إلى نفسي إلى ولدي ( أحمد )..للشاعر أكرم الزعبي

خاص ( الجسرة )

 

يا ولدي …
لا تُثقل رأس أبيك بثرثرة الأطفالْ ،،،
فأبوكَ الكهلُ غدا طفلاً
والأبيضُ يا ولدي زلزالْ ،،،
يا ولدي
يا أحمدَ أكرمَ من في قلبي ،،
لا تتبع أثري حين أغادرُ كلّ صباحْ
قُبلتُكَ الـ تلحقُني حتّى السيّارةِ
تخنِقُ وجه أبيكَ الهاربِ
من وطنٍ ذبّاحْ ،،،
قُبلتُكَ الـ تكسرِني
الـ ترفعُ ضغط شراييني
تملؤني فوضى ونواحْ،
يا احمدُ
يحتاجُ أبوكَ لأنْ يرتاحْ
يا أحمدُ
ضيعت المنسيّ من العمر وضيّعتُ الآتي
أسرفتُ على نفسي باللومِ فيا ولدي
لاتكتب تاريخي في دفتر أحلامكَ
فأنا لا أرغبُ في نسخِ حياتي.
يا أحمد
في هذا الليلِ المعجونِ بصمت الحزنِ
تفيقُ الأسرارُ على خيبتها ،
تتموضعُ في ( نِنّ ) القلبِ
وتخلعُ ما يخفي سوءتها ،
تتبدّى
حالاتُ الروحِ
الواحدةُ بإثْر الأخرى
يتلبّسُني ضيقُ المجرى
فأخورُ كثورٍ مذبوحْ
يا أحمدُ
قلقي مجروحْ .
يا أحمدُ نتقاسمُ ذاتَ ( الجينْ )
وكأنّي ألمحُ فيكَ جنوني
حين تطارد وهمكَ في وجه الماءِ
وتتركُ خلفك بعض الطينْ
يا ولدي خذ عني سطراً :
لا تتبع أثر القلبِ فتشقى
وتضلَّ إلى يوم الدينْ.
يا أحمدُ
تثقبني الأيام كثوبٍ بالٍ
ظلّ على حبل غسيلٍ
حتّى مصّت
شمسُ حزيرانَ بقايا اللونِ
وعاد كليلٍ
يتلبّسُ جسد امرأةٍ
تأوي للحزنِ
إذا فاجأها
حفلُ زفاف شقيقتها ،
يا أحمدُ ….
من غيرُ الثوبِ يداري
حزنَ أنوثتها !!
يا أحمدُ
أحملُ ماء الضوءِ
وأسري كلّ صباحٍ
كي أسقي
ورد حديقتنا البلهاءْ ،
يا أحمدُ
يجرحني الشوكُ
تُجرّحني الأوراقُ
فكيف أتيتَ إلى وطنٍ
لم يعرف وجه أبيكَ !!
وكيف رضيتَ بميلاد الخوفِ
وكيف تحمّلت الأسماءْ !!
يا أحمدُ
تسكنني
تلك الزهرةُ خضراءُ العينينِ
وتشهقُ حين تراني
أتلمسُ عطر أنوثتها،
يتسللُ شبقُ الليل إلى حجرتها
تستيقظُ نافذةٌ
لم تعرف يوماً عنواني،
في طرف الغرفةِ ( دبدوبٌ)
يحملُ رائحتي،
يتمنّى
لو أنّ الزهرة
تنقذه من هذا الموتْ
لكنّ الزهرة
تحضنُ شاشة هاتفها
وتقبّلُ وجه وسادتها
وتنامُ على أملٍ بالنومْ.
يا أحمدُ
ها أنت تفكُّ ثياب اللغةِ
وبعد قليلِ
سأراك تُعرّي كلماتي
يا ولدي
لا تهتك سرّ أبيك
ودع غيرك يتولّى اللومْ.
يا أحمدُ
ما ذنبك تحمل وزر الشهواتِ العابرةِ !!
وما ذنب طفولتكَ
وما ذنب الجسدِ الغضِّ ليدخلَ في قائمةِ العمليّاتْ !!
يا أحمدُ
هل ذنبك أنّي صرتُ أباكَ !!
وهل ذنبي أنّي
خبّأتُكَ لزمانٍ آتْ !!
قل لي !!
كيف أجيبُك لو وقَفتْ قدماكِ على قبري
وتساءلتَ : أيا أبتي،
ما ضرّك لو بعت حنينكَ،
وبقيت وحيداً، حجراً،
لايشعرُ مثل اللاتْ !!
يا أبتي
قلبكَ في قلبي ما ماتْ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى