معرض جماعي في بيروت يجمع الرسم والنحت إلى التصوير الفوتوغرافي

الجسرة الثقافية الالكترونية

*زهرة مرعي

المصدر / القدس العربي

مدهش أن يلتقي في معرض جماعي 28 اسماً فنياً فيضعون المتلقي بمواجهة فرجة فنية من مدارس ومشارب متعددة. هو معرض يشكل تميزاً محترفاً جداً، يجمع التصوير الفوتوغرافي، إلى الرسم والنحت وفن التجهيز. Les Laureats هو العنوان الذي أغلقت عليه جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت أبواب العام الذي أفل. معرض أكد على حيوية الفن اللبناني وتفاعله مع الجمهور، وعلى أهمية حضور «الفائزين» بجوائز فنية مجتمعين في معرض موحد. تمازج المدارس الفنية، وانصهار الرؤى التعبيرية شكل من الأعمال المعروضة نوعاً من التآلف، والتفرد في آن آخر. هذا ما يقوله جمع Mixed Media مع لوحة الأكريليك، مع التجهيز، وعمل آخر انبثق من رؤية معاصرة، إنما عبر مادة تحمل عبقاً من التاريخ.
لابتسام الرفاعي ثلاث لوحات تعلن صراحة صلة الرحم بينها. غاصت في التفاصيل. وكانت سمة لوحاتها «من القياس الكبير» غوصها في جوف المنمنمات. ألوان هادئة. دعوة للتبصر في الخطوط. تحديق يشبه رحلة بحث تفضي إلى وجوه، أحرف ومنحوتات تزخر بها لوحتها التي تحكي وتفيض.
التصوير الفوتوغرافي حضر عبر اسمين معروفين في عالم الصورة في لبنان والوطن العربي. للرئيسن السابقين لنقابة المصورين الصحافيين في لبنان صالح الرفاعي وجمال السعيدي. مشاركة تجمع بين جمالية المشهد، وحرفية التقاط لحظة الحزن الدفين في أهداب عينين مشردتين. كانت للرفاعي صورة تجمع العمران الجديد الشاهق إلى بحر بيروت. لا قواسم مشتركة بين البحر والحجر.
البحر ينشد الحرية. للبحر والحجر قسوتهما المعهودة، إنما تفاصيل الصورة أنسنت المشهد وشكلت في حناياه بعضاً من ليونة، برؤية لبشر بسطاء يناقضون في تساليهم البسيطة لغة العمران بمنطق تجاري فقط. في صورة السعيدي بورتريه ناطقة عبر عيني طفلة، ربما هي من ضحايا التشرد الذي خلفته الحرب السورية. ألوان الصورة شكلت لغة بحد ذاتها. ونظرة العينين قرأت في البعيد أن الأمل ضرورة، والصبر مقيم. هما تمرينان يوميان على كل جيل عربي جديد أن يتقنهما. هذا بعض ما تحكيه عيون صاحبة الصورة التي لفت رأسها بشال أحمر قانٍ.
في لوحة أكريليك من الحجم الكبير تبتكر ليلى كبّة شكلاً جديداً لعذابات الحاضر. إنها عذابات السيد المسيح، بين يدي والدته السيدة مريم الملتحفة بالكوفية الفلسطينية. بين الماضي والحاضر إطار من المسدسات يزنر المضمون. ألم جسدته كبّة موضوعاً، تعبيراً ولوناً. في لوحة كريستيل دكاش ازدحام ظاهر للأفكار الإنسانية، وللمدارس الفنية التي استخدمتها. إنها Mixed Media وعبرها وصلتنا الأزمة التي تعصف بالبشر.. نارا، ناسا يهربون، ملائكة وشريرين. هو حال فرض نفسه على لغة الفن لدى دكاش، فكانت لوحة تدعو للتأمل بعمق.
في التجهيز المنطلق من رؤية معاصرة أعادت هند الصوفي الحياة لقطع خشبية مرّ عليها الزمن وشاخت عتقاً. حولتها لتجهيز فني مزروع بالعيون، العصافير، الخرز وسواه. وإذ بالخشب المهمل يبدو في حلة فائقة الجمال، متعددة المعاني. في المقابل جذبت جاكلين أوهانيان المتلقي نحو آفاق رحبة من التعبير عبر اللون والموضوع. في لوحتها تخترق الوجوه جوف العاصفة.
وجوه تقاوم من أجل الحياة. جسدتها ألوان نار ونور، تتداخل بتمازج رقيق، أو هي تفرز ذاتها بتعبير صارخ. وبألوان لافتة قدّم نبيل حلو «اوديتوريوم» من الخشب مشغول وفق موجة النفس الطويل. تجهيز يدعو للتوقف طويلاً لقراءة متاهاته اللامتناهية. يصح القول في هذا التجهيز بأنه يمثل حال البناء المدني الجديد، حيث الروح متجددة جداً، من دون أدنى لقاء مع الماضي. لوحة سوزان شكرون اشتعلت من قاعها بالأحمر الذي غرست فيه عماراتها القاتمة. عمارات فيها وهن شكل ولون، أبعدت عنها الفنانة كل ما يمت بصلة للروح.
لوحة ريما شحرور «أكريليك» مشغولة وفق التركيب، وكأنها منزلة على المكان قطعة بعد قطعة. ألوانها زاهية للغاية. عرائسها لاهية وحزينة معاً.
منحوتات عدة برزت في المعرض، منها امرأة «الماربل» لصلاح نابا.. انتصبت بين شكل المرأة والفقمة، ليأتي العنق حاسماً لهويتها الأساس. برونزية هي منحوتة رودي رحمة، دقيقة في تفاصيلها.. امرأة تمسك رجلاً يطير، حبل يصلهما، مناجاة ورغبات في اللقاء.
حضور الفنانين «الفائزين» في معرض جماعي كوداع لعام مضى يعتبره رئيس جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت الياس ديب «تأكيد الالتزام بالإبداع». و»حصيلة لكافة المعارض البصرية والتجريبية السابقة، ومعارض الحداثة وما بعد الحداثة».
جمعية الفنانين اللبنانيين التي بلغت من العمر 62 سنة، والتي تفتح أبوابها أمام المحترفين اللبنانيين، تقيم في مقرها في بيروت ـ فردان معرضاً لاثنين من كبار الفنانين كل شهر ونصف الشهر. وتقيم كذلك معرضين جماعيين لجميع الفنانين الذين يعيشون فوق أرض لبنان. لوحات المعرضين الجماعيين يخضع للجنة تحكيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى