هاجرت وحدك يا غريب..للشاعر يوسف أحمد أبو ريدة

خاص (الجسرة)

هاجرتَ وحدَك
يا “غريبُ ”
فلم ترَ الأشياءَ من سَمِّ الخِيِاطْ

ومنحتَ عينيك المَدى
ونظرتَ من كلّ الزوايا
واستقمتَ على الصراطْ

هاجرتَ وحدكَ
إذ ذخرت الحبّ ثرّا في سنامِ
فؤادكَ المجبولِ من طين المودَّةِ
مذ وُلِدْتَ وسرتَ وحدكَ
في هجيرِ العيشِ
موثوقَ الرباطْ

هاجرتَ وحدَكَ
مثْقلا بالهمِّ
لمْ تعبأ بخمر فنونهم
كلا ولا نزفتْ قصائدكَ الأبيّة
في البلاطْ

ومضيت وحدك حينما
ضاقتْ بحبِّك كلُّ أفئدة الذين تزلّفوا
لمناصب الدنيا الغَرورِ، فأجمعوا
أن يرتدوا وجهَ الجَمالِ
ليفرشوه لموكبِ الكذب
البساطْ

قد كبّلوك بجبنهم
واستعذبوا هدم المعاني والمباني
واستطابوا إذ نظَمْتَ حلومهم
أن يتركوها
لانفراطْ

فجنحتَ وحدَكَ في طريق الصبرِ
لا “لقمانهم” أنساك نفسَك
لا ولا ” بشّارُهم ” رفَّتْ له أجفانُ شِعرك
في زمان الانحطاطْ

ومضيتَ وحدَك والطريقُ إلى ” المدينةِ”
حولَها انتصبتْ مشانقكَ الكثيرةُ
والإشاعات الثقيلةُ
والسياطْ

هاجرتَ وحدَكَ
والخيولُ تخبّ بالفرسانِ خلفَ ” سراقَة ” تبغيكَ حيّا
كي توجّه في خلاياكَ الأصيلةِ
كلّ أشرعةِ النشاطْ

وجنحتَ في الصبح البهيمِ
لغار صدقكَ، ما وجدتَ حمامةً
تحمي رؤاكَ بفرخها
كلا ولا نسجتْ على طفل احتراقكَ
عنكبوتُ الغارِ
من دمها القماطْ

هاجرت وحدك يا ” غريب”
مدججا بالحبّ والآمال
في درب الطهارةِ
فاستقمْ لا تلتفتْ
لا تبتئسْ
فمواكبُ “الأنصارِ” ترنو… ترقبُ
الصبحَ البشيرَ على عيونك
منذ أن رشفتْ شفاهُك سنّةَ الهادي البشيرِ
ورحتَ ترسم فجرَ دولتِك الرشيدةِ
بانبساطْ

هاجرتَ وحدك
فاصطبر زمنا
لتنشر في خلايا الأرض
مِسْكَكَ
ليس غيرَك مَنْ تراه عريسَها الموعودَ
في أرض الرباطْ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى