معرض مسقط الدولي للكتاب.. يزهو بين فعالياته الثقافية وزواره الباحثين عن المعرفة

الجسرة الثقافية الالكترونية
شذى البلوشية:-*
المصدر / عمان
تستمر فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب في نسخته العشرين، حيث يشهد المعرض إقبالا كبيرا من الزوار والمهتمين بالكتاب من مختلف أعمار وفئات المجتمع، حيث يجدون بغيتهم من المعارف والعلوم التي تضمها الكتب الكثيرة في جنبات المعرض.
واحتضنت قاعة العوتبي في مركز عمان الدولي للمعارض مساء أمس الأول، ندوة بعنوان «جدل مارسيل خليفة»، نظمها النادي الثقافي بالتعاون مع دار الأوبرا السلطانية ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض مسقط الدولي العشرين للكتاب، بحضور معالي الدكتور عبدالمنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام، وحضور الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة، الذي يوجد في السلطنة خلال هذه الفترة.
تناولت الندوة أوراق عمل ركزت على الحديث عن جوانب عدة في حياة وموسيقى مارسيل، لا سيما «جدل» وهي عنوان لأحد ألبومات مارسيل الذي استخدم خلالها آلة العود ثنائية الجدل، كما أنه تم اختيار عنوان «جدل» على الأمسية بسبب الجدل الذي تثيره موسيقى مارسيل على الساحة العربية.
أدار الندوة الدكتورة عائشة الدرمكية، وقدم الدكتور ناصر الطائي ورقة عمل بعنوان ««جدل» أغنية «أنا يوسف يا أبي» لمارسيل خليفة»، تناول فيها الصراع الديني من أجل الحرية والتجديد، والنقاش السياسي والفني الذي تثيره أعمال مارسيل خليفة.
ركزت الورقة في بدايتها على الحديث عن أغنية «أنا يوسف يا أبي»، والاتهامات التي وجهت له عند غنائها، وكيف تمت تبرئته منها بعد ذلك.
وركز الدكتور ناصر في ورقته للحديث عن جوانب القوة في أغنية «أنا يوسف يا أبي» فقال: «تتميز أغنية «يوسف» بقوة وجدانية وروحية خاصة بفضل مكانها المميز في قلب الألبوم، وإفرادها عن بقية الأغنيات بأسلوب خاص، وافتقادها إلى المصاحبة الأوركسترالية. تنبع قوة أغنية «يوسف» من اختلافها عن باقي أغنيات الألبوم».
كما تطرق الطائي في الورقة للحديث حول المعاني الرمزية والفنية لموسيقى مارسيل والتي هي أشبه بمجال رحب للحرية، وإخراج الموسيقى العربية من أسرها، وتحريرها من قيودها، وسرد أمثلة حية من أغاني ومعزوفات مارسيل، وتحدث عن مجالات القوة في «جدل»، وما قدمته معزوفة «تقاسيم» من معان عدة، فقال: ««تقاسيم» مقطوعة غنية بالثيمات الغنائية والتي هي أغلب الظن العامل الأساسي لربط خليفة لها بأشعار درويش الغنائية.
تتدفق الألحان بسلاسة وانسيابية من مقطع إلى آخر، تتخللها تقاسيم تقليدية إما منفردة، أو بمصاحبة إيقاع، أو في صورة ثنائية. ومع أن روح «تقاسيم» عربية، يضفي الكونترباص عليها لمسات من موسيقى الجاز المفعمة بالحيوية التي تدفع العود للانخراط في حوار مع ثقافات وتقاليد أخرى»، وتخلل الورقة تقديم مقاطع لبعض المعزوفات والأغاني للفنان مارسيل.
وقدم عبدالله خميس ورقة أخرى بعنوان «مضامين أغنية مارسيل خليفة»، تحدث فيها عن جوانب حياة مارسيل الموسيقية التي أخذته للإبحار في عوالم الموسيقى الواسعة، وتلك الحياة التي كانت مملوءة بظروف مختلفة، حملته لأن يكون ذات يوم معزولا بالبيت وحيدا مع دواوين الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وتناول جوانب عدة للأسباب التي جعلت مارسيل يكون هو الفنان الأميز والأقرب إلى الناس، وما جعل موسيقاه تكون ذات وقع كبير في قلوب الجمهور، فقال: «بلا شك أن صوت مارسيل خليفة دافئ. لكن لعله ليس الصوت الدافئ الوحيد ضمن أصوات الفنانين الذين يُطلق عليهم عادة لقب (الفنان الملتزم). إلا أن مارسيل هو صاحب القاعدة الجماهيرية الأعرض، وهو أيضا صاحب التقدير العالمي العالي لمؤلفاته الموسيقية. تقديرُ أهْلِ الفن ودور الأوبرا وقاعات الموسيقى الكلاسيكية الأكثر عراقة في العالم». كما تطرق عبدالله خميس في ورقته للحديث عن المسيرة الفنية لمارسيل، وأهم الإنجازات التي قدمها، ومشاركاته العربية والدولية، وأهم الدواوين والأغاني والمعزوفات التي قدمها.
وألقى الفنان مارسيل خليفة كلمته في ختام الندوة، متناولا فيها أهمية الموسيقى التي تبث المزيد من التفاؤل إلى الشعوب، وتساهم في رفع قوة وثبات ومقاومة الكثير من المشاكل وفواجع الزمان، ليبث إلى مستمعيه الكثير من كلمات الأمل، رغم خيبته بهذا الواقع وصروفه، فقال: «المهم أن تبقى لدينا القدرة على الرؤية في الظلام، ومهما حدث يجب أن تظل ترتفع أصوات تمسكنا بيد في الظلام وتقول: لا تخافوا».
متطرقا أيضا في حروفه عن الأهمية البالغة للموسيقى في صنع أحلام الإنسان، والدور الكبير للحرية في صنع شعلة لا يمكن أن تنطفئ في وجه كل الظروف، ليتحدث بصوت مليء بالدفء: «لقد عشت الحروب الصغيرة والكبيرة والهجرة والمنفى، وكانت الموسيقى تحميني وتمنحني قوة الصمود الأمل، لذلك لم أهزم داخليا».
وفي ختام الندوة قدم أعضاء من جمعية هواة العود بعض المعزوفات الموسيقية، فكان يوسف الويهي عازفا على آلة العود، ونعيم البلوشي على الإيقاع، ورضية العبيدانية على آلة الكمان. وأقيمت الندوة تعبيرا عن الأهداف التي تسعى دار الأوبرا السلطانية لتحقيقها باعتبارها جسرًا لعبور الموسيقى بلغة حوارية لجميع فئات المجتمع، والمساهمة في إثراء المجتمع بأهم الجوانب الفنية التي تملكها موسيقى مارسيل خليفة، وتقريب المجتمع لمعرفتها، والمساهمة في اكتشاف تفاصيل الكثير من مضامين أعمال موسيقار ذي قامة قيمة في الوسط الفني عربيا وعالميا، كما أن لهذه الندوة أثرا بالغ الأهمية لرفع مستوى الموسيقى العربية من خلال العمل عليها وتعلمها.
وتجدر الإشارة إلى أن دار الأوبرا السلطانية تستضيف الفنان مارسيل خليفة في حفل موسيقي، يقام على مدار يومي الخميس والسبت.