قبول النصوص العالمية كارثي والأولوية للمحلي

الجسرة الثقافية الالكترونية
*مصطفى عبد المنعم
تواصلت ردود أفعال الفنانين القطريين حول ما أثارته الراية أمس فيما يتعلق بلائحة النظام الأساسي لمهرجان الدوحة المسرحي المحلي للمحترفين وما يشوبها من تعديلات أو ملاحظات، حيث عبر هؤلاء جدلا حول تقديم بعض المخرجين نصوصا عالمية لضمان عدم رفضها من لجنة القراءة وبهدف الاستسهال والمشاركة فقط بالمهرجان، معتبرين أن الأولوية يجب أن تكون للنصوص المحلية التي يجب على المهرجان دعمها وتسليط الضوء عليها لخلق جيل من المؤلفين المبدعين، خاصة في ظل النقص بعدد كتاب المسرح، معتبرين في الوقت نفسه أن النص الجيد يفرض نفسه وان الاستعانة بنصوص عالمية لها معايير وضوابط ويجب أن يتم تقديمها برؤية مغايرة وجديدة، لا أن تكون من باب الاستسهال والمشاركة فقط .
محدودو الرؤية
في البداية يقول الفنان علي حسن إن لائحة النظام الأساسي للمهرجان منذ بدايته لم تعرض على الفنانين لإبداء رأيهم وبالتالي لن تعرض عليهم أيضا أية تعديلات وهذا من الأمور المؤسفة التي تشهدها الحركة المسرحية في هذا المهرجان، فلا أحد يأخذ آراء الفنانين وهم أصحاب الشأن في مهرجانهم ولا كيف يريدونه؟ وأضاف: كنا نأمل أن تتاح هذه الفرصة للفنانين لأن يشاركوا في وضع شروط ومعايير مهرجانهم، وحول ما إذا كانت هناك ضرورة لقصر المشاركات على النصوص المحلية أو القطرية فقط قال حسن: في الحقيقة أنا مع دعم وتشجيع جميع المواهب الإبداعية سواء كانوا من القطريين أو الفنانين العرب المحليين المقيمين في قطر، خصوصا أننا نعاني من نقص حاد في عدد المؤلفين المحليين وهم لا يتجاوزون في عددهم أصابع اليدين، وأكد على ضرورة أن يكون الفنان على علم ودراية بكافة شروط المهرجان وبنوده حتى يتمكن أن يسير في فلك القواعد السليمة له، وأشار حسن إلى أن القواعد والشروط التي يضعها المسؤولون والإداريون بوزارة الثقافة لتنظيم مهرجان الدوحة المسرحي بالضرورة لن تكتمل رؤيتهم إلا بالاستماع إلى وجهات نظر الفنانين لأنهم الأجدر على اتخاذ قرارات ملائمة لهم ولواقع الحركة المسرحية، فمن المفترض أن يكون الفنان على علم ودراية بشروط المهرجان.
وانتقد الفنان علي حسن المخرجين الذين يلجؤون لنصوص عالمية بغرض الاستسهال أو بهدف المشاركة في المهرجان ووصفهم بأنهم من محدودي الرؤية، مؤكدا أن المخرج المتمكن هو الذي يلجأ إلى نص محلي من واقع مجتمعه ويقدمه برؤية متجددة جذابة ويحقق به النجاح ويدعم من خلاله الموهبة الابداعية للكاتب المحلي، وأشار حسن إلى أن المخرج المتمكن من أدواته يستطيع أن يقدم أي نص برؤية متميزة وبشكل جديد وأنا ضد من يلجأ لنص عالمي فقط من أجل المشاركة في المهرجان.
النص القطري
طالب المخرج سالم المنصوري أن يخصص مهرجان الدوحة المسرحي في دورته القادمة مساحة أكبر لمشاركة شركات الإنتاج وأصحاب المؤسسات الخاصة، وأن يكون النص القطري هو الطاغي على عروض المهرجان، فاستبعاد النصوص المحلية وقبول النصوص العالمية يعتبر أمرا كارثيا، وهو ما يدفع الفنانين لتقديم النصوص الأجنبية لأن قبول مشاركتها مضمون، وهذا ما سيؤثر على مستقبل كتاب النصوص المحليين، فعلى القائمين على هذا المهرجان إعطاء الفرصة والدعم للكاتب المحلي وحتى وإن كانت النصوص ضعيفة المستوى، علينا دعمها وتشجيعها، لأن رفضها سيصيبها بالإحباط،، فيجب علينا إعطاؤهم الفرصة للتطوير من أنفسهم، وإعطاء المخرج المجال لإضافة رؤيته المسرحية على النص.
إنعاش الحركة الفنية
وتابع: لابد من وجود لجنة قراءة النصوص كجهة إطلاعي أولي على النصوص، ولضمان ابتعاد النص المقدم عن المحظورات الدينية والأخلاقية والسياسية، ولكن يجب أن تكون هناك بعض المرونة في قبول النصوص المسرحية القطرية، وعدم استبعاد نصوص لمؤلفين محليين لأننا نبحث عن النص المحلي، فعليهم أن يعملوا على إنعاش الحركة الفنية بزيادة الأعمال المسرحية التي تقدم على مدار العام بدلًا من اقتصارها على سبعة أعمال تنتظر لجنة المشاهدة للاختيار من بينها.
أما لجنة المشاهدة فلا أعتقد أن هناك ضرورة لوجودها، وليس لها أي داع، فالمخرجون المسرحيون على الساحة الفنية معروفون، وقدراتهم المسرحية معروفة لدى الجميع، فكيف تعرض مسرحية لمخرج كبير مثل عبدالرحمن المناعي على لجنة لتقييمها، وهو صاحب مدرسة فنية كبيرة، وله باع طويل في الإخراج المسرحي، فلجنة المشاهدة تكون واجبة إذا كان هناك مخرجون جدد يشاركون لأول مرة أو في حالة وجود عدد كبير جدا من المشاركات، أما أن تكون هناك 6 أو 7 أعمال فقط مشاركة لمخرجين تجربتهم المسرحية معروفة للجميع، فعليهم أن يتركوا التقييم للجمهور والنقاد خلال المهرجان.
نصوص عربية
ومن جانبه يقول الفنان أمير دسمال إن وزارة الثقافة والفنون لم تقصر بإتاحتها الفرصة لإقامة هذا المهرجان للفنانين المحترفين للمشاركة بأعمال مسرحية واستضافة العديد من أصحاب الخبرة في مجال المسرح من مختلف أنحاء الوطن العربي، لذلك ينبغي أن تتضافر جهود الجميع ليستمر هذا المهرجان في أفضل حال وأبهى صورة، ثم انتقل دسمال للحديث عن تعديل لائحة المهرجان من عام إلى آخر وهو ما يدل على حرص اللجنة المنظمة على الوصول لأفضل شكل من أشكال التنظيم لهذه الفعالية المهمة، وعليهم أن يستمعوا لأصحاب الخبرة والمتخصصين وليس بعيب أن يتم التبديل والتغيير بهدف التطوير وليس لأية أهداف أخرى، وأكد أن فتح المجال أمام المؤلفين سواء كانوا قطريين أم غير قطريين سوف يخلق حالة من التنافس المحمود وسوف يبذل الجميع جهده لتقديم فكره وثقافته وهو ما سيضفي تنوعا مطلوبا، أما بخصوص أن يتم اختيار أكثر من نص لكاتب واحد فهذا الأمر أيضا مرده للمخرج الذي يفضل أن يقدم نصا لكاتب بعينه وسيعمل على تقديمه بصورة خاصة به وفي نفس الوقت يمكن لمخرج آخر أو لشركة إنتاج أن تختار نفس المخرج لتقدم له عملا آخر ولا أرى أيضا عيبا في ذلك فالأمر يتوقف على جودة العمل والرؤية الإخراجية التي تصنع فارقا في العمل، وبخصوص لجوء البعض إلى نصوص عالمية للمشاركة في المهرجان قال: أنا أرى أن الدورات الثلاث السابقة شهدت طغيانا للنص العربي على النص العالمي وهو ما ينفي هذه الفرضية، وقد شاهدنا غالبية الأعمال في الدورات الماضية ومعظمها لكتاب عرب ونصوص عربية، وأعرب دسمال عن أمنياته أن تكون هذه النسخة من المهرجان متميزة وأن نحصل على وجبة دسمة من الأعمال المسرحية وتشهد ظهور مجموعة من المخرجين والممثلين الذين يمكن الاعتماد عليهم مستقبلا.
النص الجيد
فيما يرى الفنان إبراهيم البشري أن تعديل لوائح وشروط أي مهرجان أمر طبيعي ولابد منه لأننا نتعلم من الأخطاء وأعتقد أن هذا الأمر يسهم بشكل كبير في دفع عجلة التقدم للمهرجان ويسهم في تطوير لوائح المهرجان ما يسهم في ارتقائه بشكل يليق بالمسؤولين والفنانين والجمهور.
وفيما يخص استعانة بعض المخرجين بنصوص عالمية من أجل المشاركة في المهرجان قال البشري: أنا لا أرى عيبا في هذا خصوصا أن النصوص المحلية وكتابها المميزين يعدون على أصابع اليد ما يجعل المخرج في حيرة من أمره ولذلك تتم الاستعانة بالنصوص العالمية التي لا أرى مانعا في الاستفادة منها ما دامت سيتم تقديمها للجمهور بشكل ورؤية فنية جديدة.
وأضاف البشري قائلا: إن النص الجيد يفرض نفسه سواء كان محليا أو عربيا أو عالميا وإذا حصل وكان هناك مخرجون يختارون نصوصا عالمية فقط من أجل المشاركة في المهرجان فهؤلاء أقول لهم إنكم بدأتم في الهبوط التدريجي بفنكم ولن تتركوا بصمة أو علامة خاصة بكم في عالم المسرح.
النصوص المحلية
من جهته يرى علي ربشة أن قرار فتح المجال أمام المخرجين للاستعانة بنصوص خارجية فيه بعض الظلم للمؤلفين القطريين خصوصا أننا نعاني من قلة أعدادهم وهذا مهرجان للمسرح المحلي إذ ينبغي أن تكون جميع الأعمال محلية، فلماذا اشترطت اللجنة المنظمة أن يكون المخرج قطريا واستثنت المؤلف، وأكد الفنان علي ربشة أن قرار إلزام الشركات أو المخرجين بكتاب قطريين سيسهم في إحداث حالة من التفاعل وسنرى في الأعوام المقبلة مؤلفين قطريين ومبدعين جددا في مجال المسرح، وعلق ربشة على موضوع حرص عدد من المخرجين على تقديم نصوص عالمية فقط من أجل المشاركة وقال: هذا الأمر يثبت وجهة نظري حول أهمية الاستعانة ودعم النصوص المحلية وعدم فتح الباب أمام جميع النصوص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراية