قصيدة النثر العربيّة في «شيخوخة الخليل»

عبر عتبات يستند فيها إلى مقولات إحداها لجبران خليل جبران «اللمسات الناعمة لا توقظ الناس»، يبدأ الشاعر والمترجم المغربي محمد الصالحي كتابه «شيخوخة الخليل» («كتاب الهلال/ تموز – يوليو 2016) ويمكن اعتباره خلاصة اجتهادات الأقدمين والمحدثين عن ماهية الشعر، وصولاً إلى اجتهاد شخصي في رسم ملامح خريطة قصيدة النثر العربية.
في الكتــــاب الذي يحمل عنــــواناً فـــرعياً هو «بحثاً عن شكل لقصــيدة النثر العربية»، يسلم الصـــالحي بأن هنــــاك ضبـــابيـــة في المصطلح الذي ربمــا ينطوي على كثير من التناقــــض. فالمتأمل للدرس النقدي العـــربي سيلحظ هذه الفوضى بسبب عدم تدقيق المفهوم الذي لم يصبح بعد «مصطلحاً» يدل على نفسه، ويحظى بالاتفاق العام.
يطرح الكتاب كثيراً من الأسئلة، ويسعى إلى الإجابة عنها، ومنها: ما التجليات الشعرية في جسد النثر العربي؟ وما التجليات النثرية في جسد الشعر العربي؟ كيف حصل هذا التداخل حتى أصبحنا أمام أجناس أدبية تحمل أسماءً لا تحيلنا لا على النثر ولا على الشعر، بل ترمي بنا وبمسلماتنا في منطقة التماس الصعبة حيث يصطدمان وينتج من اصطدامهما شرر مستطير؟ ومن منهما (الشعر والنثر) تخلى عن بعضه أكثر من الآخر؟ ماذا فقد الشعر حتى عُدَّ قريباً من النثر؟ ماذا فقد النثر حتى عُدَّ قريباً من الشعر؟
ثم لماذا حين حصل هذا التداخل أصبحنا أمام نص سلَّمنا بشعريته، على رغم أنه تخلى عن كثير من مواصفات الشعر المتداولة والمتعارف عليها؟ هل لأن الأفضلية في تراثنا الأدبي كانت دائماً للشعر، وأن النثر مهما يكن فنياً، فإنه يبقى في منزلة دون الشعر؟
صدر الكتاب بمقدمة لأستاذ الأدب الحديث في كلية الآداب في جامعة المولى سليمان بني ملال، الناقد المغربي الراحل العربي الذهبي، يقول فيها إن محمد الصالحي سعى نحو تبديل آليات النظر إلى خارطة قصيدة النثر، «بدل الإبقاء على ترجيع الشعارات التنظيرية التي رسَّبها هذا التراكم الهائل»، متجاوزاً كثيراً من الجهود السابقة، أكاديمية كانت أو تنظيرية دعائية وتقريظية، أو رافضة مناوئة».
ولد مؤلف الكتاب عام 1963، ومن أعماله: «قنديل أم هاشم: قراءة وتحليل» (1995)، و«الوخز بالعبر: في صروف الشعر، في أهواله» (2016) ومجموعات شعرية منها «أحفر بئراً في سمائي» (1999)، و«أتعثر بالذهب» (2004).

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى