رحيل الأديب السوداني سعد إبراهيم عمل في الصحافة وقدم ألوانا متعددة من الكتابة الإبداعية

صلاح الدين مصطفى

فجع السودانيون صباح امس بخبر رحيل الشاعر والكاتب الدرامي والصحافي سعد الدين إبراهيم، إثر مرض لم يمهله طويلا، ويمثل سعد الدين الحيوية الكاملة لجيل من المبدعين السودانيين، جعل من الكتابة مهنة وحرفة، وقدم ألوانا متعددة من أجناس الكتابة الإبداعية.
عرف الراحل شاعرا متميزا ومجددا في مجال الأغنية السودانية بدءا من قصيدته «أبوي» ثم أغنية «العزيزة» التي تعتبر جواز مرور لكل المطربين الشباب الذين تغنوا بها، قدمها أكثر من عشرة مطربين، وظهرت من خلالها الأفكار اليسارية وقيمة المرأة ودورها في المجتمع رغم أنها أغنية «عاطفية». لكن الأغنية التي شكلت نقلة كبيرة في المسار الغنائي السوداني هي «حكاية عن حبيبتي»، التي يؤديها الفنان أبو عركي البخيت، فقد اشتملت على مضامين جديدة لم تكن معهودة في الأغاني السودانية، وأدخلت مفردات لم تكن معروفة في مسيرة الغناء في السودان مثل «الرواكيب والأُوض».
قدم الراحل العديد من الأغنيات تجاوزت العشرين، منها «حصار» التى تغنيها فرقة عقد الجلاد، و»ذكراك» للفنانة أسرار بابكر، وغنى له الفنان الراحل محمد وردي أغنية «نهر العسل، وكذلك أغنية «نتفق أو نختلف» التي تعبرعن التعدد الاجتماعي والثقافي والديني في السودان، وعكف في السنوات الأخيرة على تقديم أغنية «قصيرة جدا» سماها «الثلاث ثواني» وهي تشبه قصائد الهايكو اليابانية.
نشأ سعد الدين إبراهيم في مدينة أم درمان التي تشكل الضلع الثالث للعاصمة السودانية بجانب الخرطوم وبحري، التي انتقل إليها قبل 28 عاما ليستقر في مدينة حلفاية الملوك حتى وفاته، وفي أم درمان نشأ في حي الاسبتالية الذي كان يضم العديد من المبدعين في مجالات الفنون المختلفة.
تلقى تعليمه الابتدائي في بيت المال، ثم مدرسة الأميرية الوسطى فالخرطوم الثانوية العربية وتخرج في كلية الآداب في جامعة القاهرة «فرع الخرطوم» قسم الاجتماع.
عمل منذ شبابه في الصحافة بداية في مجلة «الإذاعة والتلفزيون»، ومجلة «الملتقى» وترأس تحرير العديد من الصحف منها صحيفة «ظلال» و«الحياة والناس» و»الحرية» و«الجريدة» و«دنيا»، وأشرف على الملف الثقافي في صحيفة «أخبار اليوم» وكتب في صحف «حكايات، الصحافة، الرأي العام، آخر لحظة» وغيرها من الصحف.
وعُرف بديمقراطيته وتشجيعه للأفكار الجديدة، وتعرض للمحاكمة لمرات عديدة في قضايا النشر، وظل يكتب عمودين أحدهما باسم «الصباح رباح» والثاني حمل اسم «النشوف أخرتا» ويحمل هذا العنوان معاني ودلالات معروفة في المجتمع السوداني، وتميزت كتاباته بالبساطة وتحليل الظواهر الاجتماعية والغوص في قضايا الناس والمجتمع.
اشتهر بكتابة الدراما الإذاعية وقدمت له الإذاعة السودانية «حكاية من حلتنا» لسنوات طويلة وكتب القصة القصيرة ونشرت له مجلة «الدوحة» قصة «باب السنط» في وقت مبكر، وتحولت بعد ذلك إلى مسلسل إذاعي، كما نشر قصصه في مجلة «العربي» الكويتية، ورغم تفوقه في مجالات عديدة من الكتابة، لكنه يصنف نفسه ساردا ويقول إنه «حكاّي» وهي المفردة التي تقابل السارد بالعامية السودانية.

(القدس العربي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى