مشكلتنا الثقافية اليوم!

جواهر آل ثاني

يحكي فيلم (الأدب الأمريكي) American Fiction، قصة روائي أسود مغمور، يواجه الواقع الذي تُباع فيه الروايات السطحية المتوقعة الأحداث والبسيطة، بينما تُهجر الروايات الجيدة والمكتوبة بإتقان.. ومنها رواياته. يبدأ الكاتب في كتابة رواية، يُسطر فيها كل أنواع الصور النمطية عن السود في الولايات المتحدة الأمريكية، ويرسلها إلى وكيله الأدبي الذي يرسلها بدوره إلى دور النشر المختلفة على سبيل الدعابة والتحدي، فيتفاجأ برغبة دار نشر في نشر روايته بل وتحويلها إلى فيلم!.
لن أحرق عليكم الفيلم، ولكنه فيلم قد شاهدتموه من قبل! الفيلم أخبر الواقع الذي نعيش فيه. الأفلام الفارغة هي التي تملأ مقاعد السينما، والروايات السطحية هي التي تُباع بينما تعيش الروايات الرائعة في المخازن! هناك وهنا، ولكن هُنا أكثر من هناك!
من يذهب إلى معارض الكتب التي تُعقد سنوياً في دول الخليج، سيفهم ما أرمي إليه. يزدحم الناس وينتظرون في الطوابير عند كُتاب الروايات البسيطة والعادية الذي يكتب بعضهم بلهجته العامية والتي قد لا يفهمها أي متحدث باللغة العربية. وفي الوقت نفسه، يهجرون أصحاب الأقلام القوية العميقة التي تهز العروق وتحرك الدماء بكلماتها وحروفها!
مشكلة التوجه إلى الكتابات السطحية السخيفة والتي لا ترقى حتى أن تنشر في تغريدة فما بالكم في كتاب، تحمل عدة أسباب. من أهمها هو تأثر ذائقة بعض القراء نوعاً ما بتغيرات العصر السريع الذي نعيش فيه. فمالوا أكثر إلى الكتابات الخفيفة التي لا تؤلم الرأس ويمكن بلعها والانتهاء منها بسرعة.
وسبب آخر هو ركوب بعض دور النشر على موجة البيع السريع لأي شيء مربح! فدور النشر هذه لا تهتم بجودة ورسائل الاعمال التي تنشرها بقدر اهتمامها بقدرتها على بيعه لأكبر شريحة من الناس!
هذا واقعنا المؤسف الذي نجد فيه الكتب السطحية تُباع بينما الكتب القيمة قابعة في المخازن وفي الصناديق لإفساح المكان للكتب الفارغة!
نحتاج إلى توعية وإعادة تأهيل القراء حول اختيارات الكتب التي يقرؤونها. لا بأس في قراءة بعض الكتب السخيفة كنوع من الترفيه بشرط ألا تكون هي نوعية الكتب التي نقرأها في معظم أوقاتنا!
اختاروا كتبكم بعناية، فهي ما سيشكل ذائقتكم وهي ما سيملأ الأفكار في رأسكم!

** المصدر: جريدة”الشرق”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى