كيانات ثقافية خارج بطريركية الدولة في مصر.. مجراية و الصالون الثقافي بملوي.. ثقافة المنسيين و المهمشين

الجسرة الثقافية الالكترونية – خاص – 

 

مصر – يوسف إدوارد وهيب

 

  ضاقت بهم السبل أمام جمود وتكلس المؤسسات الثقافية الرسمية، ومع ذلك لم ييأسوا أو يعزفوا عن عشقهم للفعل الثقافي؛ وليس مجرد القول أو الكتابة وحسب، إنهم مجموعة من شباب المبدعين ثقافيًّا وفنيًّا و اجتماعيًّا، ينتمون جغرافيا الى مدينة ملوي بمحافظة المنيا في صعيد مصر، ولمن لا يعرف، فإن مدينة ملوى تضم قرية الأشمونين التي كانت عاصمة مصرية أيام الفراعنة، ويوجد بها تمثال الإله تحوت رب المعرفة، وآثار تونا الجبل، حيث اختار عميد الأدب العربي أن تكون استراحته في تلك البقعة التاريخية.

  مهمتنا هي مقاومة الإرهاب بالفن والثقافة، هذا الشعار وضعه أعضاء صالون ملوي الثقافي، ومن بعدهم أعضاء مجموعة ” مجراية” الثقافية؛ نصب أعينهم، وعملوا من أجله بإمكانياتهم اليسيرة وجهودهم الشخصية، وحول هذا المحور ومن دافع إحساس وإيمان أعضاء صالون ملوي الثقافي بضرورة نشر الفن والثقافة وأهميتها لتطوير السلوك المجتمعي، – بعدما سبق لهم تدشين فرع صالون دلجا الثقافي – قام أعضاء صالون ملوي بمشاركة شباب وفتيات دلجا بعرض ومناقشة فيلم البؤساء، وبعد مشاهدة الفيلم قدم عاطف كامل – مدرس لغة فرنسية بمدرسة دلجا الثانوية – عرضًا موجزًا عن الرواية ومؤلفها وأهميتها في تاريخ وتطور الأدب الفرنسي، ثم أدار محمد رمضان؛ النقاش بين الشباب والفتيات حول العناصر الفنية والقضايا الفكرية بالفيلم، واختتمت المناقشة بتوزيع مقاطع مقتطفة من الترجمة العربية للرواية لمحاولة تشويق الجميع للرجوع لأصل العمل الأدبي أو ترجماته 

   يذكر أن قرية دلجا؛ عانت مؤخرًا من أحداث طائفية كبيرة أدت إلي تهجير البعض من الأقباط والاعتداء على ممتلكات آخرين من أبناء القرية، ويرى أعضاء صالون ملوي الثقافي أن مسئوليتهم تجاه بلدهم تحتم عليهم الذهاب إلى كافة الأماكن لنشر النور والفكر والثقافة ومقاومة الجهل والتعصب والطائفية

 

مواجهة القبح

 

إنهم مجموعة من شباب المبدعين فى شتى المجالات يقيمون هذا الصالون الثقافي و بجهودهم الذاتية ، رفضوا تمويلات جهات تحاول استخدامهم سياسيًّا ، اتكأوا على مواهبهم لتنمية مواهب أخرى نابتة وأجيال جديدة تخلفهم، هؤلاء الذين يواصلون حمل صخرتك يا سيزيف و يصعدون بها الى أرض ملوى أرضك أيها الإله تحوت ” إله المعرفة ” الساكن ، بل الذى لا يزال نسغه المعرفي و العرفاني يسري فى جذور البشر بالأشمونين و ملوى كلها، رغم أنواء السياسة و الرجعية و ما أفرزه مشرط الجراح الغربي باسم الثورات من صديد و قيح ..و بمثل كل من؛ محمد رمضان و  بسمة ناجي وسفيان صلاح وعمرو ثابت، ودينا بهاء السيد وحمادة زيدان وطوني صليب  و محمد عبدالهادي و سيمون نسيم و نسرين عادل، ومحمد وهبة ومحمد فاروق وأماني صلاح ورفعت اللباد، وفادي نشأت وأحمد بحلس، وبيتر اسحاق ومينا وليم وفيبي أنور ومحمد فيض  ومصطفى عبده، وفارس فرغل و ديفيد مؤنس و  باسم ثروت و اسحاق ابراهيم، ووليد المنسي و تينا حامد و ساندرا نشأت و احمد شوقي عبد الهادي و رفاقهم؛ حيتما سيتم تنظيف جراح الوطن، و السهر على شفائه من أى خلايا رديئة أرادت التهامه.

صليب وزيدان

أما ” مجراية” فهي تجربة أخرى متميزة، لاهتمامها بثقافة و تثقيف المهمشين و الذين لا يذكرهم أحد، ويقول طوني صليب مؤسس “مجراية” مع صديقه حمادة زيدان حلم يراودنا منذ سنين، باختصار حلمنا يكمن في (مساحة حرة) تهتم بشباب المبدعين، والمهتمين بالثقافة، والراغبين في الاهتمام بالثقافة والفن،  وتهتم بخروج الثقافة والمثقفين من الأماكن المغلقة إلى الشارع والمقاهي الشعبية، كذلك تهتم “مجراية” بحفظ الفولكلور وتوثيقه لأننا نرى أن التراث هو الذي يجمع بين المصريين دون تمييز أو اختلاف.

  ويضيف طوني؛نظراً لأن الفكرة هي الأولى من نوعها في مدينة “ملوي” بمحافظة المنيا “صعيد مصر” فقد واجهتنا صعوبة في إيجاد مكان مناسب وذلك لأن الشارع هنا لم يرى هذا الشكل من النشاط وكذلك التكلفة المادية “الإيجار” وغيره من المصاريف، وبعد بحث لشهرين أقنعنا  صاحب العقار؛ أننا سنقيم “مكتبة” وبدأ الحلم تدريجياً في التحقق.

  ويقول حمادة زيدان: أخيراً  تحقق حلمنا في مقر لـ “مجراية”، وبدأت ملامحه تظهر بوضوح، المكان باختصار  عبارة عن “صالة” وكان على المحارة، كان ولابد أن نغير معالمه وبأقل الإمكانيات، جمعنا أصدقاءنا في الحلم، وبدأنا نرسم صورة للمكان في مخيلتنا، البداية كانت صنفرة الحوائط، ثم دهانها، وفرش المقر، وكان كل ذلك “صنع يد المتطوعين وأصدقاء الحلم” وكان حلمنا أن يخرج المكان بشكل قريب لمجتمعنا فكان “الديكور” الزير والطبلية والحصيرة وكلها من منتجات مجتمعنا.

  طوني وزيدان يكشفان عن أولى فعاليات “مجراية”، وكما قال أحدهما؛ قبل الافتتاح الرسمي للمقر، كانت في توضيح الصورة التاريخية للمنيا، عن طريق دعوة لكل “هواة” التصوير في المنيا للذهاب لثلاثة أماكن تاريخية وهي “الاشمونين” و”تونا الجبل” و “تل العمارنة” وقمنا برحلتين واحدة لتونا الجبل والأشمونين والثانية لتل العمارنة، وأنتجت الفاعلية أكثر من 2000 صورة لتلك الأماكن ومعرضاً للصور نزين به حوائط المقر ومعارض أخرى جارٍ تنفيذها في المنيا وعدد من الأماكن الثقافية في القاهرة والإسكندرية.

 

 

محرم – بابة

تحت هذا العنوان الذي يجمع الثقافة القبطية المصرية و الثقافة الإسلامية، أقامت مجراية أمسية غنائية، للأناشيد الإسلامية والترانيم المسيحية، ومحرم هو الشهر العربي وبابة هو الشهر القبطي وهذا ما حاولنا توصيله لأهل بلدنا، في فعاليتنا الأولى “أننا” في النهاية واحد بعيداً عن التفرقة والعنصرية التي تمزق مجتمعنا،وتلمسنا العودة إلى الأمسيات الغنائية من جديد لعدد من الهواة في مدينة ملوي وذلك لتسليط الضوء على مواهبهم، وتأتي فكرة “الحفلات الغنائية” في مجتمع ليس لديه متنفس لسماع الأغنيات إلا الأفراح الشعبية،  وكان نتاج بحثنا عن كنوز الفن الشعبي؛ اكتشاف عم “محمد كمال”  الذي يغني في الأفراح أغاني فلكلورية؛ اكتشفته مجراية وستقدمه في حفلات شهرية، بهدف نشر ما يقدمه من تراث عن طريق السوشيال ميديا وتوثيقه وتذكير روّاد المكان بهذا التراث الذي يكاد أن يتلاشى.

 

مجراية ع القهوة

   وهي فاعلية شهرية تهدف بالخروج بالثقافة إلى الأماكن المفتوحة وكانت الفاعلية الأولى بمقهى “زهرة ملوي” وتم عرض الفيلم الأمريكي “Unthinkable” وتمت مناقشة الفيلم داخل المقهى، ورغم عدم تفاعل روّاد المقهى في فاعليتنا الأولى إلا أننا سعدنا بسؤال “رضا” العامل بالمقهى عن فاعليتنا الثانية بعدما سأله أحد الروّاد عنّالنفس الأسباب في جعل المكان “مساحة مفتوحة” ولغرز فكرة “السهرات الغنائية” في ملوي أقمنا بحفل غنائي ثالث للأغنيات التراثية..

 وتم أيضا عرض ومناقشة كتاب “مقدمة في الفولكلور القبطي” للكاتب عصام ستاتي، فكرة الكتاب تدور في فلك “الفولكلور المصري كله منبثق من الأجداد” وفي هذا اجتمع الأجداد وقرروا أن يجمعوها في صورة معيشة  وحية  مثلما نرى في الموالد  وزيارات سواء لأضرحة الأولياء أو القدسيين، ونحن في أمس الحاجة إلى توضيح تلك المعاني..

ساعة – عيال

ولا ينسي طونى و زيدان الأطفال، فاقتطعا ساعة يومية للأطفال، ويشير زيدان قالاً؛عرضنا فيها عددًا من أفلام الأنيميشن وأقمنا ورشة رسم انتهت بمعرض للوحات الأطفال نزين بها “المقر” بالإضافة لورشة “حكايات” وغيرها من النشاطات التي نهدف بها إخراج طاقات الأطفال وتنميتها في أشياء إيجابية وغرز قيم الفن والجمال، وتم اختيار يوم الجمعة لتجري فرقة”العودة ”  بروفاتها داخل المقر وبشكل مجاني، وفي انتظار ثلاث فرق أخرى مازالت في مجال اختيار النصوص حتى تبدأ البروفات، استعداداً لمهرجان المسرح في شهر مارس المقبل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى