سجادة حمراء.. عمل فني يسعى لتلاشي الحدود بين الفنون… المسرح مع التشكيل والسينما والموسيقى الحية تنسجم وتتفاعل في ما بينها

 

 

الجسرة الثقافية الإلكترونية

المصدر: القدس العربي

 العد التنازلي للعمل الفني «سجادة حمراء» للمخرج المسرحي جبار جودي سيكون يوم 28/ 5 على قاعة المتحف الوطني للفن الحديث (كولبنكيان) في ساحة الطيران في الباب الشرقي، إحدى عشرة لوحة فنية مسرحية من تمثيل ومشاركة مجموعة من الفنانين الشباب، وهم غسان إسماعيل، أحمد مونيكا، ياس خضير، تحرير الأسدي، علاء قحطان، حيدر سعد، ضرغام البياتي وآخرون.. مع مجموعة من طلبة معهد الفنون الجميلة. عن هذا العرض يشرح المخرج جبار جودي السعي لابتكار شكل تقديمي جديد تُسهم فيه وسائل الميديا بهدف التحليق في عالم الحلم بكسر التقليد السائد في العرض المسرحي، ويكون للمتفرج الخيار في التفاعل مع هذه اللوحات، من دون قيود زمنية أو مكانية. بوسعه اختيار ما يريده أو يجذبه، وبوسعه التفاعل الإيجابي أو الانتقال للوحة ثانية. كي نحيط بهذه التجربة نستضيف صاحبها في حوارٍ شيق يحلق في عوالم الحلم والدهشة والرغبة في الإبداع والحياة، الـــــــتي أصبحت مهددة بفكرِ إرهابي بشع.

■ «سجادة حمراء» يقال عنها تجربة جديدة ما الجديد فيها؟

□ هنالك كسر لحدود المفاهيم الفلسفية المهيمنة، حيث لا توجد حدود مفاهيمية أو أسلوبية في تقديم العمل الفني، وأيضاً هنالك مغايرة في شكل تقديم العرض، حيث يحلق إلى أفق مغاير في التلقي، اعتماداً على خرق الأعراف والمواضعات الثابتة في شكل التلقي المسرحي المتعارف عليه، حيث يكون المتفرج فاعلاً باشتراكه بوجوده داخل بعض مشاهد العرض، حيث يكون هو نفسه موضوع المشهد، وهذا طبعاً تلق اختياري وليس إجباريا، فالمتفرج حر في اختيار طريقة التلقي أو التفاعل، كذلك تلاشي الحدود بين الفنون، حيث نعمد إلى تشغيل المسرح مع التشكيل والسينما والموسيقى الحية ووسائط الميديا، بشكل منسجم وبتفاعل كبير في ما بينها، وليس قسراً أو تعسفاً تم الجمع بين هذه الفنون، التي تعمل بمعزل عن بعضها بعضا وفي الوقت نفسه تتفاعل في الحضور بشكل فاعل وبتمازج منضبط. 

■ من أين جاءت الفكرة؟ 

□ نتيجة القراءات المستمرة والمشاهدات المتواترة العالمية والمحلية، أحببت أن نصنع عملاً مختلفاً عن السائد المتعارف عليه، وأعتقد أن وظيفة المسرح ما عادت إرشادية، بل أصبحت جمالية فاعلة مؤثرة في الحدث اليومي المـــتداول.

■ ماذا تريد القول من وراء هذه التجربة؟ ما المضمون الفكري والفلسفي للعمل؟

□ ليس هنالك مضمون فكري أو فلسفي محدد، ومن الممكن طرحه بشكل مباشر، هنالك مضامين متعددة لكنها تنزع كلها باتجاه الإنسان وانتهاكه في هذا العالم، هنالك إدانات متعددة لما يمر بحياتنا من ألم وموت متكرر مستمر، من سياسة حمقاء تسير بالبشرية نحو هاوية امتهان كرامة الإنسان ومصادرة حياته بين لحظة وأخرى.

■ تحدث لنا عن تجاربكم السابقة؟

□ على مستوى السينوغرافيا كان لدي العديد من الأعمال المسرحية المهمة، كان أبرزها مشاركتي في افتتاح مهرجان شكسبير العالمي في مؤسسة الرويال شكسبير كومباني بمسرحية «روميو وجولييت» في بغداد للمخرج مناضل داود عام 2012، وكذلك حصولي على جائزة أفضل مصمم سينوغرافيا في مهرجان بغداد الدولي 2013 عن مسرحية «الظلمة» إخراج عادل كريم. أما على مستوى الإخراج فلقد قدمت مسرحية للأطفال عام 2001 بعنوان «فوفي وفافي وسيد المنزل» للإيطالي لويجي بونيللي، ترجمة العراقي عبد الله جواد، واشتركت في مهرجان نيابولس الدولي في تونس، وكذلك الإخراج والسينوغرافيا لمسرحية «حصان الدم» عن «ماكبث» شكسبير وتم تقديمها على المسرح الوطني في بغداد عام 2007 واشتركت في العام نفسه في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.

■ كيف ترى المشهد المسرحي العراقي اليوم وما هي أهم مساراته؟

□ المشهد المسرحي العراقي يمر بمصاعب كثيرة، لكنه غني من ناحية التنوع، هنالك إصرار من الكثير من الفنانين العراقيين على الإنجاز والإنتاج والمشاركة في مهرجانات العالم، ويشهد حالياً صعوداً لا بأس به لبعض الأسماء الشابة المغامرة، التي تبحث لنفسها عن موطئ قدم، وتثبيت الأسماء في هذا الأفق الرحيب، المسرح.. وايضاً بالإمكان فرز مسارات المسرح العراقي من ناحية الأجيال وتعاقبها، حيث أن هنالك خطاً واضحاً للرواد، الذين امتنع البعض منهم عن خوض غمار العملية الإخراجية لأسباب متعددة، وظل البعض الآخر مستمراً وبعناد جميل في السير قدماً، وهنالك جيل الوسط الذي هو جيلي، والذي بدأ يتصدر المشهد المسرحي العراقي وإدارة العمليات الانتاجية والفنية والتنظيمية فيه، وكذلك هنالك جيلٌ لا بأس به من الشباب المثابر الذي يصر على تقديم منجز مسرحي رغم كل الظروف.

■ البعض ينزع للمسرح الفقير يراه اكثر روحا وفنا أنت هل تتفق مع هذا؟

□ المسرح الفقير (حالياً ) لدينا ـ هو مسرح المفلسين، العالم يغذ الخطى نحو كل ما من شأنه أن يتيح الراحة والرفاهية للبشر على المستوى التقني التكنولوجي، ونحن مازلنا نحلم بالمسرح الفقير! هل تعلم لماذا؟ لأن السياسيين الذين يحكموننا لا شرف لديهم، ولا أي هم تجاه الثقافة أو قطاع الفنون وإمكان رفاهيتها، نحن في خضم صراع كوني حقيقي بين التافه المتسيد والحقيقي الذي ينشد الاكتمال، ولا بد من أن أذكر أنه بعد التغيير الذي حصل لدينا أقامت وزارة الثقافة العراقية في حينها مهرجانا باسم المسرح الفقير، على الرغم من الأموال الكبيرة الموجودة حينها، لكنها لم تذهب للثقافة والفنون، بل لجيوب البعض ممن هم عالات ووبال على الثقافة والفنون، نهبوا الميزانية، فعملوا مهرجان المسرح الفقير، نكتة …

■ البعض يتخوف من المزج بين الفنون.. أنت هل تجاوزت هذا التخوف وكيف؟

□ أعتقد أنني تجاوزت هذا الأمر عن طريق الدراسة العلمية الأكاديمية والخبرة العملية التي تمتد لأكثر من ثلاثين سنة، إضافة لمعرفتي الشخصية وتمكني في أكثر من مجال، حيث عملت في النحت واطلعت على تقنياته وصب القوالب فيه، كذلك الرسم لدي محاولات متواضعة، والتلفزيون عملت كثيراً فيه مع الفنيين وفي التمثيل، وأحاول جاهدا أن أقترب من السينما، لا شيء مستحيل وعصي على التحقق، إذا ما توافرت الإرادة والخبرة والعلمية من أجل تحقيقه، إضافة إلى الأمل.. الأمل الذي يجعلنا نستمر في ظل فوضى العالم.

■ يقال إن المسرح العراقي يشهد تعثرا وتقهقرا كبيرين هل تتفق مع هذا القول وكيف يمكن وقف هذا التعثر؟

□ نعم للأسف الشديد، لقد توقف التمويل الحكومي بالكامل للعديد من المؤسسات التي تعنى بإنتاج الفنون، خصوصاً المسرح بحجة التقشف، إنهم يتقشفون من ناحيتنا ويسرفون على أنفسهم، نحن في أزمة إنتاجية حقيقـــية، حتى هذا العمل الذي نحن بصدد تقديمه لا توجد جـــــهة إنتاجــــية له، لدينا جهود فردية متواضعة، ونحاول الســـعي لإيجاد بدائل عــــن المؤسسة الثقافيـــة العراقية المنهكة والمتــعبـــة، ولأجل النهوض بالــــواقـــع المسرحي والثقافي في العــــراق، لابد للحكـــومة من أن تقتطع من مدفوعات البترول ما يعادل 2٪ لدعم الثقافة والفنون وتنصيب أهل الخبرة والاختصاص في مواقعهم الحقيقية (طبعاً أنا أحلم بصوت عالٍ)، لأن الله ابتلانا بسارقين ومافيات يسيرون بنا نحو الهاوية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى