حال الأمة العربية يضحكني ويبكيني

الجسرة الثقافية الالكترونية
*هيثم الأشقر
المصدر: الراية
في حياة كل منا مواقف كوميديّة طريفة لا يمكن أن تُنسى أو تمحوها الذاكرة، تقفز إلى أذهاننا من حين لآخر مع مُشاهدة موقف أو شخص أو مشهد مُعيّن يُعيد البسمة إلينا، ولا شكّ أن الفنان دائمًا ما تكون الأعين عليه وتُقبل الجماهير المُحبّة له على سماع ومعرفة أخباره وجديده في المشهد الفنيّ، خلال هذه الزاوية نتعرّف معًا على مواقف كوميديّة لا تُنسى في حياة الفنانين سواء على المستوى الفنيّ أو الإنسانيّ. باب “كوميديا واقعيّة” استضاف في هذا العدد المُخرج والفنان المسرحي سيار الكواري ليحدّثنا عن أبرز المواقف الكوميديّة في حياته.
< حدثنا عن أهم المواقف الكوميدية التي صادفتك في المجال الفني؟
– أتذكر أنني كنت أقدّم مسرحية بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، وكانت اسمها “سلامة”للشاعر والإعلامي عبدالسلام جادالله، والمسرحية كانت عبارة عن قصيدة من صفحة واحدة، وكانت فكرتها الإخراجيّة بسيطة جدًًا، فتاة فلسطينية بزيها الوطني تقرأ الأبيات، مع شخص يعزف على العود، وكان في عضوية لجنة التحكيم آنذاك ناقد كويتي، وكان صديق شخصي لي منذ أيام الدراسة في معهد الفنون المسرحية بالكويت، وبعد الانتهاء من العرض فوجئت به يقول لي: اختيارك لخرير المياه أضفى جوًا شاعريًا على العمل، جعلني أسرح بخيالي، مع صوت العود، وصرخات الفتاة، استغربت كثيرًا من كلامه وقلت له: عن أي خرير تتحدث، لم يكن هناك مياه، ولا خرير، فقال لي كيف هذا صوت الخرير كان موجودًا طول الوقت، وكأن الفتاة كانت في سفينة بالبحر، وفي النهاية اكتشفنا أن الصوت كانت نتيجة خراب بماسورة مياه المسرح، فضحكنا كثيرًا عندما علمنا ذلك، ولكن الشيء الجيّد أن هذا الحدث جاء في صالح العرض المسرحي.
< وعلى صعيد حياتك الشخصية ما هو أكثر موقف طريف واجهته؟
– موقف صار لي مع اثنين من الفنانين الموجودين حاليًا على الساحة المسرحيّة، كنا نقدّم وقتها عملاً لمسرح الأضواء، وجاء أحد ابطال العمل يطلب مني إجازة يومين من البروفات لدواعي السفر، فوافقت له على السفر على أن يحضر في اليوم المتفق عليه، ولكنه تأخر وجاء في نفس اليوم، ولكن في الساعة العاشرة والنصف مساءً، فبعد الانتهاء من البروفات طلبت من الجميع الذهاب، وأمرته هو أن يبقي ليقوم بأداء جميع البروفات منفردًا، وجلسنا نعمل يومها حتى الساعة الثانية والنصف مساء، وبعد الانتهاء وعندما هممت بالعودة للمنزل اكتشفت ثقبًا بأحد إطارات السيارة، فجلس صديقي هذا يضحك ويقول لي هذه عدالة السماء، وجزاء مافعلته بي، قلت له ماذا أفعل الآن لن نجد في هذا الوقت المتأخر من يقوم بإصلاح الإطار، فقال لي لا تقلق سأحلّ لك هذه المشكلة، وقام وهو وصديق لنا آخر بفكّ إطار السيارة، وذهبا ورجعا بعد ساعة، ومعهما إطار سليم، وقاما بتركيبه، فسألتهما مستعجبًا: من أين لكما هذا؟!!، قال ذهبنا لأحد الفرجان، يوجد به سيارة مشابهة لسيارتك تمامًا، أخذنا إطارها، وتركنا ورقة لصاحبها: “آسفين استعرنا إطارك وسنعيده لك غدًا”.
وهذان الفنان هما جبر فياض، وعلي سلطان.
< كيف تنظر للكوميديا وأهميتها في حياتنا؟
– الضحك والفكاهة من أهم الأشياء في حياة الإنسان، فالضحك يغسل الهموم، وينشط المخ، ويجدّد الدماء، ويجعلك تقبل على الحياة ببهجة، أما الهموم والكآبة فتكثر من الأمراض، وتقصر من عمر الإنسان.
< كم مرة تضحك في اليوم؟
أضحك كثيرًا جدًا، فالكوميديا موجودة معي طوال الوقت، والمواقف الكوميدية في حياتي كثيرة جدًا، في العمل، المنزل، ومع أصدقائي وأنا ألعب الجولف، لدرجة أن الكثير لاموني من عدم تقديمي لأدوار كوميدية خلال مسيرتي الفنية، وأنا لا أدري لماذا لم أقدم على ذلك، ربما لأني أخاف على خشبة المسرح، ولم يقدّم لي الدور الذي يمكن أن يبرز موهبتي الكوميدية بشكل جيّد، فأدوار الجدّ كانت أكثر من الهزل.
< ما أكثر الأشياء التي تدخل على حياتك البهجة الآن؟
– أحفادي هم أسعد شيء في حياتي، أحبّ أن أقضي أوقاتًا كثيرة معهم، ألعب معهم، وأضحك معهم، وأتعصب عليهم أيضًا، وأعود لأصالحهم، فوجودي بجانبهم أجمل إحساس في الدنيا، وهم أغلى ما في حياتي.
< نقطة كوميدية تودّ أن تشير إليها في واقعنا الحالي؟
– حال الأمة العربية المُضحك المُبكي، فأكثر شيء يحزنني ويضحكني في نفس الوقت، هي حالة التشتت، والفرقة التي تعاني منها أمتنا العربية، التي جعلت ضعاف القوم يستغلوننا، ويتطاولون علينا، ويستبيحون دماءنا، وأموالنا، وأدعو الله أن تكون الوحدة التي بدأت ملامحها تظهر مؤخرًا، بداية لعودة الاتحاد لهذه الأمة، لتنفضّ من عليها غبار الزمن، ونعود أقوياء كما كنا، لنستعيد مكانتنا التي فقدناها بتفرّقنا، ومحاربتنا لبعضنا البعض.