عبيدو باشا يكتب للأطفال باللغة والبصر

الجسرة الثقافية الالكترونية
المصدر: الحياة
لم يكن الكاتب والمسرحي عبيدو باشا غريباً يوماً عن ادب الاطفال والفتيان، فهو خلال مساره الفني اهتم بهذا الادب، قصصاً ومسرحيات واغاني، ونال الكثير منها نجاحاً لافتاً. وجديد باشا في هذا الميدان قصص ثلاث خاصة بالأطفال، صدرت في ثلاثة كتب منفصلة وهي: «حكاية للقمر الصغير» و «أبو علي الديك» و «سمكة من فضة». في هذه القصص يعتمد الكاتب لغة حية، حديثة بسيطة وبعيدة عن التعقيد والتركيب اوالاصطناع وتتخطى ما يسمى اضطراب اللغة في قصص الأطفال والفتيان. فمعظم الذين يكتبون في هذا الميدان، يشلون اللغة حين يحاولون التبسيط، مستخدمين طرائق تفقد اللغة أصواتها، وتفقدها ما هو مطلوب منها. عند عبيدو باشا، هدف اللغة، أن تذهب خطوة أو خطوات إلى الأمام، من دون إحساس بالذنب، حتى يشارك الأولاد لا في القص فقط، بل في القفز فوق الأمثلة اللغوية الضعيفة والمتهتكة في انزلاقها، نحو ما يرضي وجهة نظر أصحابها. هنا، لدى باشا، لا تخشى اللغة البعد الشعري ولا المضي في استثمار التجارب الماضية، لتصل إلى نصجها، كثمرة لسنوات طويلة من الجهد والاختبار. اللغة لغة هنا، بلا محاولات إثبات قوة أو براءة. لغة، تقود وتدعو الصغار الى عدم القبول السهل بالسهل من اللغة، اللغة التبسيطية، الفاقدة شكلها الخاص. تقاوم اللغة بالكتب الثلاثة، لدى عبيدو باشا، الأشكال الممنوحة في الكثير من الإصدارات السابقة.
ثم، أن القصص الثلاث، تميز بين مستويين متنافرين. الأول هو التعليم والثاني هو التربية. هكذا تنحاز «أبو علي الديك» و«حكاية للقمر الصغير» و«سمكة من فضة» إلى التربية دون التعليم، لأن التعليم لا يحقق واحدة من الحيويات المطلوبة، إذ يكرر إعادة انتاج الأيديولوجيا السائدة، من دون الإفساح في المجال للخيال بالحضور ولعب أدواره في تحصين الولد أو الطفل، من عمليات سحق القدرة لديه، بتحويله إلى متلق فقط، إلى مستوعب، لا يمتلك مستويات مرافعة شخصية أمام المصير المحتوم بوصفه صغيراً غير مدرك لعالم، يفترض أن يلعب دور البطولة فيه. الخيال، آداة ومساحة هنا.
في «أبو علي الديك»، يتبادل الحلم والواقع الأدوار بينهما، هو بطل «حكاية للقمر الصغير» في حين تذهب «سمكة من فضة» مذهب الإشارة إلى مساوئ التغير القسري، بعكس الطبيعة، كصدمة ساحقة ناتجة عن عدم تحضير. لا حضور للثنائية التاريخية هنا: الخير والشر. الخير ليس مطلقاً هنا. الشر ليس مطلقاً ايضاً. ثم إن القصص مبنية، لا مجرد أفكار محررة، تسابق نفسها لإيصال فكرة ما إلى الطفل أو الولد. هنا تلعب الإشتغالات على اللغة الأدبية واللغة البصرية دوراً، في تكملة اسرار القصص، . انها محاولة شراكة ابداعية وليست تزينية، مع ثلاثة فنانين تشكيليين: جميل ملاعب (أبو علي الديك) وراسيل إسحاق (سمكة من فضة) وأحمد قليج (حكاية للقمر الصغير).