رحيل الناقد المصري الطاهر مكي

غيّب الموت العلّامة المصري الدكتور الطاهر مكي أحد رواد الأندلسيات والدراسات النقدية عن 93 سنة، مخلفاً إرثاً علمياً ضخماً من المؤلفات والدراسات، فضلاً عن تلامذته ممن نهلوا من علمه في مصر حيث عمل أستاذاً للأدب المقارن في كلية دار العلوم، إضافة إلى تونس والمغرب والجزائر والإمارات وإسبانيا حيث عمل أستاذاً زائراً.
ونعى وزير الثقافة المصري حلمي النمنم رحيل “رائد أثرى المكتبة العربية بالعديد من الدراسات المقارنة بين الأدب العربي والأدب الأندلسي الأميركي… والذي سيظل حاضراً بمؤلفاته وتلاميذه” وفق قوله.
يعدّ مكي رائداً لجيل ثانٍ في الأدب المقارن متعدياً انحصاره الأول في المنهج الفرنسي الذي استمر منهجاً وحيداً تخضع له الدراسات العربية منذ نقله إليها الدكتور غنيمي هلال في كتابه “الأدب المقارن” عام 1952، إلى أن قاد مكي طفرة علمية توسعيّة في ذلك الحقل عقب عودته من بعثة دراسية في إسبانيا مؤلفاً كتابه “الأدب المقارن أصوله وتطوره ومناهجه” عام 1987 وفيه توسعت النظرة إلى المنهج النقدي عبر مناهج عدة أبرزها المنهج الأميركي.
طفرة العلامة المصري لم تقتصر على الأدب المقارن، فالمتتبع لحياته منذ نشأته في إحدى القرى الفقيرة التابعة آنذاك لمحافظة قنا (جنوب مصر) يلحظ طفرات عدة أصّل لها بنفسه. تلقى دراسته الأولى في كُتاب القرية مبدياً تفوقاً ملحوظاً فأتم حفظ القرآن في سن صغيرة، ثم التحق بالمعهد الأزهري في قنا حتى الصف الثالث الابتدائي وكان وقتها بدأ في مراسلة الصحف ونشر له مقال أول خلال تلك الفترة، ثم سافر إلى القاهرة لاستكمال تعليمه وهناك عمل في دورية صحافية نصف شهرية بصورة ثابتة.
حصل مكي على درجة البكالوريوس في الأدب في كلية دار العلوم عام 1952، ومن ثم سافر إلى إسبانيا وفيها حصد درجة الدكتوراه في الأدب والفلسفة عام 1961. مكث مكي في إسبانيا تسع سنوات أتقن خلالها اللغة الإسباينة، مطلعاً على المؤلفات الأندلسية فبات أحد أهم الباحثين في الأندلسيات، وراسل جريدة الأهرام المصرية بترجمات من الأدب الأندلسي نشرت بصورة منتظمة في ملحق الجريدة. تباينت جهوده بين التأليف والتحقيق والترجمة، عابراً بين العصور بداية من التحقيقات التراثية التي تميزت بإسهابها وتوثيقها، وصولاً إلى الإنتاج الحديث في القصة القصيرة ومختاراتها.
حصد أستاذ الأدب جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1992، وفي العام ذاته نال وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى، ومن ثم جائزة التميز من جامعة القاهرة عام 2009.

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى