قراءات نقدية في الأبعاد الفكرية والجمالية لرواية (بابنوس) لخريس

الجسرة الثقافية الالكترونية – خاص
أمل نصير
قالت الناقدة د. رزان إبراهيم:»أن رواية بابنوس واحدة من الروايات التي تثبت إمكانية أن يكون الروائي ممثلاً للضمير الإنساني، قرأت بإقتدار مواضيع ألم وخلل يعيشها العالم اليوم وقدمته دون تجميل، طامحة في تحريك إنسانية قارئها والرفع من مستوى أحاسيسه تجاه ما يحدث في العالم».
وأضافت د. إبراهيم في اللقاء الذي نظمه منتدى الفكر العربي أول من أمس بعنوان «الأبعاد الفكرية الإنسانية في الخطاب الروائي العربي (رواية بابنوس نموذجاً)» أن الرواية منذ البداية وحتى النهاية ترافقها لازمة (أسود/ أبيض)، (عاج/ أبنوس)، وتبقى متحلقة حولها في إطار حلقات وبني دائرية تتفرع لتعود لها من جديد، لدينا شجرة البابنوس حيث يختلط في ساقها لحاء رمادي ومشحة بنية، وتنقلنا الرواية بعدها من الطبيعي البشري إلى الفتاة بابنوس (ولدت لأم سمراء وأب بلون أزرق إفريقي)، لتكون عروقها كما هذه الشجرة، إذ تجري فيها عروق شمس إفريقيا الحارة».
وبينت د. إبراهيم في اللقاء الذي تحدث فيه كل من د. الصادق الفقيه امين عام المنتدى والروائية والأديبة الزميلة سميحة خريس، والمدير التنفيذي لمنتدى الرواد الكبار الشاعر والناقد عبد الله رضوان، وادارته د. جودي البطاينة أن :»الرواية تريد أن تقول: الأرض كما الناس كما السماء لا شيء ثابت أو متجانس ومن هنا حضرت شخوص الرواية في إطار ثنائي (حيث تحضر الشخصية باعتبارها نقيضاً للأخرى في بعض الجوانب تكملها ولا تزيحها أو تحل مكانها)».
ووصف امين عام المنتدى د. الصادق الفقيه رواية «بابنوس» بأنها غنية بالصور الجمالية وبالبُعد المعرفي حول المكان الجغرافي الذي تدور فيه أحداثها، وفيها كثير من الاقتراب المعرفي حول حياة أهل دارفور، ويحسب للرواية وكاتبتها إثراء العمل بجوانب متنوعة في السرد والتقاط التفاصيل.
ومن جهتها قالت الروائية الزميلة سميحة خريس:»لقد تصديت لقضية خطف الأطفال وبيعهم في محاولة لإثارة مسألة الرق عبر العصور، خشيت أن أتحول إلى شاشة فضية جديدة تعرض المعاناة التي نراها، ثم يمكننا تناول عشاءنا ونحن نراقب القرى تحترق، والجثث تنتشر والصغار يضيعون، هذا ما دفعني إلى شقلبة الرواية، فبدلاً من الدخول مباشرة إلى الحدث مهدت في استطراد طويل لحياة هؤلاء الناس الذين حاولوا أن يختلفوا، ومثلوا لوناً بريئاً من بشر ينعزلون عن كل ما من شأنه أن يجعلهم عدواُ أو هدفاً أو طرفاً في صراع، بشر يبحثون عن مدينتهم الفاضلة، ونحن نرى أمثالهم كل يوم في نشرة الأخبار، لكننا ننفعل لحظتها ثم ننسى.. لكم نحن ننسى».
وزادت خريس أن «بابنوس» مثلت تحدياً من نوع خاص، لقد شعرت معها أني أقشر جلدي الذي أعرفه ويعرفني، وأقفز إلى مجاهل تطالبني بمعرفتها قبل التصدي لها، لا من حيث توفر المعلومة بقدر ما هو الفهم العميق لذلك الأفق المختلف».
وتناول الناقد والشاعر عبد الله رضوان في قراءته السوسيوتاريخية لرواية بابنوس دراسة في البنية، الملخص الحكائي، قراءة في الخطاب الروائي، البعد المعرفي الأنثروبولوجي، والبعد السياسي،حيث يمثل البعد المعرفي في هذه الرواية بعداً مركزياً شديد الحضور، ولعل من أهم أسباب ذلك أن الروائية تنشئ من خلال روايتها مجتمعاً بشرياً افتراضياً جديداً أسمته مجتمع «الخربقة»، والخربقة لعبة شعبية سودانية تسود بين الرجال في منطقة دارفور تشبه لعبة السيجة في قرى بلاد الشام».
وأوضح رضوان أن الخطاب المعرفي في الرواية على تعدده وتداخله وتنوعهواكتظاظه لم يأتِ فجاً مباشراً، وإنما في إطاره الجمالي داخل بنية روائية متماسكة، وهو ما يؤكد قدرة مبدعتنا الروائية سميحة خريس على استمرار العطاء والتجاوز باتجاه مساحات وعوالم جديدة ومبتكرة».
وأشارت د. جودي البطاينة إلى تطور الرواية في العالم وعند العرب في العصر الحديث، كما تطرقت إلى الرواية في الأردن، وقالت: إن الروائية سميحة خريس أثبتت بأعمالها الروائية والقصصية والأدبية حضوراً محلياً وعربياً وعالمياً وذلك حين جرى ترجمة بعض أعمالها إلى عدد من اللغات الأجنبية، وما حققته من حضور وفوز على جوائز مرموقة تقديراً لمنجزها الأبداعي.
الراي