مهرجان «كرامة» لأفلام حقوق الإنسان.. سينما الراهن

علي زراقط

في الحادي والعشرين من تموز، تنطلق النسخة الأولى من مهرجان «كرامة لأفلام حقوق الإنسان»، تحت عنوان «الآخرون». وتستمرّ العروض حتى الثالث والعشرين منه في سينما «ميتروبوليس» (سنتر سوفيل). ليست قليلة مهرجانات الأفلام في لبنان، وبالأخص في بيروت، إلا أن الالتفات إلى المهرجانات المتخصّصة يبدو أمراً جديداً. حيث يشهد العالم منذ سنوات عدة، انتشار هذا النوع من المهرجانات، وهي المهرجانات المتخصّصة في نوع معيّن أو في قضية ما.
الفكرة من إنشاء وتنظيم المهرجانات السينمائية المتخصصة، تكمن في الربط بين النشاط الثقافي الاجتماعي والقضايا التي تهمّ الجهات المنظمة، إذ بتنا نشاهد مهرجانات لأفلام الموسيقى، أفلام المثليين، أفلام اللاجئين، أفلام السود، أفلام السياحة، حقوق النساء، والأطفال… لا حدود للتيمات والقضايا التي يمكن للأفلام أن تدعمها أو تحملها.
يأتي المهرجان بمبادرة من جمعة «معمل ٩٦١ للفنون» حاملاً عنوان «الآخرون»، محاولاً تسليط الضوء على ماهية الآخر في مجتمع، عبر عروض أفلام تتناول مواضيع تتطرّق إلى هذا الأمر، كما عبر عدد من النشاطات والندوات التي تستمرّ إلى ما بعد انتهاء فعاليات المهرجان، بهدف تسليط الضوء على أفلام السينما الرافضة للعنصرية وخطاب الكراهية والتمييز، لأجل تعزيز الوعي والمساهمة في احترام حقوق اللاجئين والأقليات، فضلاً عن التشجيع والتحفيز على التضامن والدعم والعمل من أجل التغيير.
في فيلم الافتتاح «منازل بلا أبواب»، وثائقي سوري من ٧٠ دقيقة لآفو كابرياليان، يسعى المخرج إلى التقاط صور الحياة اليومية في مدينة تحت الحرب. من خلال شرفة منزل عائلته الكائن في حي الميدان في حلب، يصوّر مرور السيارات والبشر، وسقوط قذائف تظهر بغيومها السوداء في الأفق. هذه الحرب الخارجية ستنعكس حتماً على حياة العائلة السورية من أصل أرميني، وعلى علاقتهم بالمكان. فيلم كابرياليان يَعِد باكتشاف ما، ربما شاهدنا مثيله في الكثير من الأفلام الوثائقية اللبنانية، إلا أن مفارقة العيش على حدود الحرب تبقى تجربة عالية الخصوصية وتستحقّ المتابعة.
أما فيلم الاختتام «الغضب الأبيض»، وثائقي فنلندي من ٧٣ دقيقة لأرتو هالونن، فيروي حكاية لوري الذي تعرّض للتنمّر والضرب تكراراً منذ صغره، الأمر الذي أودى به إلى الهوس بالأسلحة وخيالات عن الانتقام. يستعرض الفيلم قصة لوري، متشابكة مع مشاهد من إعادة التمثيل ولقطات إخبارية لهجمات دموية تصوّر خيالات الرجل عن طريقته في الانتقام. في محاولة لتسليط الضوء على بعض النواحي المهملة من العنف الاجتماعي المتمثل الذي يولد عنفاً مضاداً يجرنا إلى حمام دم، وحتى مجازر سمعنا عنها في المدارس والأماكن العامة.
وبين هذين الفيلمين يعرض المهرجان مجموعة من الأفلام القصيرة وأفلام التحريك القصيرة، بالإضافة إلى الفيلم الوثائقي اللبناني «أرق» لديالا قشمر الذي يروي قصة مجموعة من الشباب الذي يلقبهم المجتمع عادة بـ «الزعران»، في حيّ ينظر له اللبنانيون بكثير من الريبة. أما فيلم «قصة حب سورية» (وثائقي ٧٥ دقيقة) لشون ماكاليستر، فيروي قصة رومانسية تمتدّ على خمس سنوات تتشابك في تفاصيلها من حكاية البلد والحلم بالثورة والحرية. فيما ينظر فيلم ديما الجندي الوثائقي «أصداء الظلال» نظرة مختلفة إلى تجربة اللجوء السوري إلى لبنان عبر مرافقة مجموعة من الفنانين السوريين.
بعيداً عن القيمة السينمائية للعروض، والأفلام المشاركة، فإن ظهور مهرجانات أفلام تُعنى بمواضيع متخصصة تستطيع أن تربط ما بين الشأن السينمائي والشؤون الحياتية والاجتماعية الخاصة بالمواطنين، هو عمل ضروري ويصبّ في مصلحة السينما كما في مصلحة القضايا التي تتناولها هذه الأفلام.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى