جميل ملاعب: أفتح أبواب متحفي لكلّ الفنانين

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

اسكندر حبش

 

 

«هذا المتحف، جزء من أحلامي لا كلّها.. هو متحف للحظة الراهنة ولا أفكر كثيرا في ما سيصبح عليه بعد رحيلي». بهذه الكلمات يصف الفنان جميل ملاعب، «المبنى» الذي شيّده في بلدته بيصور على مساحة ألف متر ـ (محاطا بـ 8 آلاف متر أخرى فيها العديد من الأشجار «لا سيّما أعتق سنديانتَين كان زرعهما أبي») ـ وأطلق عليه اسم «متحف جميل ملاعب»، الذي يفتتحه في السادسة من مساء اليوم.

لم يأته هذا الحلم إلا في فترة متأخرة من رحلته الفنيّة. بداية كان «ابن الدهان» ـ مثلما يحلو له أن يطلق على نفسه ـ يرغب في أن يصنع لوحة أو منحوتة تشير إليه، إلى أسلوبه الخاص، إلى لونه الخاص. «صحيح أن والدي كان دهانا، إلا أنه كان يرسم أيضا، مثلما كان عازف كلارينيت في (نوبة بيصور)». ربما هي «الجينات» التي تعيد نفسها، إن جاز القول، فجميل أصبح رساما، بينما ابنه ريبال، تخرّج عازفا من فيينا، وكأنه اكتسب أيضا جزءا من جده كما اكتسب والده، من هنا مشاركته الافتتاح مع مجموعة كبيرة من العازفين حيث يقدمون حفلتين للموسيقى الكلاسيكية في صالة الموسيقى الخاصة داخل المتحف، (اليوم وغدا الأحد، عند الساعة الثامنة مساء).

بدأت فكرة المتحف تراود ملاعب، بعد غياب بعض من أصدقائه الفنانين، إذ اكتشف أن اعمالهم التي تركوها وراءهم سرعان ما تُباع أو ربما يجري «التخلص منها»، من هنا رغب في أن يحفظ أثرا ما من عمله الذي امتدّ من سبعينيات القرن الماضي، «بالتأكيد لا أفكر مطلقا بالخلود، لأني أيضا أنظر إلى هذا المتحف باعتباره جزءا من عملي الفني الحالي، من حيث هو مكان للرسم والتأمل والانزواء في الطبيعة».

بعد تفكير طويل، وضع ملاعب اللبنة الأولى في عملية تشييد المتحف، قبل خمس سنوات. «ربما لو كانت الظروف المادية أفضل، لانتهينا من العمل فيه بطريقة أسرع، أضف إلى ذلك أننا أعدنا ترتيب الكثير من الأمور من الداخل. بداية كنت أعتقد أن على النور أن يكون طبيعيا ليدخل إلى قلب القاعات. لكن بعد زياراتي للكثير من المتاحف الحديثة في عدد من دول العالم، اكتشفت أن الجميع يعتمدون على الضوء الصناعي، أي الإضاءة الداخلية، وهذا ما يتيح لهم أكثر استعمال الجدران من أجل تعليق الأعمال». أمر آخر استغرق العمل فيه وقتا أطول من المتوقع، الغرفة التي خصصها الفنان للعروض الموسيقية: «إذ توجب علينا أولا، وقبل أي شيء آخر، إيجاد طريقة فعالة لمنع الصدى، ما تطلب تغيير الكثير ممّا أنجزناه داخليا لتأتي بعدها مرحلة الأجهزة الكهربائية وما شابه أي تلك العائدة إلى الموسيقى وعالمها».

ثلاثة طوابق ونصف

فوق قطعة الأرض التي شهدت طفولته، حيث كان يلعب بين أشجارها، وإلى جانب البيت الذي عاش فيه، انتصب اليوم «متحف جميل ملاعب» عبر طوابق «ثلاثة ونصف». هذا النصف طابق، الأخير من المبنى، يشكل محترف الفنان، إذ نقل أدواته من البيت الذي سكنه إلى هذا الطابق الأعلى الجديد الذي يرى من نافذته طبيعة بيصور، وحيث اللون يمتزج بألوان جميل الخاصة التي ميزت مسيرته الإبداعية. يحوي الطابق الأول (الأرضي) قاعة للموسيقى والندوات، بينما في الثاني، نجد قاعة للاستقبال وغرفة للعرض، في حين أن الطابق الثالث بأسره هو عبارة عن صالة كبيرة لعرض الأعمال الفنية».

بالتأكيد لن نجد في افتتاح اليوم، جميع أعمال جميل ملاعب، بل اختار القليل القليل منها والتي تتراوح على فترات مختلفة. «ساعدني في الاختيار الصديق سيزار نمور الذي حاول أن يقدم ما نعتقد بأنه أفضل الأعمال وأقواها، وهي أعمال تتراوح بين مختلف الأنواع والاتجاهات، أي هناك أعمال نحتية على الحجر والخشب، كما الموزاييك، وبالطبع لوحات الغواش والأكريليك والزيتيات، إلى آخر هذه الرحلة الفنية المتنوعة التي عملت عليها طيلة عمري».

بهذا المعنى، يرى ملاعب أن الأعمال المعلقة لن تبقى هي نفسها، بل ستتغير كل فترة، ما يتيح للمشاهد أن يطلع تباعا على جميع تفاصيل فنه وتحولاته. «ليس هذا فقط ما أطمح إليه، بل سأدعو لاحقا جميع الفنانين الأصدقاء ليعرضوا أعمالهم هنا، كذلك سأفتح أبواب محترفي لكل من يرغب في المجيء والرسم هنا. أضف إلى ذلك أني أرغب في إقامة سمبوزيوم للنحت إذ سأخصص هذه المساحة التي تلف المتحف لإقامة مثل هذا المشروع».

وبانتظار ذلك، لا بدّ من الافتتاح. هذا ما نشهده الليلة بمرافقة موسيقيين من لبنان وأوروبا، إذ يتضمن البرنامج مقطوعات لكل من شوبرت شوستاكوفيتش وتشايكوفسكي وتتألف الفرقة من تانيا سونش وماريو راحي وإيهاب جمال (فيولين) وريبال ملاعب وفانيسا بالداتشي (فيولا) ورفاييل جوان وساري خليفة وجنى سمعان (تشيللو).

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى