متاحف مشيرب تستعرض تاريخ قطر بتكنولوجيا حديثة

 

 

 

 

تتميز متاحف مشيرب التراثية التي تم افتتاحها أكتوبر الماضي كونها تجمع بين ماضي قطر وحاضرها وتشكل حلقة وصل بين الجيل القديم والجيل الجديد، لتقدم لسكان قطر حاضنة أثرية وتراثية جديدة تضم العديد من أدوات ووسائل الحياة القديمة المعروضة في قلب مشيرب، ذلك المشروع الحضاري الذي سيصبح منارة في قلب الدوحة تضاف الى سجل إنجازات قطر.

 

وتتكون متاحف مشيرب من أربعة أبنية هي عبارة عن مبان تراثية قديمة، حيث جرى ترميم البيوت التراثية وهي “بيت بن جلمود” و”بيت الشركة” و”بيت محمد بن جاسم” و”بيت الرضواني” وهذه البيوت تتجاوز كونها مكانا يجمع كل ما عثر عليه خلال عمليات التنقيب في المشروع وجمع التحف الأثرية التي وجدت في البيوت القطرية في هذه المنطقة، بل هذه المتاحف تمتلك كذلك رسالة تعليمية وتثقيفية وستقوم بدور اجتماعي كبير سيساهم في تعريف الجيل الجديد بكل ما يتعلق بدولتهم منذ نشأتها إلى ما وصلت إليه الآن.

 

وقد أعلنت إدارة متاحف مشيرب أن المتاحف تفتح أبوابها ابتداء من الساعة الثامنة صباحا وحتى الثانية ظهرا، إلا أن الزيارات حاليا تتم بمواعيد مسبقة من خلال التسجيل على الموقع الإلكتروني لمتاحف مشيرب لحجز مواعيد الزيارات، وذلك حرصا من إدارة المشروع على سلامة الزائرين والجمهور نظرا لوجود الأعمال الإنشائية في الموقع، وأكدوا أن هذا الأمر سيكون بشكل مؤقت فقط.

 

تحديث الحياة القطرية التقليدية

 

اعتمدت متاحف قطر في بيت محمد بن جاسم على جمع القطع الأثرية التي وجدت في المشروع، حيث تمّ الحصول على كثير من المقتنيات والوثائق التي عرضت في المتحف، وتمّ التواصل مع الجهات العلمية في الدولة ككلية لندن في قطر للتأكد من صحة المعلومات وتوثيقها، والمميز في هذه المتاحف أنها سوف تتطوّر في المستقبل، حيث يتمّ العمل بكل جد وجهد للخروج بشيء مشرف لدولة قطر عربياً وعالمياً، حيث كان الاعتماد الرئيسي في تجميع مقتنيات المتاحف على الأسر والعوائل القطرية التي كانت تقطن منطقة مشيرب التي تعدّ أقدم منطقة في قطر، وتمّ التواصل بشكل مباشر مع العائلات التي لها ذكريات حية في هذه المنطقة العريقة. ويمثل افتتاح متاحف مشيرب علامة أخرى مضيئة في سبيل تطوير “مشيرب – قلب الدوحة” ويأتي تتويجاً للمرحلة الأولى من الحي التراثي في المشروع.

 

وتشكّل المتاحف التي تضمّ أربعة مبانٍ تاريخية أعيد ترميمها، جزءاً من عملية تجديد واسعة النطاق تشمل قلب المدينة وتستهدف بعث الحياة من جديد في مركزها التجاري القديم وإعادة خلق وتحديث الحياة القطرية التقليدية التي تقوم على روح الجماعة والتجارة والشعور بوحدة المصير. وتعكس هذه البيوت خلفية تاريخية ذات معالم بارزة في تاريخ قطر، وتوفر ساحة ثقافية لتبادل الأفكار وإثراء الحوار حول الماضي والمستقبل، كما تمثل متاحف مشيرب جزءاً هاماً من خطة البناء لإعادة إحياء مركز المدينة التجاري القديم، واسترجاع نمط الحياة التقليدي القائم على مظاهر التفاعل الاجتماعي والإحساس بالإخاء وحسن الجوار.

 

وقد أشرف فريق متخصص من المعماريين والخبراء المحليين والدوليين البارزين على عملية ترميم المباني التاريخية الأربعة، وتم تحويلها إلى أربعة متاحف ستمثل الوجهة الثقافية الأبرز للمشروع، وقد استخدمت في تشييدها موادّ اختيرت بعناية وذلك للحفاظ على روح المباني الأصلية وطرائق تشييدها.

 

“بيت محمد بن جاسم” يجسّد مبدأ الاستدامة

 

يسرد متحف “بيت محمد بن جاسم”، الذي تمّ تشييده من قبل الشيخ محمد بن جاسم آل ثاني رحمه الله، وهو ابن مؤسس دولة قطر الحديثة، قصصاً من الماضي والحاضر، كما يتناول مبادئ الاستدامة التي يتمحور مشروع “مشيرب قلب الدوحة” حول تحقيقها. ويضمّ هذا البيت جزءاً من المقتنيات الخاصة بمشروع “صدى الذكريات” التي تمّ الكشف عنها أثناء القيام بأعمال التنقيب في الموقع. ومن خلال التجوّل فيه، نكتشف كيف وُلد قلب الدوحة التاريخي من جديد بصورة تجمع بين روح وجماليات العمارة القطرية وبين التكنولوجيا المعاصرة وأحدث التطورات في مجال الاستدامة. ويمكّن بيت محمد بن جاسم، زوّاره من النظر بشمولية إلى ما يتميّز به مشروع “مشيرب قلب الدوحة” من لغة هندسية معمارية تنبع من أصول تراثية خاصة بالمجتمع. فعلى سبيل المثال، يمكن للزائر لهذا المتحف التعرف على كيفية تشكل “السكك” التي تمتد المنازل على جانبيها، والتي تؤدّي في نهاية المطاف إلى “البراحة”، ويمكن للزائر أن يتجوّل داخل “البيت القطري القديم” والتعرّف على طبيعة البيوت القطرية القديمة، حيث يحتوي هذا المتحف على غرفة نوم بطرازها القديم وأثاثها، كما يحتوي على المطبخ القطري بأدواته من الأواني الفخارية القديمة، والمنزلية التي كانت تستخدم في إنتاج الخبز وغيره من الأطعمة، بجانب غرفة المعيشة التي تحتوي على أثاث بسيط وآلة خياطة تجسد صورة المرأة القطرية القديمة التي كانت تعمل على حياكة ملابسها وملابس أسرتها بنفسها. كما يتسنى لزوّار هذا البيت العريق التعرف على حكايات سكان مشيرب وسماع أحاديثهم عن المنشآت التي تمّ تشييدها لأول مرة كالفندق والبنك والصيدلية والمقاهي، وأخيراً يستعرض بيت محمد بن جاسم التحديات التي خاضتها دولة قطر من أجل المحافظة على التوازن بين متطلبات الحياة المعاصرة والتراث والثقافة القطرية.

 

“بيت الشركة” يسرد قصص الرواد القطريين

 

متحف “بيت الشركة”، كان مقرا رئيسيا لأول شركة نفط بريطانية عملت في قطر، فيسرد هذا البيت قصص الرواد القطريين الذين عملوا بكد ونشاط في حقول النفط قديما ووهبوا حياتهم من أجل بناء وطنهم وتأمين لقمة العيش لأبنائهم وأسرهم، وكانوا أول من ساهم في إحداث تحول حاسم في مسيرة نمو قطر خلال فترة اكتشاف النفط.. ولم تثنهم التحديات والنكسات عن الاستمرار في مساعيهم وإصرارهم، بل أظهر أولئك الرواد القطريون إخلاصاً وتفانياً، مساهمين في بدء عصر جديد من التنقيب والاستكشاف عن حقول النفط في بلادهم.ويأتي المتحف الثالث وهو “بيت ابن جلمود” ليسلط الضوء على ظاهرة الرق على مستوى العالم، حيث يستعرض مظاهر الصبر والمثابرة في مواجهة العديد من المحن والصعاب الإنسانية. كما يعرض البيت قضية الرق والمساهمات المتعددة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي قدمها الرقيق في إنماء الحضارات الإنسانية.ويأتي المتحف الأخير وهو “بيت الرضواني”، وهو البيت الذي بني في عشرينيات القرن الماضي، في موقع يفصل بين أقدم أحياء مدينة الدوحة، هما حي الجسرة وحي مشيرب، ليستعرض حياة العائلة القطرية قديما، ومن خلال زيارته يمكن التعرف على كل ما يميز تلك الفترة من الزمن.

 

شاشات تفاعلية تعرض تاريخ قطر

 

تعرض متاحف مشيرب التاريخ العريق لدولة قطر، ولكن في قالب تكنولوجي متطور يهدف في الأساس إلى التواصل مع الجمهور بشكل مباشر، حيث تحتوي المتاحف على شاشات تفاعلية تعمل باللمس وتمكن الزوار من الاطلاع على كافة المعلومات التاريخية والجغرافية لدولة قطر منذ مرحلة ما قبل اكتشاف النفط وحتى تأسيس دولة قطر الحديثة، بجانب اطلاعهم على المعلومات والمراحل التاريخية لمشروع مشيرب قلب الدوحة أو أهدافه ورسالته.

 

و ما يميز هذه المتاحف الجديدة أنها تمكن جمهورها من أن يكونوا جزءا من هذه المتاحف، حيث توجد غرفة خاصة تحتوي على كاميرا فيديو وشاشة عرض يستطيع الزائر من خلالها تسجيل مقطع فيديو لمدة 3 دقائق يحكي فيه عن ذكرياته الجميلة في منطقة مشيرب القديمة، وستعمل إدارة المتاحف بعد ذلك على تجميع هذه المقاطع المسجلة واختيار البعض منها لأن يكون جزءا يعرض بشكل حي في المتاحف بهدف توثيق هذه الحكايات الشيقة لأهل قطر.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى