جعفر عبد الكريم: الصحافي التابع لأجندة سياسية لا يبرع في عمله

فاتن حموي

«الإعلام هو نقل ما يجري على أرض الواقع كما هو. هو مسؤولية واحترام ومراعاة لمعايير الموضوعية والحيادية. لستُ جزءًا من الخبر. نحن العاملون في الإعلام، ننقل صوت الناس كما نعطيهم مساحة لأصواتهم». هكذا يشرح الصحافي جعفر عبد الكريم معدّ ومقدّم برنامج «شباب توك» والمراسل الميداني في قناة «دويتشه فيليه» الألمانية الناطقة بالعربية، مفهوم الإعلام.
دائمًا يشدّد عبد الكريم على الموضوعية والحيادية وعلى أنّه ليس جزءًا من اللعبة السياسية في أي مكان. «ما يميّز الصحافي هو المعلومات التي ينشرها من خلال بحثه وإبراز وجهات النظر المختلفة، هذا ما أسعى إليه من خلال برنامجي. ألمس ردود الأفعال حول عملي من خلال التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي باتت جزء لا يتجزأ من الإعلام في يومنا الحالي».
يعتبر عبد الكريم «دويتشه فيليه» قناة عالمية وعربيّة، «تحوي القناة ثقافات ومشارب مختلفة ولا تضعني في إطار معيّن. أستطيع من خلالها مخاطبة العالم العربي، إنها محطة تحترمني وأحترمها. وتطلق العنان لحريتي». نسأله عن معنى الحرية فيقول إنّها في معالجة أي موضوع كان من مختلف الزوايا، «علينا تقويم كل موضوع من خلال البحث. العقل يقوّم وأرفض وجود خط أحمر يعيق عملي، انطلاقًا من مبدأ كسر التابوهات والممنوع من خلال النقاش والتفكير في الأسباب. علينا كإعلاميين أن نتحمّل مسؤولياتنا في ممارسة مهنتنا».
يرى عبد الكريم أنّه يفكّر بحرية وهو غير مرتبط بأجندات سياسية، «لا يستطيع الصحافي التابع لأجندة سياسية أن يبرع في عمله. أقدّر ظروف كلّ بلد، وأعلم أنّ الحرية المعطاة لي لا يمكن للكثيرين الحصول عليها في الدول العربية».
هل يمكن أن يحاور إرهابيًا؟ يجيب عبد الكريم، «لا يمكننا التعميم في هذا الموضوع، يجب التحضير للحوار والاعتماد على معلومات موثّقة حول المسمّى إرهابيًا، وعلينا أن نميّز بين البروباغندا والوقائع. لا جواب نهائيًا في هذا الموضوع. الجواب يكون تبعًا للحالة».
يقول عبد الكريم إنّه مستمر في عمل المراسلة، وسبق أن تعرّض للاعتداء من قبل حركة «بيغيدا» المناهضة للإسلام، «قررت أن أسألهم عن مشكلتهم، وعن خوفهم من الإسلام، لم يتقبّلوني وضربوني. لم أتوقّع أن أتعرّض للاعتداء في المدينة التي درست فيها. تضامن معي عدد كبير من الصحافيين، ورفعت قناة «DW» دعوى قضائية، لا أعرف أين أصبحت اليوم».
أبرز الحلقات التي قدّمها عبد الكريم في «شباب توك» هي حلقة قطر، بحسب تعبيره، «تحدثنا مع الشباب القطري عن التحديات اليومية والمواضيع المختلفة في العالم العربي. سألنا ماذا يريد، ودخلنا في الحوار إلى عوالم مختلفة مع الشباب. لم أكن أعلم الكثير عن المجتمع القطري. وكذلك الأمر بالنسبة إلى حلقة المغرب، حيث جرى النقاش حول دور الشباب في السياسة الملكية، وفي كردستان العراق، طرحنا تساؤلات حول الانفصال والعمل والأحلام»، مشيرًا إلى أن البرنامج مستمر في العام المقبل. «لست مذيعًا فقط، أذهب إلى الناس في عين المكان لأغطي الخبر أو أصنعه أو أشارك في صنعه. أمّا طموحي فهو أن يكون لي ستايل عالمي خاص بي».
لا معلومات كافية لدى عبد الكريم عن الإعلام اللبناني ولكنّه يتابع التقارير الصادرة حول حرية الإعلام في العالم بحسب «مراسلون بلا حدود» ويعرف الواقع إلى حد ما. «أتابع بعض البرامج الاجتماعية كونها من اهتماماتي، أتابع السوشال ميديا وأحترم كل الزملاء. زرت لبنان في جولاتي مع البرنامج أكثر من مرة، وقدّمت حلقات عدّة، منها عن الطائفية أيام الحراك المدني وآخرها عن الزواج المدني، صوّرت في حديقة الصنائع، وعرضتها قناة «الجديد» يوم الثلاثاء الماضي. وبحسب تعاون «DW» مع عدد من المؤسسات الإعلامية العربية، يبث «شباب توك» عـــبر قنـــاة «المستقبل» كل ثلاثاء عند العاشرة والنصف ليلاً.
يختم عبد الكريم بالقول «أقوم بعملي بشكل أراه صحيحًا. أتابع السياسة اللبنانية كما في البلدان الأخرى، لأنّ انتمائي إنساني قائم على المساواة والحقوق الكاملة. لا أبالي بانتماءات الناس السياسية والطائفية. حياتي حقيبة سفر، أبحث عن الإنسان. بحثي ليس مرتبطًا ببرنامجي فقط بل هو إيماني. بتّ اليوم أفهم معنى كلمات أغنية مرسيل خليفة (كل قلوب الناس جنسيتي). أحترم الناس كيفما كانوا ومهما كانوا».

«حياتي حقيبة سفر»
ولد جعفر عبد الكريم في ليبيريا وترعرع في سويسرا ولبنان ويقيم حاليًا في ألمانيا. درس التقنية المعلوماتية الإعلامية في جامعتي «دريسدن» الألمانية و «إينزا» في مدينة ليون الفرنسية، بالإضافة إلى دراسة الماجستير في العلاقات العامة والإدارة القيادية في «جامعة كوادريغا» بالعاصمة الألمانية برلين.
شارك في دورة للإخراج في أكاديمية لندن للأفلام. وعمل في إذاعات وقنوات تلفزيونية ألمانية قبل أن ينضمّ إلى قناة «دويتشه فيليه» منذ 8 سنوات. عمل معدًا ومحررًا و Video journalist في برنامج «شباب بلا حدود» بين القاهرة وبرلين، وقدّم بعض حلقاته، بالإضافة إلى عمله في قسم التخطيط لنشرة الأخبار، وخلال الثورات العربية قام بتغطية الأحـداث من مصر وتونس وليبيا، ويعدّ ويقدّم برنامج «شباب توك» منذ أربع سنوات.
اختارته مجلة «ميديوم» الألمانية المعنية بالإعلام واحداً من ضمن أفضل ثلاثة مراسلين في ألمانيا. وحاز برنامجه «شباب توك» الجائزة الأولى في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في تونس العام 2015 لأفضل برنامج حواري في العالم العربي، بالإضافة إلى الجائزة الثانية في فئة الومضات التوعوية لفيديو «شباب يصرخ لا للإرهاب»، وهو من تنفيذه وفكرته.
لدى عبد الكريم Videoblog على موقع دير شبيغل كما يكتب عموداً في صحيفة الألمانية Zeit Online، ورُشّح فيلمه الوثائقي «ما بعد العاصفة» لنيل جائزة أفضل فيلم في مهرجان أفلام لحقوق الإنسان في نيويورك. انتهى أخيرًا من العمل على فيلم وثائقي عن الاقتصاد في مصر ويعمل حاليًا على فيلم آخر حول موضوع التمييز على أساس الجنس.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى