سالم الزمر يحلق مع ‘طائر الشعر’

الجسرة الثقافية الالكترونية
أحمد فضل شبلول
هذه جولة في بستان الشعر العربي يقودنا فيها الشاعر الإماراتي سالم الزمر تحت عنوان “طائر الشعر” متمثلا بيت الشعر الذي يقول:
إنما الشعر طائر لا يغني ** وهو في قبضة الحياة سجين
وعن الشعر والحداثة يتساءل الزمر في مقدمة كتابه: “هل لا يكون الشعر حداثيا إلا إذا جاء مهلهلا يدوس على كل مقدس ويضرب الحائط بكل أصل ثابت، كقول قائلهم:
في البدء كنت رجلا وامرأة وشجرة
كنت أبا وابنا وروحا قدسا”
ويضيف إلى تساؤله تساؤلا آخر يقول فيه: “لماذا لا يكون النص الموزون المقفي حداثيا إلا إذا ارتكب الخطيئة كقول أبي الهندي:
إنما العيش فتاةٌ غادةٌ ** وقعودي عاكفا في بيت حانْ
أشرب الخمرَ وأعصى من نهى ** عن طلاب الراح والبيض الحسانْ”
ومن خلال ما جاء في المقدمة يتضح لنا النهج الذي سيسير عليه الزمر خلال جولته في بستان الشعر العربي، والتي يبدؤها بمقاله “الناس والشعر” مؤكدا أن الشاعر ترجمان النفوس ولسان الأرواح إن عفَّ وصدق وحلّق وتسامى. أما المجون فهو ذاهب مع الشاعر صاحب المجون ونتاجه محسوب له أو عليه، متمثلا بأبيات الشاعر العربي:
وما من كاتب إلا سيفنى ** ويُبقى الدهرُ ما كتبت يداه
فلا تكتبْ يمينك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه
ثم يتوقف الزمر عند حديقة الشاعر العربي السعودي عبدالعزيز العجلان في قصيدته “ملامح بدوي عتيق” التي يقول في مطلعها:
أنا هنا قبل بئر النفط كنتُ هنا ** قبل البدايات قبل الريح والحقبِ
ويؤكد المؤلف أن الشاعر لم يغادر في قصيدته مفردات تفاصيل البيئة البدوية العربية في شبه الجزيرة العربية قبل النفط.
وفي قضية “الشعر والأخلاق”، يرى المؤلف أن الشعر أخلاق العرب، وأنه في أشعار العرب من الأخلاق ما تضيق به الأسفار، فشعرهم شاهد على أخلاق مجتمعهم.
ويتننقل الزمر في بستان الشعر العربي متأملا حكمة المجنون (قيس بن الملوح) في مثل قوله:
ولا خير في الدنيا إذا أنت لم تَزُر ** حبيبا ولم يطرب إليك حبيبُ
أو قوله:
على أن قرب الدار ليس بنافع ** إذا كان من تهواه ليس بذي ودِّ
ثم يكتب سالم الزمر عن الشاعر محمد مهدي الجواهري مؤكدا أنه ليس آخر العمالقة، مستغربا أن مَن يبكى عمود الشعر العمودي وأحد عمالقته الكبر، مَن يعتبر الشعر العمودي والحفاظ عليه تخلقا ورجعية أدبية. ويُدهش أن يدعي إجلال فن الجواهري القابض على عمود خيمة الشعر العربية، مَن يحاول صباح مساء أن يقوض تلك الخيمة ويقتلع أوتادها ويقطع أطنابها.
ومن الجواهري يطير بنا الزمر الى “مَن في عيونه خبرُ”، تلك القطعة الشعرية التي لها رقة الماء وصفاؤه، ولها شذى الأزهار في الرياض الضاحكة، والتي يقول فيها الشاعر:
قد أتاك يعتذرُ ** لا تسله ما الخبرُ
كلما أطلت له ** في الحديث يختصرُ
في عيونه خبرُ ** ليس يكذب النظرُ
وكان يتساءل منذ صغره لمن هذه الأبيات العذبة حتى عرف أنها للأخطل الصغير بشارة الخوري.
ومن بشارة الخورى إلى حديقة عمر الخيام، متسائلا عن الاضطراب في سيرة الخيام والتذبذب في رباعياته بين الكفر والإيمان، بين الزهد والدعوة إلى الانغماس في الملذات؟ لذا يرى أن رباعيات الخيام المشهورة والمتداولة بين الناس مشكوك تاريخيا في ثبات نسبتها إلى الخيام، والدليل أنها دونت على الأقل بعد مرور ثلاثة قرون ونصف على وفاته.
ثم وقفة عند شعراء دولة الإمارات من خلال كتاب “شعراء دولة الإمارات العربية المتحدة – دراسة وببلوجرافيا” للدكتور حسن نوفل، معترفا بفضل أسبقية هذا الكتاب ومؤلفه في دراسة الحركة الشعرية في الإمارات، إلا أنه يرى أنه كتاب مرتجل يحمد لمؤلفه أن قيد أسماء من انتسبوا للشعر في الإمارات ودرس أشعار بعضهم دراسة فيها نظر، ويؤخذ عليه خلطه للموضوعات وعدم التزامه بعناوينه والمبالغة في إطلاق الأسماء والألقاب على الأفراد والجماعات وتأثيرها دون دليل، كما يؤخذ عليه العجلة التي قصد منها السبق في الإصدار ولو على حساب الدراسة المتأنية المفيدة.
ثم يحلق الزمر في حديقة أمير الشعراء أحمد شوقي، ونزار قباني، والبرودني، والمتنبي، وحافظ إبراهيم وغيرهم.
يذكر أن سالم الزمر شاعر وكاتب إماراتي، له شعر فصيح ونبطي، وله مجموعة شعرية فصيحة بعنوان “أغلى الرسائل” 1999، ومجموعة أخرى بعنوان “بيروت وقصائد أخرى” 2010، وله مجموعة نبطية بعنوان “على جمر الغضا” 1992، ومجموعة أخرى بعنوان “صبح الحياة”. وله برامج أدبية وشعرية كثيرة منها “شعر وفكر” و”أجمل الشعر” و”قناديل شعر” وغيرها من البرامج الإذاعية والتلفزيونية.
يحمل كتابه “طائر الشعر” الرقم 37 في سلسلة إصدارات كتاب “دبي الثقافية” 2010 الذي يوزع مجانا مع المجلة الإماراتية “دبي الثقافية”.
المصدر: ميدل ايست اونلاين