في الذكرى الثانية والثلاثين على وفاته أمل دنقل.. شاعر الواقع والألم

الجسرة الثقافية الإلكترونية

المصدر: البيان

هنالك أشخاص لم يكتب لهم الحظ ان يكونوا سياسيين أو محاربين بل صنعوا بالكلمة أو القلم ما لا تصنعه القرارات أو في أرض المعركة، كان من أبرز هؤلاء الشاعر المصري أمل دنقل الذي تمر ذكرى وفاته الثانية والثلاثون في الثلث الأخير من شهر مايو الجاري، ذلك الشاعر الذي استشرف المستقبل، وعبر بصدق عن الواقع، فوضع اسمه مع من وضعوا على مقدمة كتب التاريخ، واصفين إياه بأحد أهم الشعراء في العصر الحديث، الذين استطاعوا بقلمهم وحده حفر تأثير كبير في الواقع.

 

بداية

ولد عام 1940 لأسرة صعيدية، طفل سموه «أمل» ولم يكن الاسم هكذا اعتباطاً، بل كان قراراً من الوالد عالم الأزهر، أن يسمي وليده بذلك الاسم بعد أن حصل على إجازة العالمية رغم كونه شائعاً لدى الفتيات بشكل أكبر.

عندما شب أمل على قدميه نمت فيه موهبة الشعر، بل فاقت جسده الهزيل، موهبته التي ورثها عن أبيه، والذي كان يهوى كتابة الشعر العمودي، بجانب امتلاكه لمكتبة كبرى حوت كتب الفقه والتراث والشريعة، مما كان له أكبر الأثر في تشكيل شخصية أمل الإبداعية والأدبية.

استقى الأدب من خلال التجربة، حيث عمل موظفاً بمحكمة قنا وجمارك السويس والإسكندرية بمصر، وأعقب ذلك عمله في منظمة التضامن الأفرو آسيوي، ولكنه لم يتحمل العمل الطويل ليتركه دائماً، منصرفاً إلى كتابة الشعر.

كان لوجود دنقل بالقاهرة أثر كبير على أشعاره، إلى جانب الأحداث السياسية التي ألقت بظلالها على ما يخطه، حيث شاهد أحلام العروبة والثورة المصرية، إلى جانب صدمته ككل المصريين بهزيمة مصر في حرب 1967، والتي كان لها أكبر الأثر عليه حيث كتب قصيدتين من أروع قصائده في «البكاء بين يدي زرقاء اليمامة» ومجموعته «تعليق على ما حدث». كما رفض الشاعر الراحل معاهدة السلام، التي قام بها الرئيس الراحل أنور السادات، ليكتب حينها قصيدته «لا تصالح» والتي تعد من أبرز ما كتب.

بجانب السياسة، عبر دنقل بصدق عن الصعيد، ذلك المكان الذي لم ينسه الشاعر ولم يبارح قلبه، خاصة في مجموعته الشعرية الأخيرة «أوراق الغرفة 8» وحتى من خلال ديوان «البكاء بين زرقاء اليمامة».

 

وكما حال الشعراء، لم تخل حياة الأديب من الألم حتى مع المرض، إذ أصيب بمرض السرطان، وبقي يعاني منه لمدة ثلاث سنوات، قدم من خلالها ديوانه «أوراق الغرفة 8» والتي كانت رقم غرفته بالمعهد القومي للأورام، متحولاً إلى شاعر ذي كآبة لا تخطئه عين الناظر، ولكنه رغماً عن ذلك لم يؤثر المرض في موهبته الشعرية، التي كانت صادقة حد التماهي.

 

موت

كانت آخر أيام الشاعر في حجرته تلك التي كتب عنها ديواناً كاملاً، برفقة صديق عمره عبدالرحمن الأبنودي، الذي نشأ معه منذ طفولته وشبابه، وشاركه الشغف بالشعر نفسه، إلى جانب عصفور وزير الثقافة المصري السابق، حينما كانوا يستمعون إلى بعض الأغاني الصعيدية، ليدنو الموت إلى قلب أمل، فيتوقف، ويهدأ الشاعر بعد رحلة عطاء للكتابة، قدم خلالها 6 مجموعات شعرية، استمرت حتى عصرنا هذا، تتناقلها الأجيال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى