روايات فيسبوك.. تشويق ونقد مبكر

الجسرة الثقافية الالكترونية

بعد نشر فصولها على فيسبوك أصدر الروائي المغربي عبد الواحد استيتو روايته الثانية “المتشرد” في نسخة ورقية، وتتمحور أحداث الرواية حول شاب يدعى عماد يفتقر المأوى ويعيش مشردا في طنجة المدينة التي يحب كثيرا، ويجد نفسه وسط مغامرات ومخاطر خلال مواجهته مع رجل أعمال فاسد.

في هذه الرواية استعرض استيتو حياة رجل مسحوق ومهمش يعيش الحياة بعيدا عنها تماما، ويحتال على الحياة نفسها عبر اقترافه أخطاء صغيرة أو جرائم مبررة من وجهة نظر الشر الذي يدور في العالم ليستطيع الاستمرار في الحياة، فيقترف الاحتيال والسرقة والاختطاف لأجل الوصول الى كتاب والترهاريس الذي يعتبره عماد ثروة غير مادية لكل الطنجاويين.

وهذه الرواية هي الرواية الثانية الفيسبوكية كما اصطلح على تسميتها فقد أصدر استيتو أول رواية “على بعد ميلمتر واحد” ورقيا بعد نشر فصولها على صفحة تفاعلية فيسبوكية وجاءت “المتشرد” روايته الثانية التي شارك فيها القراء أولا بأول عبر صفحتها على فيسبوك قبل نشرها مؤخرا في نسخة ورقية.

وما يثير الاهتمام في مثل هذه التجربة المتابعة الكبيرة التي حظيت بها الرواية منذ نشر فصولها الأولى على فيسبوك ووصول قرائها إلى الآلاف، وهذا يشير إلى أن القارىء العربي ما يزال يقرأ الأعمال الطويلة ويتابعها بشغف على الرغم من المقولات التي ادعت بأن القارىء في عصر الثورة التكنولوجية والسرعة المتلاحقة للاحداث يبحث دائما عن وجبة سريعة وبسيطة ولا تأخذ منه الوقت الطويل في تناولها، لكن الاعمال الروائية الطويلة والمثيرة للاهتمام التي صار كتابها ينشرون فصولا منها على الانترنت كشفت عدم دقة هذا الادعاء.

أما ما أثار اهتمام القارىء في تجربة الرواية الفيسبوكية فهو التشويق والمتعة الذي اعتمدت عليه طريقة نشر الرواية التي تشكلت في فضاء حر ومستقل، شارك القراء الكاتب بتعليقاتهم وتوجيهاتهم التي جاءت مختلفة ومتباينة تبعا للخلفيات المعرفية والذائقية للقراء، فالكتابة بهذا الشكل تركت للقراء مساحة كبيرة للمشاركة التفاعلية في أحداث الرواية أولا بأول، كل حسب رؤيته الجمالية أو الأدبية أو الواقعية.

وتعتبر تعليقات القراء على الأعمال التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي نوعا من النقد المبكر على العمل المنشور، فهو وإن كان نقدا انطباعيا سريعا لكنه يثري رؤية الكاتب أولا بأول ويجعله يتفهم ميول وأذواق القارىء الذي يكتب إليه، فالنصوص التي يتفاعل معها القراء وخاصة النصوص الروائية هي نصوص مفتوحة على الذوق والرؤية الخاصة بقارىء معين وإن كان الكاتب هو صاحب الأمر في تشكيل الحدث إلا أن القارىء الواعي يساهم كثيرا في تغيير خطة الكاتب أحيانا.

ومن الجدير الإشارة إلى أن القراء وبالذات القراء الشباب باتوا يقبلون على التجارب الكتابية الجديدة المتعلقة بالانترنت، فأصبحت تسميات مثل: رواية فيسبوكية أو قصيدة أو قصة تفاعلية أو كتابة ترابطية تثير اهتمامهم ومتابعتهم، ذلك أن أغلب أوقاتهم يقضونها أمام جهاز الكمبيوتر الخاص بهم.

المصدر: ميدل ايست اونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى