هاني المصري.. رحيل فنان «والت ديزني» ومخترع «كيمو»

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

 

وئام يوسف

 

 

«لا أحد يغادر هذه الدنيا إلا عندما ينهي مهمته فيها» قالها الفنان هاني المصري راثياً الممثل حسن مصطفى الذي فارق الحياة منذ أشهر 19/5/2015، وقد عمل الإثنان في واحدة من عيون المسرح المصري «العيال كبرت» 1979، حسن مصطفى كان أحد أبطالها، في حين صمم الديكور الفنان هاني المصري الذي حزم أمتعته هو الآخر بعد أن أكمل مهمته في دنيانا ورحل يوم 24/8/2015، تاركاً وراءه إرثاً من الإبداع والفن الذي خط اسمه في سماء ديزني هوليوود سفيراً مدة ثلاثة عشر عاماً.

واحد وأربعون عاماً من الدأب والإنجاز بنى خلالها المصري نهجاً متفرداً من الفن قوامه الإتقان والدقة والجمال، بداية من كواليس المسرح المصري، مروراً بالإعلانات التلفزيونية، وصولاً إلى «والت ديزني» في أميركا التي أبدع فيها العديد من الأعمال منها «أمير مصر» The Prince of Egypt، إنتاج شركة dream works عام 1998، إلى جانب إسهامات أخرى منها»The Road to El Dorado» عام 2000، وSpirit Stallion of Cimarron»» عام 2002، ، أعمال نفذها بعد بحث وتوثيق وتدقيق كبير، مستخدماً يديه وعقله وقلبه، ثالوث الإبداع الذي اعتمده طوال رحلته الفنية.

شغف هاني المصري بالرسم منذ طفولته، فكان فضاءَه الذي خطّ فيه أحلاماً لم تبرحه يوماً ولم تخذله، في حين خاض لأجلها معارك كان أطرفها هروبه من المدرسة لأجل مشاهدة فيلم Jungle Book»» إنتاج ديزني 1967، وكانت حربه الثانية مع الأهل والمحيط لأجل التحويل من كلية الهندسة إلى كلية الفنون الجميلة بعد موافقة وزير التعليم العالي، في وقت كان فيه الرسم هواية أكثر منه مهنة.

كواليس المسرح كانت مهد أعمال المصري، منذ تخرجه من كلية الفنون الجميلة 1974، حيث صمم الديكور لعدد من العروض المسرحية كان أهمها «إيزيس» 1974، و «العيال كبرت» 1979 «إنها حقاً عائلة محترمة» 1979، الأعمال الثلاثة إخراج سمير العصفوري.

«كيمو» دب أزرق صممه هاني المصري 1977 كشخصية إعلانية لماركة آيس كريم جروبي، وقد استوحى فكرتها من تكوينه في الطفولة، وحققت الشخصية شهرة واسعة لدرجة أنها ما تزال حية في وجدان جيل الثمانينيات، كما تُستخدم في دعاية المنتج حتى الآن.

«يُحكى والله أعلم أنه كان في عصر قديم الزمان وسالف العصر والأوان ملك من ملوك بني سلسال، وكان لهذا الملك ولدان هما شهريار وشاه زمان..» مقدمة البرنامج الإذاعي الشهير «ألف ليلة وليلة» كتبه للإذاعة المصرية أواخر خمسينيات القرن الماضي الشاعر طاهر أبو فاشا وأخرجه محمد محمود شعبان، وقد أوقدت خيال جيل كامل كان منهم هاني المصري الذي غرق في لياليها، فقرأها وبحث فيها مطولا، لتثمر تلك الدراسة عدداً من اللوحات التي تعكس مشاهد ألف ليلة وليلة، واستخدمت في إحدى طبعات الكتاب، إلا أن مجموعة متطرفة أحرقت المجموعة في ميدان الحسين بحجة أنها تحوي مشاهد جنسية، ـ حسب قوله في حوار تلفزيوني سابق ـ وقد تزامن ذلك مع رحيل عدد من أصدقاء المصري عن الدنيا وهم صلاح جاهين وشادي عبد السلام ويوسف إدريس، لتنعطف حياته بعد ذلك، عبر سفره إلى أميركا.

رحلة من المواظبة والإنجاز أمضاها المصري بين نيوجرسي ولوس أنجلوس ليحط رحاله في هوليوود مدة ثلاثة عشر عاما قدم خلالها إبداعات استحق بها لقب العالمية، عاد بعدها إلى مصر عام 2005 ، وكان بانتظاره المزيد من الحكايا التي لم تُروَ بعد. اعتزم إنشاء مرسم للرسوم المتحركة لكن المشروع لم ير النور، فيما بعد صمم جدارية «ألف ليلة وليلة» بارتفاع خمسة أمتار وطول ثمانية أمتار، حوت آلاف القطع القماشية، وتجاوز عدد ألوانها المئة. عرضت اللوحة في أماكن عدة كان أهمها «قصر الأمير طاز» بمركز الإبداع، خلال احتفالية النقابة العامة للرسوم المتحركة والهيئة العامة لقصور الثقافة باليوم العالمي للرسوم المتحركة عام 2012.

الأمل والإصرار بوصلة المصري حتى آخر لحظات حياته، تجاوز بهما العوائق التي كان آخرها مرض اللوكيميا «سرطان الدم»، وقد انتصر عليه بعد جولات من الجراحة والكيماوي، إلا أن ضريبة الانتصار كانت كارثية فأصيب بقصور في عمل الكليتين وتراكم المياه على الرئتين، ليفارق الحياة مكللاً بالرضى وهو في قمة المجد، محققاً ما قاله يوماً «النجاح هو أن تبقى راضياً عن حياتك وأنت تفارقها».

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى