سنة الطبعة .. بطولات من التراث البحري

تحل ذكراها الـ 98

الدوحة- الجسرة

تحل غدًا “الجمعة” الذكرى الثامنة والتسعين لسنة الطبعة، والتي وقعت أحداثها في 29 سبتمبر عام 1925، عندما هبت عاصفة قوية في عرض البحر، فانقلبت على إثرها السفن الكبيرة، من شدة تلاطم الأمواج، وتسارع الرياح، وهو ما أدى بدوره إلى تناثر من كانوا فيها من الرجال والأموال والمؤن، حتى اختلط كل شيء ببعضه، وامتزجت في هذه الأجواء بقايا السفن مع أشلاء الموتى، وتحول البحر الهادئ إلى موج هادر، ليعيش ذوي الضحايا مأساة أخرى على الساحل، بنحيب الإخوة وعويل الأبناء وصرخات الزوجات والأمهات الثكالى.

أرحمة الكعبي: جدي أنقذ 350 شخصاً من الغرق

يستحضر السيد أرحمة بن محمد المنيف الكعبي، مواقف جده النوخذة أرحمة بن منيف المنيف الكعبي، نقلاً عن والده الذي كان يرافق جده على متن ذات المركب، الذي كان موجودًا في البحر عند وقوع العاصفة.
الشرق تستحضر ذكرى مرور 95 عاماً على سنة الطبعة
ويقول: إن والده شاهد الحادثة أثناء وقوعها عام 1925، ونقل له تفاصيل ما دار بأن هبت عليهم عاصفة هوجاء، محملة بالمطر والهواء الشديد، فأدت إلى إغراق قرابة 80% من المراكب التي كانت تجوب مياه الخليج آنذاك، غير أن جدي كان أحد الناجين من هذه الحادثة، التي طفت فيها أجساد الغواصين مع بقايا حطام المراكب على سطح مياه الخليج أثناء موسم للغوص، قبل نحو قرن من الزمان. وعلى الرغم من مرارة الفاجعة، إلا أنها تحمل الكثير من القصص الإيجابية التي تعكس تكاتف وتعاضد أهل قطر. عندما يذكر السيد أرحمة الكعبي أن جده النوخذة الراحل قدم نماذج من الشجاعة والتضحية والإيثار، عندما ساهم في إنقاذ عدد كبير ممن كانوا عُرضة للغرق في المياه، إثر هذه العاصفة، كما حرص على نجدة من كانوا عُرضة للغرق، بإضاءة سراج على ظهر مركبه، ليكون دليلاً لجميع من يطلب الفزعة، وعندما كادت سفينته تتعرض للغرق بسبب ارتفاع حمولتها من الناجين، وطلب أحد البحارة منه الإسراع إلى الشاطئ، رفض جدي ذلك، وأقسم أنه لن يترك في البحر رجلاً يطلب النجاة، إلا وأنقذه، وقال مقولة شهيرة، مازالت خالدة إلى اليوم، وهي يا نعيش سوا. أو نموت سوا، وحينها أنقذ 350 شخصاً من الموت.
ويلفت إلى أن هذه المقولة بمثابة بطولة من بطولات عدة سطرها مواطنو قطر إزاء الشدائد، ودليلاً على حرصهم الدائم على تحقيق التكاتف والتعاضد والإيثار فيما بينهم، فضلاً عما تمثله من شجاعة وشهامة، ظلت معروفة لدى أهل قطر منذ قديم الزمان. داعيًا إلى توثيق هذه الحادثة، بدمجها في المناهج الدراسية، وإطلاق اسم رائدها على الشوارع والمناطق، وكذلك توثيقها إبداعيًا، وخاصة مع قرب ذكراها المئوية، بتنظيم الندوات والمؤتمرات ومعارض الفن التشكيلي عنها.
ويقول السيد أرحمة الكعبي إن مثل هذه الأحداث على الرغم مما خلفته من مأساة، إلا أنها جديرة بإلقاء الضوء عليها، وتوثيقها في المحافل الثقافية المختلفة، سواء كانت أدبية أو فنية أو تشكيلية، «فهى زاد كبير لكل الباحثين عن النهل من تاريخنا الزاخر، وما يسرده من بطولات وتضحيات».

توثيق تاريخي

وضمن المقاطع التوعوية التي يبثها المؤرخ والباحث عبدالعزيز العويد، وحققت تفاعلاً لافتاً. توقف عند سلسلة «قطر.. أسر وشخصيات»، حيث تناول حادثة سنة الطبعة، والظروف التي شهدتها، وما أسفرت عنه من ضحايا، قدروا بنحو 5 آلاف شخص. وتوقف عند تضحيات النوخذة أرحمة بن منيف المنيف الكعبي، والذي أنقذ 350 شخصًا، كانوا معرضين للغرق إثر هذه العاصفة، التي استمرت لمدة نصف ساعة. ودعا العويد إلى ضرورة دمج مثل هذه الحادثة في المناهج الدراسية، لتوعية الأجيال الحالية والقادمة بها، وما شهدته من تضحيات وبطولات، أظهرت معادن الرجال، على نحو ما قدمه النوخذة أرحمة الكعبي، رحمه الله، «والذي كان له دور كبير في إنقاذ أرواح عديدة، في شجاعة وبطولة، أصبحنا في أشد الحاجة إليها، ليتعرف عليها أبناء الجيل الحالي، والاقتداء بهذا الرجل الكريم، الذي أظهر شجاعته وإيثاره، ما يجعله جديراً بتخليد اسمه في سجل التاريخ بدول قطر دول الخليج، «لأن قصته وموقفه جدير بتدريسه للأجيال، وكذلك بإطلاق اسمه على الشوارع والمناطق المختلفة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى