اللبناني كميل حوا ينقل “خط المحترف” إلى العالمية

الجسرة الثقافية الالكترونية

المصدر / فنون الخليج

وجد الحرف العربي في السنوات الأخيرة مكانته في عالم تصميم الحروف، مع صعود فن التصميم الغرافيكي على مستوى العالم، وبروز مصممين عرب شغفهم الحرف العربي بعوالمه التشكيلية البديعة. وانتقل هؤلاء من حرفة التخطيط إلى حرفة صناعة شكل الحرف الذي يتناسب مع تطور الطباعة ووسائل الاتصال التي لا تزال في معظمها تعتمد على الكتابة وتحديداً الإلكترونية منها.

فمنذ شيوع الكومبيوتر في ثمانينات القرن المنصرم، بات عدد كبير من الخطوط المصمّمة يُعدّ ليُقرأ على شاشة الكومبيوتر، لا ليكون حبراً على ورق. وهذا ما حقق الفصل بين مصمم الخطوط والخطّاط، فالأخير يكيّف أشكال حروفه وفق الحروف التي تسبقها وتليها، والمساحة المعطاة له، في حين على المصمّم أن يصمّم شكلاً واحداً لكلّ حرف. والمصمّمون العرب الجدد تتزايد أعدادهم خصوصاً بين طلاب «التصميم الغرافيكي» في الجامعات العربية، ويستنبط كثيرون من أصول التخطيط الكلاسيكية حروفاً جديدة تقارب الحداثة وتنتشل الحرف العربي (ذا الشكل التصويري الطبيعي) من أطر التخطيط السبعة الكلاسيكية، الكوفي والنسخ والمصحفي والديواني والأندلسي والرقعة والفارسي والثلث، إلى خطوط جديدة يمنحها كل مصمّم اسماً خاصاً به.

شهادة الامتياز لخط «المحترف»
وفي إطار التجديد، أُعلن قبل أيام فوز حرف «المُحترَف»، للمصمّم اللبناني كميل حوّا بشهادة الامتياز في تصميم الحروف من نادي كبار مصممي الحروف (TDC (Type Directors Club ومقره نيويورك. وقد نال هذه الشهادة للعام الحالي 22 حرفاً من بلدان ولغات مختلفة، علماً أنه شارك في المسابقة ٢٦١ حرفاً من ٣٧ دولة. وهذه هي المرّة الثانية التي يفوز فيها حوّا، مؤسس «دار المحترف للتصميم»، بهذه الجائزة، بعدما كانت المرة الأولى عام ٢٠٠٧ بحرف «ميدان».

وتساهم شهادة الامتياز لخط «المحترف» من النادي النيويوركي العريق، الذي أنشئ عام 1946 على أيدي أشهر مصممي الحروف العالميين، في نقل تصميم الحروف العربية من محليته، وإلقاء الضوء على القدرة التشكيلية الطباعية لهذا الحرف.

ويوضح حوّا لـ «الحياة» فكرة هذا الحرف الجديد بالقول إنه «يحمل أول حركة يد شعرت بأنها تعبّر عن علاقتي بالكتابة، وكانت أول محاولة لتكوين أو تشكيل حرف طباعي يستند إلى حركة اليد المنسابة الحرّة. هذه الحركة ليست ككتابة يد عادية ولا هي كتوقيع، بل هي في مرتبة بين المرتبتين، أقرب ما تكون إلى توقيع منضبط».

أما عن ارتباط خط «المحترف» بالخطوط الكلاسيكية العربية، فيقول حوّا إنه لا يمت بصلة إلى أي من الحروف التقليدية في الخط العربي، «بل هو حرف مبتكر كلياً من التصوّر الذي وضعته له، وفيه شيء من روح النبات والحس الطبيعي، والحركة التلقائية المنضبطة والتي تشبه استعراض الخيل المنظّم وليس تجمعاً للخيل قيد السباق. وهو مستخدم حتى الآن كحرف للعناوين وليس كحرف للنصوص، وهذا جزء من ميزته».

تطوّر تصميم الحروف
يبدو حوّا متفائلاً بما وصل إليه فن تصميم الحروف على مستوى العالم العربي، إذ يرى أن تطوراً كبيراً في هذا المضمار حصل خلال السنوات الخمس الماضية، «إذ كان تصميم الحروف في حال من القحط قبل خمس أو عشر سنوات، فيما نرى الآن ما يشبه نهضة في تصميم الحروف، وذلك بسبب ازدياد عدد الكليات التي تدرّس هذه المادة. وربما يكون هناك نوع من النوستالجيا العاطفية تصيب المصممين في هذه الآونة كي يصمموا حروفاً خاصة بهم، يخــتارون لها أســماء جديدة تُعرف بها».

ويرجع كميل حوّا سبب حصول خط «المحترف» على شهادة الامتياز إلى كونه جزءاً من تراث «المحترف – دار التصميم» الذي تجاوز 3 عقود اهتم خلالها بالحرف العربي وأنتج عشرات تقاويم الحائط المؤلفة من لوحات فنية للخط العربي الحر. والحرية هنا لا تعني فقط الانطلاق من تصاميم الحروف الكلاسيكية نحو أفق أرحب، بل اختلاطها أيضاً بالعاطفة والشغف اللذين يمتزجان بكل تصميم جديد. والعاطفة نفسها ليست منفلتة من عقالها، بل تنضبط بقواعد التصميم الغرافيكي المعاصر وأصوله، لتنتج نوعاً جديداً من الخطوط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى