عن نفسه باللون والمعنى، عبر إنشاء سبع جداريات على سور مدرسة بلاط الشهداء حملت معانيها شعارَي (لا للعنف والقتل)، و(الدعوة لإشاعة أجواء الحب والوئام الاجتماعي) بين المراهقين».

وأكد بقاعين أن هذه المبادرة من شأنها أن تساهم بقوة في تجميل البيئة، والعمل على نظافتها.

أما المشرفة على المهرجان شرمين صوالحة، فقالت لـ «الحياة» أن «التجربة كانت ناجحة، ابتداءً من اليوم الأول، إذ جرى الاحتفال في حديقة سمير الرفاعي العامة للترفيه عن المراهقين والشباب عبر تعليمهم التزلج على العجلات، وإشراكهم في عروض «الهيب هوب»، وقد تجلى النجاح في «التقاء مجاميع بشرية من جنسيات وأعمار وفئات اجتماعية مختلفة تحت سقف واحد».

وأضافت أن اللقاءات التي أقيمت للمتخصصين في اليوم الثاني في فندق «اللوكنده»، اشتملت على حصص لتعلّم الخط العربي، إلى جانب نشاط موازٍ كُرِّسَ للرسم على الحيطان.

وعن الغاية من إقامة المهرجان الذي تم التحضير له منذ بداية العام، قالت صوالحة: «الهدف منه تعليم الناس فنون الشارع، بإشراف فنانين عرب وأجانب، بمساعدة تيا كورب من الدنمارك، وكلٍّ من سمانثا روبنسن ونيرا أوتيو من أميركا».

أما عن تمويل المهرجان، فأوضحت صوالحة أن ما قدمه الداعمون كان في حدود 30 في المئة من الكلفة، فيما قامت هي بتغطية البقية.

ورداً على ما طُرح في شأن عدم فهم الناس معاني بعض اللوحات، أفادت: «لـــيس من الضـــروري أن يفهم المشاهد كل شـــيء، فغاية الفن عالمياً أن يعبّر الفنان عن نفسه من خــلال فنـــه وتقــنياته، أما المتلقي فيتواصل معه بمشاعره».

لكن محمد خليل الذي يعمل منجّداً في جبل اللويبدة، قال لـ «الحياة» عن مدى تواصله مع هذا النوع من الرسوم: «كواجهة لونية، جعلت الحيطان تنطق، وإن كنت لم أفهم شيئاً منها».

المصدر: الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى