مقدمات لابد منها لفناء مؤجل ( متاهة قصصية) جديدة للقاص الأردني هشام البستاني

الجسرة الثقافية الاكترونية – خالد سامح-
عن دار العين للنشر في القاهرة صدر مؤخرا المجموعة القصصية الرابعة للقاص والكاتب الأردني هشام البستاني، حيث حمل الاصدار الجديد عنوان “مقدمات لابد منها لفناء مؤجل/ متاهة قصصية”، ونظم الناشرون حفل توقيع للمجموعة بحضور صاحب الكتاب قبل أسابيع وذلك على هامش مهرجان أبو ظبي للكتاب.
غلاف المجموعة لوحة للفنانة صابرين مهران وهي ذات مائة وستين صفحة من القطع الوسط تتخللها رسومات تشكيلية للفنان علاء طوالبة، وتتضمن أربعين قصة تحفل بالصور السيريالية المدهشة، وتتكأ على بناء سردي تجريبي ميز تجربة الكاتب منذ انطلاق مسيرته الابداعية قبل سنوات، أما في المضامين والرؤى الفكرية فتطغى فلسفة الحياة والموت والبحث عن معنى الوجود اضافة الى قضايا المجتمع وتحولاته على غالبية النصوص التي نذكر من عناوينها: “قبل النهاية بلحظة واحدة”، “تلك الألوان التي تشتعل وتخبو”،”مهرجان الألوان المخدرة”، “المحنة”، “حافة النوم..حافة التوتر”، “زنزانة انفرادية لاثنين”، “التحلل”، “عذابات الحلاج”، “اكتمال الدائرة”، “المدينة التي داخل صدري”، وغيرها من العناوين.
تحيلنا بعض قصص المجموعة الى أساليب صياغة “المشهدية السينمائية” بما فيها من خيال وتعابير بصرية مكثفة وموجزة، ففي قصة تحمل عنوان “ثمة اصوات في الداخل” يصف السارد بيتا مهجورا مركزا على الحالة الشعورية التي طبعها المشهد في نفسه، ومن أجوائها نختار :
((بعض لوحات لابد أنها كانت معلقة هنا.لم تعد، لكن آثاره على الحائط صنعت لوحات جديدة مناسبة لما أنا فيه الآن، كل واحدة منها إطار من الغبار والوسخ يحد مساحة كانت بيضاء وتميل الآن الى الرمادي، يخرج من أعلها مسمار، ان كنت مستمعا جيدا، سيقول لك المسمار كم من الذكريات المحنطة تعلقت به. سيقول لك المسمار كيف أن الذكريات المعلقة تشبه دائما متسلق جبال تعثر ويتشبث الآن بحافة الجرف الصخري…ان كنت ملاحظا جيدا فسترى أن المسامير كلها هناك في أماكنها، أما متسلقو الجبال ( ويالسوء حظهم) فسقطوا. لعل هذا هو مايفسر الفسيفساء الزجاجية المتحركة على الأرض. لعلها قطع مني: ألسنا ذكرياتنا كما يقال؟ ألا نتحطم الى آلاف القطع في إثر كل سقوط؟)).
ومما كتبه القاص والناقد محمود الريماوي حول تجربة صاحب الكتاب ..”ترسم قصص هشام بستاني ما يشبه مسرحاً صاخباً مفتوحاً تصطرع فيه أدوات المثقف الغاضب، صاحب النظر اليساري، والمناضل حامل الرسالة المبشر بها، مع كشوفات المبدع والفنان المرهف الذي يصغي لنبض الكائنات، ويتذوق مواطن الجمال والغرابة في الطبيعة والنفس البشرية، ويخوض الإبداع كمغامرة وفعل لغوي وتخييلي، لا كوعاء من أجل بث وسكب أفكار بعينها، وأحيانا فإن هذا الصراع بين هذا وذاك ينشب داخل نص واحد في هذا الكتاب الفريد”.
وهشام البستاني قاصّ وكاتب، ولد في عَمّان بالأردن عام 1975، تنشر مقالاته ودراساته في الصحف والمجلات العربية والعالمية مثل الأخبار (لبنان) والقدس العربي (لندن) والآداب (لبنان) ومونثلي ريفيو (الولايات المتحدة) وجدلية (الولايات المتحدة.
وصدر للبستاني في الأدب: (عن الحب والموت (بيروت: دار الفارابي، 2008، بتقديم من صنع الله إبراهيم)،الفوضى الرتيبة للوجود)بيروت: دار الفارابي، 2010)، (أرى المعنى…) بيروت: دار الآداب، 2012 ، وكتابه الجديد: (مقدماتٌ لا بدَّ منها لفناءٍ مؤجل (القاهرة، دار العين، 2014 .
كما نشرت قصص البستاني في العديد من الصحف والمجلات العربية، واختيرت ضمن عدد من الملفات الأدبية عن الكتابة العربية الجديدة، واختارته مجلة إينامو الألمانية كواحد من أبرز الكتاب العرب الجدد، ونشرت ترجمة لقصص له بالألمانية ضمن العدد الخاص بـ”الأدب العربي الجديد” شتاء 2009. اختارت مجلة وورلد ليتريتشر توداي الأدبية الأميركية العريقة قصته “التاريخ لا يصنع على هذه الكنبة” لتكون ضمن ملفها المخصص لنماذج مختارة عالميًا من القصة القصيرة جدا.