لغة الخلود…للشاعر يسري الصياد

الجسرة الثقافية الالكترونية-خاص-

 

مَنْ ذَا يُضَارِعُ فِي الْبَيَانِ بَيَانِي
أَوْ سَوْفَ يُدْرِكُ لَحْظَةً سُلْطَانِي
مَهْمَا تَكَاثَرَتِ الْلُغَاتُ فَكُلُّهَا
سُفُنٌ تَسِيرُ عَلَى هُدَى شُطْآنِي
أُمُّ الْلُغَاتِ أَنَا ، وَ بِرِّي وَاجِبٌ
وَ رِضَايَ بَعْضٌ مِنْ رِضَا الرَّحْمَنِ
وَ الْحَرْفُ حِضْنٌ إِنْ رَضِيتُ ، وَ لَا غِنًى
أَبَدًا لِهَذَا الْكَوْنِ عَنْ أَحْضَانِي
وَ يَفُورُ بُرْكَانُ الْحُرُوفِ لِغَضْبَتِي
فَلْتَحْذَرِ الدُّنْيَا لَظَى بُرْكَانِي
كَمْ مِنْ غُزَاةٍ حَاوَلُوا سَجْنِي لِكَيْ
أَفْنَى فَيَسْهُلَ سَلْبُهُمْ أَوْطَانِي
وَ صَمَدْتُ صَابِرَةً عَلَى مَا أَزْمَعُوا
فَالصَّبْرُ يَكْسِرُ شَوْكَةَ السَّجَّانِ
فَتَحَرَّرَتْ أَرْضُ الْعُرُوبَةِ كُلُّهَا
وَ الْفَضْلُ للهِ الَّذِي أَحْيَانِي
فَأَنَا اقْتَسَمْتُ مَعَ الْخُلُودِ وُجُودَهُ
مُذْ أَنْ عُصِمْتُ بِعِصْمَةِ الْقُرْآنِ
خَيْلٌ أَنَا لَا يُسْتَهَانُ بِهَا ، فَمَنْ
ذَا سَوْفَ يَمْلِكُ صَهْوَتِي وَ عِنَانِي
أَرْتَادُ أَرْوِقَةَ الشِّفَاهِ أَنِيقَةً
فَتَهِيمُّ سَكْرَى مِنْ رَجِيعِ دِنَانِي
لَمَّا مَسَسْتُ لِسَانَ ” يَعْرُبَ ” أَشْرَقَتْ
شَمْسُ الْبَلَاغَةِ فِي رُبَى “قَحْطَانِ”
وَ بِفِيهِ “إِسْمَاعِيلَ” سِرْتُ فَأَيْنَعَتْ
دَوْحُ الْفَصَاحَةِ بَعْدُ فِي “عَدْنَانِ”
فَأَنَا الْعَزِيزَةُ ، يَسْتَقِي مِنْ عِزَّتِي
مَنْ عَاشَ يَحْلُمُ عُمْرَهُ بِكِيَانِ
أَقْسُو ، وَ أَحْنُو كَيْ يَرَى الْبُلَغَاءُ مَا
سَيَنَالُهُمْ مِنْ قَسْوَتِي وَ حَنَانِي
وَ الْمُحْسِنُونَ إِلَيَّ يَحْدُوهُمْ ضِيَا
عَيْنَيَّ ، فَالْإِحْسَانُ بِالْإِحْسَانِ
ذَا “سِيبَوَيْهُ” تَعَلَّقَتْ أَنْفَاسُهُ
بِي ، فَارْتَوَى مِن زَمْزَمِي وَ جِنَانِي
وَ تَنَافَسَ الشُّعَرَاءُ فِيَّ فَخُلِّدُوا
وَ فَنَى مَلِيًّا مَنْ نَأَى وَ جَفَانِي
وَ سَلُوا “زُهَيْرًا” وَ “امْرَأَ الْقَيْسِ” ، اسْأَلُوا
“بِشْرًا” وَ “عُرْوَةَ” ، وَ اسْأَلُوا “الذُّبْيَانِي”
مِنْ غَابِرِ الْأَزْمَانِ لَبَّوْا مَطْلَبِي
لَمَّا أَشَرْتُ إِلَيْهِمُو بِبَنَانِي
أَهْدَوْا مَحَبَّتَهُمْ إِلَيَّ ، فَجِئْتُهُمْ
بِلَآلِئِي وَ زُمُرُّدِي وَ جُمَانِي
وَ نَثَرْتُهَا حُبًّا عَلَيْهِمْ ، فَاعْتَلَوا
قَبْلَ الْأَمَاكِنِ صَهْوَةَ الْأَزْمَانِ
وَ تَوَالَتِ الشُّعَرَاءُ تَتْرَى بَعْدَهُمْ
كُلٌّ يُجِيبُ كَمَا يَشَاءُ أَذَانِي
وَ أَنَا أُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ ، كُلٌّ بِمَا
أَبْلَى ، وَ بِالْبُرْهَانِ وَ الْمِيزَانِ
أَنَا دَوْحَةٌ ، وَ الْمُبْدِعُونَ بَلَابِلٌ
تُلْقِي قَصَائِدَهَا عَلَى أَغْصَانِي
فَيُرَطِّبُ الْأَجْوَاءَ فَوْحُ عَبِيرِهَا
يَنْسَابُ فِي الْأَرْوَاحِ وَ الْأَبْدَانِ
وَ أَنَا خِضَمُّ الضَّادِ ، دُرٌّ قَاعُهُ
يَا سَعْدَ غَوَّاصٍ تَفَهَّمَ شَانِي
فَإِذَا وَعَى قَدْرِي ، تَفَوَّقَ دَائِمًا
أَبَدًا عَلَى الْأَصْحَابِ وَ الْأَقْرَانِ
وَ أَنَا مَدِينَةٌ الْكَمَالُ رُوَاؤُهَا
وَ لِأَجْلِ هَذَا أَنْتَقِي سُكَّانِي
فَإِذَا رَغِبْتُمْ فِي وِصَالِي ، فَابْحَثُوا
تَجِدُوا قُلُوبَ أَحِبَّتِي عُنْوَانِي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى